العاصــي لا يكفــــر بمعصيتـــــه ما لـــــــم يستـــــــحلهــــــــا
بسم الله الرحمن الرحيم
السائل
سماحة الوالد : نعلم إن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ، ولكن هناك - للأسف - من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا ، وفيه شيء من التخاذل ، وقد قيل هذا الكلام ؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير .
الجواب
هذا غلط من قائله ، وقلة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي ، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق ، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج ، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .
فالخوارج كفروا بالمعاصي ، وخلدوا العصاة في النار ،
والمعتزلة وافقوهم في العاقبة ، وأنهم في النار مخلدون فيها . ولكن قالوا : إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين ، وكله ضلال .
والذي عليه أهل السنة - وهو الحق - أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها ،
فإذا زنا لا يكفر ،
وإذا سرق لا يكفر ،
وإذا شرب الخمر لا يكفر ،
ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود ،
ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال : إنها حلال ،
وما قاله الخوارج في هذا باطل ، وتكفيرهم للناس باطل ؛
ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم :
{ إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه ، يقاتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان } .
هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم ،
فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة ،
بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية ،
فيقفوا مع النصوص كما جاءت ،
وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه ،
بل عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة ، بالطرق الطيبة الحكيمة ، وبالجدال بالتي هي أحسن ، حتى ينجحوا ، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير .
هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله عز وجل يقول : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع ،
وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور ، بالكلام الطيب ، والحكمة ، والأسلوب الحسن ، حتى يكثر الخير ويقل الشر ،
وحتى يكثر الدعاة إلى الله ، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن ،
لا بالعنف والشدة ، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة ،
مع الدعاء لهم بظهر الغيب : أن الله يهديهم ، ويوفقهم ، ويعينهم على الخير ، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق .
هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه : أن يهدي الله ولاة الأمور ، وأن يعينهم على ترك الباطل ، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن وبالتي هي أحسن ، وهكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن ، لا بالعنف والشدة ، وبهذا يكثر الخير ، ويقل الشر ، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه ، وتكون العاقبة حميدة للجميع .
المصدر
لشيخ الإسلام العلامة الشيخ / عبدالعزيز بن باز رحمه الله
منقول

فتاة تحب السلفية @fta_thb_alslfy
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

.
سؤال ساله الشيخ ابو الحسن الأشعري قال الشيخ :لأستاذه أبي علي الجبائي: ما تقول في ثلاثة أخوة، مات أحدهم مطيعاً والآخر عاصياً والثالث صغيراً ؟
فقال: إن الأول يثاب بالجنة، والثاني يعاقب بالنار، والثالث لا يثاب ولا يعاقب.
قال الأشعري: فإن قال الثالث: يا ربُّ أمتني صغيراً وما أبقيتني إلى أن أكبر فأومن بك وأطيعك فأدخل الجنة !! ماذا يقول الرب تعالى.
فقال: يقول الرب: إني كنتُ أعلم أنك لو كبرتَ لعصيتَ فدخلتَ النار، فكان الأصلح لك أن تموت صغيراً.
قال الأشعري: فإن قال الثاني: يا رب لمَ لمْ تمتني صغيراً لئلا أعصي فلا أدخل النار ؟! فماذا يقول الرب ؟
فبهت الجبائي، وترك الأشعري مذهبه واشتغل هو ومن تبعه بإبطال رأي تخليد اهل الكبائر في النار وإثبات ما ورد به السنة ومضى عليه الجماعة، فسموا أهل السنة والجماعة.
.
سؤال ساله الشيخ ابو الحسن الأشعري قال الشيخ :لأستاذه أبي علي الجبائي: ما تقول في ثلاثة أخوة، مات أحدهم مطيعاً والآخر عاصياً والثالث صغيراً ؟
فقال: إن الأول يثاب بالجنة، والثاني يعاقب بالنار، والثالث لا يثاب ولا يعاقب.
قال الأشعري: فإن قال الثالث: يا ربُّ أمتني صغيراً وما أبقيتني إلى أن أكبر فأومن بك وأطيعك فأدخل الجنة !! ماذا يقول الرب تعالى.
فقال: يقول الرب: إني كنتُ أعلم أنك لو كبرتَ لعصيتَ فدخلتَ النار، فكان الأصلح لك أن تموت صغيراً.
قال الأشعري: فإن قال الثاني: يا رب لمَ لمْ تمتني صغيراً لئلا أعصي فلا أدخل النار ؟! فماذا يقول الرب ؟
فبهت الجبائي، وترك الأشعري مذهبه واشتغل هو ومن تبعه بإبطال رأي تخليد اهل الكبائر في النار وإثبات ما ورد به السنة ومضى عليه الجماعة، فسموا أهل السنة والجماعة.
.


الصفحة الأخيرة
رحم الله شيخنا عبدالعزيز بن باز على مابين ونصح للامة