العالم يقاطع اسرائيل ما عدا العرب
نقل عن ثائر تاريخي قوله: ان ارتفعت نبرة صوتك أمام عدوك فأنت مهزوم.
أين نحن من ذلك؟
ان كان صاحب هذه المقولة يحث الساعين نحو قضية عامة على الجلد في المواجهات على شاكلة ان يكونوا ساخني القلوب وباردي العقول فان برنامج عمل كبيرا او نهجا سياسيا مدبرا بإحكام يقبع في ثنايا ما قال.
المبتلون بصراع معقد ومتشابك كالعرب هم الاحوج لهذا النهج ، فنحن في خضم مرحلة تحرر وطني بشكله الاستعماري الاستيطاني المباشر في فلسطين فيما معظم أقطارنا تعاني الاستقلال الناجز في ظل تحالفات مفروضة من ناحية واستحقاقات عملية التنمية الشاملة.
أداؤنا كأمة على هذه الصعد يدفع الى الاحباط: انظمة لا تمتلك برامج واضحة ان لجهة الصراع مع اسرائيل وحاضنتها الولايات المتحدة أو مواجهة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية من الجهة الاخرى واحزاب معارضة تخب بين التيه والعجز وافتقاد البرامج البديلة ومؤسسات مجتمع مدني حائرة بين السياسة والمهنية في ظل القمع السلطوي.. وحوار بين الجميع أشبه بزعيق الطرشان.
نبرة أصواتنا مرتفعة على طول الخط وبغض النظر عن المناسبة لدى بدء اي نقاش سياسي.. لكننا في منتهى «الادب» والصوت الخفيض حين يتعلق الامر بالولايات المتحدة وفي بعض الاحيان اسرائيل.
اذن نحن على مسافة ثقافة وربما حضارة من مقولة «تشي غيفارا» السابقة.
متى تتحرر موائدنا من التبعية
المدخل بالطبع لا بد ان يشير الى الموضوع والجوهر هذه المرة يتصل بحملة المقاطعة العربية للبضائع الاميركية والاسرائيلية.
المنتج الاميركي بالتأكيد أقوى من حملتنا هذه لانه يستند أساسا الى الافتقاد لمنتجنا المحلي فحتى لو استبدلناه بآخر فرنسي او بريطاني تبقى اقتصاداتنا عاجزة ومن ناحية ثانية فان اعتمادنا الكامل في اهم موادنا الغذائية (القمح) على الولايات المتحدة يولد بالضرورة تبعية وجباتنا اليومية للعم سام هذا علاوة على التكنولوجيا التي غزت معظم منازلنا والمختبئة في الكمبيوترات التي لا تنتج سوى في «السيليكون فالي» الاميركي.
تأثير مقاطعتنا اذن في هذا المجال محدود الفعالية لكنه مهم ايضا لغايتين: تعليم ابنائنا على سلوك استهلاكي راشد بالابتعاد عن الاطعمة السريعة الضارة وما شابهها فيما ترن اجراس الانذار في البيت الابيض بان هناك تحركاً شعبياً سياسياً في الشوارع العربية ضد السياسات الاميركية.
منتوجات اسرائيلية متقنعة في الأسواق العربية
لكن ماذا عن مقاطعة البضائع الاسرائيلية؟.
في اواخر مايو الماضي اشتكى شراغا بروش رئيس مؤسسة التصدير الاسرائيلية عبر صحيفة «يديعوت احرونوت» العبرية من انخفاض حجم الصادرات الاسرائيلية الى الدول العربية بنسبة 29% لتبلغ بذلك أكثر من اربعمئة مليون دولار.
لكن بروش هذا لم ينس الغمز من قنواتنا الآسنة بمعلومات مفادها ان نسبة صادرات الدولة العبرية الى بلدان عربية لا تقيم معاهدات سلام مع اسرائيل ارتفعت الى الضعف في بعض الاحيان ولم يتوان عن الكشف ان عمليات التصدير هذه تتم عبر دولة ثالثة او وسيط آخر بتغيير ملصق دولة المنشأ.
وكم كانت درجة استهجاننا عالية حين ورد في دراسة لمركز «صامد» الفلسطيني في منتصف الثمانينيات ان اكثر من نصف السلع في اسواقنا العربية هي في الاصل من انتاج اسرائيلي.
كل ذلك ومكتب المقاطعة التابع للجامعة العربية في دمشق يئن تحت وطأة الاتربة ولم يفلح في اقناع دولنا بحضور ولو اجتماع واحد بنصاب مكتمل رغم صدور قرار واضح بهذا الشأن خلال القمة العربية ما قبل الأخيرة في العاصمة الاردنية.
اذن هل نحن جادون بحق في مقاطعة اسرائيل؟ بالتأكيد لا، وليأت المخالفون لهذه النتيجة ببرهان واحد أو نصفه.
في أميركا وأوروبا يؤلمون الصهاينة
الاخطر فعلا هو اننا بتنا في اعين العالم أمة بلا غيرة على قضاياها المصيرية.
ففي الولايات المتحدة نفسها تشتعل حرب المقاطعة ضد اسرائيل على أشدها والمصيبة الاعظم ان معظمنا لا يعلم! جراء هذه الحملة اشتكى بعض مدراء الشركات الداعمة للاحتلال الصهيوني من ان اسرائيل فاشلة في المعارك الاعلامية وهو ما لا يساعدهم البتة في مواجهة حرب المقاطعة التي انضم اليها ايضا الشارع الاوروبي.
لم تقتصر هذه الحرب على المنتوجات العادية بل تعدتها الى المستوى العلمي والتكنولوجي.
ففي الولايات المتحدة وقع ما يزيد على 120 عالما واستاذا جامعيا على عريضة مقاطعة المؤسسات العلمية الاسرائيلية حتى ان بعض الجامعات هناك طبقت بالفعل هذه المقاطعة بعد جهد دؤوب من أكاديميين بارزين أشهرهم عالم اللغويات البروفيسور ناعوم حومسكي فيما تولى البروفيسور البريطاني ستيفان رون حملة مماثلة.
وفي النرويج مثلا نجحت منظمة الشبيبة هناك في تنظيم اوسع حملة مقاطعة لاسرائيل انعكست في الازدراء العام الذي قوبلت به فرقة فنية اسرائيلية شاركت في مهرجان الاغنية الاوروبية عقد هناك.
وفي المقابل تحركت «مجموعة ميغا» وهي تحالف يضم ممثلين عن اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي في الولايات المتحدة لمواجهة هذه الحرب عبر اهم أدواتها الاعلامية: هوليوود.
لكن هذه الحملة لم يكتب لها النجاح حين فشلت في مقاطعة مهرجان «كان» السينمائي الاخير في فرنسا ردا على ما أسمته الحملات اللاسامية ضد اليهود في هذا البلد ولم يجد المخرج والممثل الهوليوودي الشهير وودي آلن بدا من معارضة الدعوة لمقاطعة هذا المهرجان لأنها تسييس للثقافة.
دروس في الكبرياء والصوتيات
هناك تشتعل حرب المقاطعة ضد اسرائيل وهنا حتى حناجرنا انطفأت فيها الهتافات فهل نحن حقا أمة سوية؟ في عصر العولمة بات كل شيء متوفرا وتكفي ضغطة زر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر حتى نحصل على اعقد المعلومات التكنولوجية لكن ما لا يمكن ان نجده في اكثر الحواسيب تطورا هو الحافز.
هذا امر يقبع في ثنايا المكون الثقافي والحضاري للامم ونحن أمة مادت لاقدامها الاصقاع وكافة صفحات التاريخ التليد اخترعنا الصفر فبنى الغرب علومه عليه أما نحن فبقينا الى جواره وادعين.
السر يكمن ببساطة في اننا بحاجة لدروس في الكبرياء وفي حاجة أكثر لدروس في علم الصوتيات لمحاورة اميركا بلهجة واثقة.
محب الورد @mhb_alord
عضو مميز
هذا الموضوع مغلق.
الصفحة الأخيرة
هذا صحيح بارك الله فيكي
فعلا نجد كثير من الدول مقاطعة الا نحن العرب لا نشتري الا الامريكي والاسرائيلي