العبودية لله طب للقلوب وعزة للنفوس

بقلم: أحمد محمد طاحون

طوبي لمن ذاق قلبه طعم الإيمان الصحيح، وحلاوة اليقين، وبرد الثقة في الحبل الموصول بينه وبين ربه لاينقطع أبدا، مادامت كلمة التوحيد نور فؤاده، وضياء بصيرته، وعطر لسانه، وجلاء همومه وآلامه، حين يقول 'لا إله إلا الله محمد رسول الله' تصغر الدنيا في عينيه، ويتضاءل كل شيء من المادة والمعني في دنياه، ويري ما هو فيه مما ترضاه نفسه أو تعافه بركة وخيرا، لأن ذلك قضاء من لايرد حكمه، وقدر الذي يختبر عباده بالخير وبالشر، بالصحة والمرض، بالعافية والبلاء، بالراحة والمشقة، بالغني والفقر، وما قدره لعبده كائن لامحالة، فلماذا لاتطمئن الجنوب في المضاجع، وتسعد العيون بما تشاهد من الآيات البينات والبراهين القاطعات علي كمال رحمة الذي لامعبود بحق سواه، وليس للعباد معه نقض ولاإبرام، كامل المشيئة والإرادة، عظيم السلطان، اليقين بوجوده وقدره وحكمه وإرادته غاية الأمان والسكينة والسلام، وكأن العبد الموقن مع أحباب الله في نعيم الجنة مع رضوان مهما كان حاله، فهو يري نفسه يملك كل خير ما دام مع الله قلبه ووجدانه وفكره وفؤاده، ينام علي طاعة، ويستيقظ علي طاعة، ويمضي في سبيل معاشه متوكلا علي خالق الأسباب والمسببات يرافقه لصدق نيته وحسن توكله ملكان يحفظانه، ويدفعان عنه وساوس الملاعين من شياطين الإنس والجان، الثراء في قلبه، والنعيم في روحه، والصبر دليله، والرضي رايته يتظلل بها، ينظر بعين قلبه ويقينه إلي خالق الأسباب ولايلتفت إلا إليه سبحانه، فإن نجحت المقاصد شكر وحمد وازداد يقينا، وان خانته الأسباب فهو مع الذي عنده كل شيء يرجو رحمته، ويخشي عذابه، ويسأل العون علي كل ما يرضيه سبحانه من خيري الدنيا والآخرة.
طوبي لمن كانت عزته بالله، طوبي لأصحاب النفوس المطمئنة بالله لايرون غيره، ولايتوكلون علي أحد سواه، ولاتخضع جباههم إلا في مقام العبودية بين يدي صاحب الحق الرزاق الوهاب المحيي المميت وإذا مرضنا فمنه وحده الشفاء، طوبي للمؤمنين بلقاء الله، الراضين بقضائه، القانعين بعطائه، ذاقوا لذة العبودية فسكنت نفوسهم، واطمأنت قلوبهم، وارتاحت ضمائرهم، ووجدوا في الخضوع والذل له الرفعة والكرامة، والعزة والرحمة، يراهم الرحيم بهم حيث أمرهم فهم مع الله، ومن كان مع الله فمعه كل شيء.

فاللهم اجعلنا منهم.