كشفت دراسة أكاديمية حديثة عن وجود علاقة بين الصحة الجسمية الخاصة بفئة المسنين من جهة وبين علاقاتهم الاجتماعية المتمثلة بمقدار الدعم الاجتماعي الذي يتلقونه وبشعورهم بالعزلة الاجتماعية من عدمه من جهة أخرى .
وأبرزت الدراسة التي أعدها أستاذ قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور يعقوب يوسف الكندري أهمية دور الوضع الاجتماعي والأسرة المتمثل في وجود شريك الحياة بالنسبة للمسن في تحقيق صحة جسمية أفضل مقارنة بالمسنين الأرامل والذين فقدوا أزواجهم خلال فترات حياتهم. وتهدف الدراسة، حسب وكالة الأنباء الكويتية، إلى الكشف عن مدى تأثير المحيط الثقافي والاجتماعي الذي يعيش به الإنسان وارتباطه بصحته الجسدية إضافة إلى تأثير العزلة الاجتماعية على صحة المسن ودور الأسرة والأصدقاء ومحيط الفرد في لعب الدور السلبي أو الإيجابي على صحته.
وأجريت الدراسة على عينة حجمها 130 مسنا كويتيا ( 62 ذكور و 68 إناث ) من فئة المتزوجين والأرامل وقد بلغ متوسط العمر لأفراد العينة 66 عاما من خلال استبانة إضافة إلى المقابلة المباشرة مع أفراد العينة نظرا لعدم إلمام كثير من هذه الفئة العمرية بالقراءة والكتابة أو لظروف أخرى.
وعززت الدراسة من أهمية الدعم الاجتماعي عند أفراد المجتمع بشكل عام وعلى هذه المرحلة العمرية بشكل خاص إذ تكمن أهميتها في تقديم العون والمساعدة المعنوية لكبار السن وذلك نتيجة لابتعادهم بهذه الفترة عن الحياة الاجتماعية المتاحة للجميع والمتمثلة بفترة العمل في الدوائر والمؤسسات المتعددة .
وأضافت أن شبكة العلاقات الاجتماعية تقل بصورة كبيرة لديهم عند فقدانهم لوظائفهم نتيجة للتقاعد وترك العمل لذا فإن البحث عن علاقات اجتماعية أخرى وداعمة له التأثير الكبير على الجانب النفسي والفسيولوجي على المسن. وأوضحت الدراسة أن هناك علاقة إيجابية بين العزلة الاجتماعية كأحد أبعاد الاغتراب الاجتماعي وبين صحة الجسم لفئة كبار السن بمعنى أنه كلما زادت العزلة الاجتماعية للمسن زادت معه الأعراض الجسمانية التي يشتكي منها وكلما زاد مقدار الدعم الاجتماعي الذي يتلقاه المسن من محيطه الاجتماعي قلت هذه الأعراض .
وأفادت الدراسة أن هناك علاقة عكسية بين الدعم الاجتماعي وعدد الأولاد الذين يسكنون مع المسن في المنزل نفسه من جهة وبين الأعراض الجسمانية من جهة أخرى أي أنه كلما تواجد الأولاد مع المسن داخل المنزل نفسه وتواصلوا معه له التأثير الإيجابي على وضعه الصحي كما يقل معه الشعور بالشكوى من الأمراض والأعراض الجسمانية. وأضافت أن عدد الأولاد بحد ذاته لا يرتبط بعلاقة مع الوضع الصحي للمسن إنما التواجد مع المسن وتقديم الخدمات والمساعدة والعون ذلك يعد دعما اجتماعيا.
كما أشارت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة عكسية بين تكرار الاتصال بين المسن والأخوة والأصدقاء وبين الأعراض الجسمانية إضافة إلى وجود علاقة عكسية بين قوة علاقة المسن مع إخوته وأقاربه وأصدقائه وبين الأعراض الجسمانية التي يشتكي منها بمعنى أنه بازدياد التواصل والاتصال وقوة العلاقة مع الأخوة والأصدقاء تقل الأعراض الجسمانية التي يشتكي منها المسن.
وأكدت الدراسة أهمية وجود الصحبة والأصدقاء في حياة المسن خاصة عند المتقاعدين والذين فقدوا حجما من العلاقات الاجتماعية بعد تركهم للعمل إذ يؤثر التكيف بالوضع الاجتماعي الجديد بشكل مباشر على الوضع النفسي للمسن. وأضافت أن فقدان الدور والتواصل اليومي المتكرر مع مجموعة من الزملاء قد يترك تأثيرا سلبيا على حياته الاجتماعية وأكدت أن المحافظة على شبكة العلاقات الاجتماعية خارج نطاق الأسرة له تأثير إيجابي على صحة الجسم بالنسبة للمسن.
وأوضحت الدراسة أهمية وجود الزوج والزوجة في حياة المسن حيث إن فقدان أحدهما من الممكن أن يؤثر سلبا على وضعه الصحي والجسمي إذ يمثل ذلك فقدانا لأهم العناصر الداعمة في حياته نظرا للارتباط العاطفي بين الزوجين والذي يؤثر سلبيا في كل منهما عند فقد أحدهما للآخر. وأضافت أن المسنين الذين ليس لديهم أزواج أو زوجات بحكم وفاتهم يتعرضون للشكوى من الأعراض الجسمية أكثر مقارنة بالمسنين الذين يعيشون مع أزواجهم عند أفراد العينة.
وتعطي هذه النتائج مؤشرا إلى أن نوعية العلاقة ودرجتها هي أهم من تكرار حدوثها فقط أي أن الأعراض الفيزيقية المرضية التي يتعرض لها المسن تتأثر بنوعية العلاقات الاجتماعية وليس بحجم هذه العلاقات.
كما تشير نتائج عدد من الدراسات التي استشهدت بها الدراسة الحالية إلى أن أبرز مشكلات المسنين في الكويت تتمثل في المرض والأرق وضعف البصر والسمع والحساسية نحو بعض الأطعمة والتعب وضعف القدرة العقلية العامة والاضطراب الانفعالي والخوف من الله والإحساس بالوحدة والتعصب للرأي وغيره.
ومما لاشك فيه أن ارتفاع معدلات العمر في مجتمع ما هي من المؤشرات المهمة لتقدم هذا المجتمع وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن نسبة معدل الحياة سوف تزداد لتصل من 68 سنة في عام 1998 إلى ما يقارب 73 سنة في عام 2025 وأن نسبة الأفراد الذين سيتجاوزون سن 65 عاما سوف يرتفع من 6ر6 بالمائة في عام 1997 ليصل إلى 10 بالمائة في عام 2025 مما يعكس تحسنا في مستوى الرعاية الصحية التي يتلقاها الفرد في المجتمع المعاصر وخاصة في الدول المتقدمة.
سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️