د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

العطلة الصيفية نعمة : فهل قدرناها حق قدرها ؟؟ خطبةالجمعة 3/5/1426

الملتقى العام

أما بعد أيها المسلمون
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه انه قال ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة. فإذا هو بأبي بكر وعمر. فقال (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟) قالا : الجوع. يا رسول الله! قال (وأنا. والذي نفسي بيده! لأخرجني الذي أخرجكما. قوموا) فقاموا معه. فأتى رجلا من الأنصار. فإذا هو ليس في بيته. فلما رأته المرأة قالت : مرحبا! وأهلا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أين فلان؟) قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. ثم قال : الحمد لله. ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال : كلوا من هذه. وأخذ المدية. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياك! والحلوب) فذبح لهم. فأكلوا من الشاة. ومن ذلك العذق. وشربوا. فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر (والذي نفسي بيده! لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع. ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم )

أيها الإخوة في الله : في هذا الحديث بين صلى الله عليه وسلم للصحابة أنهم سوف يسالون عن شربة ماء باردة شربوها ، وعن كم قطعة أكلوها ،

فيا ترى كم من قطعة لحم أكلناها ؟؟ وكم من شربة ماء بارد شربناها ؟؟، وكم من ثوب لبسناه ، وكم وكم من أنواع النعيم التي نرفل بها ...

إن هذه كلها سوف نسال عنها .. كما جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم ..( إن أول ما يسال عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له : الم نصح لك جسمك ، و نرويك من الماء البارد )

أيها الإخوة في الله : اذكر بهذا هذا الكلام في وقت بدأ البعض منا يحزم أمتعته قصد قضاء العطلة الصيفية في بلده الأصلي أوفي أي بلد آخر ، وقد جمع ما لدية من مال والمتاع ، واستعد لذلك نفسيا وماديا منذ فترة .. وسوف يذهب البعض ويعود كعادته في كل سنة ، وهو لا يعي ولا يدرك مقدار النعيم الذي يعيش فيه ..

أيها الفضلاء..إن من نعم الله تعالى علينا ، أن يسر لنا الأمن والأمان والعيش الرغيد والراحة والعطلة للتنزه وقضاء الأوقات مع الأهل والأحباب والأصدقاء ، والتنقل بين المدن والقرى بل والدول هنا وهناك ..

هذا الأمر نعمة من نعم الله الكثيرة التي تستوجب الشكر..وهي في الحقيقة اختبار وابتلاء لنا ..لينظر ربنا تعالى إلى تصرفاتنا فيها .. هل نشكر سبحانه وتعالى فيها ؟؟ ، أم يكفر البعض بنعمه ويعرض عن هدية ؟؟ فيفشل في الاختبار ، وينضم إلى قافلة الخاسرين في الدنيا والآخرة ..أعاذنا الله منهم ومن حالهم ..

قال تعالى { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ، وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7..فكل نعمة من نعم هي في الحقيقة ابتلاء واختبار لصاحبها

فالمؤمن لا ينظر إلى الشدائد فقط على أنها اختبارات وابتلاءات تستوجب الصبر والثبات .. بل ينظر أيضا إلى النعم التي من الله بها عليه ، بأنها اختبار تستوجب الشكر والاعتراف لله بالفضل ..، فالله تعالى يبتلي الناس ويختبرهم بالخير كما يختبرهم بالشر يقول تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ، وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35

فهذا نبي الله سليمان الذي أعطاه الله ملكا لم يعطه أحدا من قبله ولا من بعده ..علم منطق والطيور ، وسخرت له الجن ، وجعلت الريح تحت تصرفه .. هذا النبي الكريم قد فهم هذه الحقيقة .. فقال بعد أحضر له عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في ثوان معدودة .. ( هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }النمل40

فالله سبحان وتعالى قد يختبر الفقير بتضييق معيشته وقلة ذات اليد ..ويختبر الغني بإغداق الخير عليه ، ونبلوكم أي نختبركم ونمتحنكم ..لننظر من الصابر من الشاكر من الكافر من الفاسق ..ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون.. أي سنحاسبكم على نتائج هذا الاختبار بعد رجوعكم إلينا ..فمن صبر وشكر .. فقد فاز ..وأما من غرته الحياةُ الدنيا ، وضاع في متاهاتها ، وضاع في مسالك ضلالها فأولئك هم الخاسرون..

جاء رجل إلى عبدالله بن عمرو بن العاص وسأله فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبدالله : ألك امرأة تأوي إليها؟ قال : نعم. قال : ألك مسكن تسكنه؟ قال : نعم. قال : فأنت من الأغنياء. قال : فإن لي خادما. قال : فأنت من الملوك...لان الذي يخدم هم الملوك

بعض الناس ينظر إلى أن الغني هو من يملك الملايين ..لا هذا ليس بصحيح على إطلاقه ..

بيت تسكنه.. وزوجة تأوي إليها ....فأنت من الأغنياء .. فإذا كان عندك من يخدمك فأنت من الملوك .. وهذا النعيم سوف تسال عنه أخي المسلم يوم القيامة..فاعد للسؤال جوبا ..

إخواني وأخواتيفي الله نعود ونقول : يجب أن ننظر إلى العطلة على أنها ابتلاء واختبار ..قد ترفع درجات بعضنا ..وقد تودي ببعضنا إلى مهاوي الردى ..

إخواني وأخواتيفي الله : البعض يظن أن العطلة إنما شرعت لمعصية الله وارتكاب المنكرات ..وان الحساب لا يشمل عمل الإنسان خلال فترة العطلة ...لذلك فبعض الناس يبدأ بتضييع الصلوات من وقت خروجه من بيته .. وبعضهم يبدأ بتركها مع الجماعة بحجة انه مسافر ..ويستمر في ذلك حتى في حال إقامته ..وينسى أن الله تعالى قال في محكم التنزيل ( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ .. فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }..

البعض الناس يطلق يده في الصرف أثناء العطلة الصيفية ، ولا يهمه فيما ينفق أمواله .. بحجة أنها عطلة وفرصة للترويح عن النفس والأولاد .. وكلها مرة في السنة ..

وهذا يقال له ..اعلم أخي المسلم :أن لكل ريال تنفقه سؤالان ..من أين أخذته ؟؟ وفيما أنفقته ؟؟.. كما جاء في الحديث الصحيح ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمر فيما أفناه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه ) فالمسالة ليست بتلك السهولة التي يتصورها البعض ..

.فلنحرص إخواني وأخواتيعلى نعمة المال التي بأيدينا ، ولنشكرها حق شكرها ، حتى لا يسلبها الله منا .. وحتى ننجو من حسابها يوم القيامة.

إخواني وأخواتي: وبعض النساء تتهاون بالحجاب الشرعي أمام غير محارمها حال خروجها من بيتها للتمتع بالعطلة الصيفية ..بحجة أنها ليست في بلدها ولا احد يعرفها ..وبعض الناس يزور أماكن الفساد والانحراف ..ويتخلى عن كثير من القيم والتعاليم الشرعية بحجة انه لا يوجد احد من معارفه ..

وهولاء يقال لهم الم تستمعوا إلى قوله تعالى حيث قال ( الم يعلم بان الله يرى ) وقوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }المجادلة7.. وهولاء لم يسمعوا ولم يطيعوا لقوله صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيث ما كنت )..

أيها الإخوة في الله : في العطل الصيفية تكثر الأفراح والأعراس .. ويكثر فيها الاختلاط والتبرج والسفور ، وربما تقام الحفلات الموسيقية ، وتبذر الأموال ، ويسهر إلى ساعات متأخرة من الليل ، وبعض الناس يدخلون الزوج إلى زوجته بين النساء ، وبعضهم يدخل أقرباء الزوج إلى النساء وهن كاشفات الوجوه ..وربما قاموا بالرقص بين النساء ..إلى غير ذلك من المنكرات ..يفعلون هذا بحجة أن هذا فرحا ، ومناسبة تقام في العمر مرة وحداة ..

وهولاء نسوا أو تناسوا ..أن التعبير عن الفرح ليس بهذه الطرق المحرمة ..إن الفرح يكون بإتباع شرع الله وعدم مخالفته ..الفرح يكون بشكر الله تعالى وذكره على تلك نعمة الزواج وما يصاحبها نعم أخرى .. كنعمة الاجتماع ونعمة الطعام ، ونعمة الأمان إلى غير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى ..

الم يعلموا انه لو لم يجمع بين الزوجين لما حصل الزواج ..ولو لم يوجد الأمن لما أقاموا الأفراح .. ولو يوجد الطعام لما استطاعوا الأكل ..ولو توجد الصحة لما استطاعوا الوصول إلى ذلك المكان ..

إذا فليقد كل مسلم نعم الله تعالى صغيرها وكبيرة خصوصا في مسالة الأفراح وليشكرها حق الشكر حتى لا تعود عليه بالخيبة والخسران ..

اسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا لما فيه الخير والصلاح ..وان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه انه هو السميع المجيب

الخطبة الثانية

الحمد حمدا حمد .. والشكر له سبحانه شكرا شكرا ..واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له أما بعد أيها المسلمون في العطلة الصيفية يتحول الليل إلى نهار ويتحول النهار إلى ليل لدى كثير من الناس ، وهم بذلك يخالفون السنة الربانية لخلق الليل والنهار .. فنهارهم سهر ..والله اعلم بما يسهرون عليه ..ونهارهم نوم .. والله اعلم بما ينامون عنه من صلوات .. وبعضهم بهذه الطريقة يخالف الأمر بشكر النعم التي يسرها الله في العطلة الصيفية .. فنعمة الفراغ .. ونعمة الأمان ..ونعمة الصحة ...خصوصا نعمة البصر والسمع والحركة ..تحتاج إلى شكر كل بما يناسبه ..فهل هولا شكروا الله حق الشكر .. هل هولاء ..استمعوا إلى قول الله تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مسئولا }الإسراء36

إخواني وأخواتيالكرام .. في العطلة الصيفية قد ينشغل بعض الآباء عن أبنائهم بالسفر .. أو بالوظيفة .. ويعتمد على الأم في متابعة الأولاد والاهتمام بهم .. وقد يزداد الأمر سوءا عندما يعتمد على السائق والخادمة ولمربية ..ينشغل الآباء عن أبنائهم بأي حجة .. في وقت فراغ أبنائهم دون عمل الخطط والبرامج التي تناسب أبناءهم وشغل وقت فراغهم ..يفعلون هذا ..وهو يسمعون دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع على أهله وهو مسئول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )

إخواني وأخواتيفي الله : وختاما وحتى نكون ممن شكر نعمة الله علينا بالعطلة الصيفية .. فلابد أن نعرف قدر هذه النعمة أولا ..

ثم نبحث عن قضائها داخل البلد أو خارج على وفق ما يرضي الله .. ويكون ذلك أما بمعرفتنا وخبرتنا ..أو بسؤال أهل الخبرة والخير من حولنا ..

وسواء سافرنا أم نسافر ..فعلينا نضع الخطط والبرامج العلمية لملء فراغ أوقات أبنائنا ..

فإذا كان هناك أنشطة صالحة كالمراكز الصيفية ألحقناهم بها ..

وان كان هناك حلق علم ودورات شرعية أيضا سجلناهم فيها ..

وإذا كان هناك برامج رياضية مباحة ...أدخلناهم فيها ..

المهم أن يكون عندنا الهم الفاعل ، والحرص الأكيد .. لشغل أوقات أبنائنا بما ينفعهم ..فإذا علم الله صدقنا فانه سبحان سوف يعننا على ذلك ..
5
723

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نورا2000
نورا2000
سحابة الجود
سحابة الجود
اللهم اجعلها في موازين حسناتك وجزاك الله خير
والله لايحرمك الاجر انشالله
·!¦[· منى ·]¦!·
·!¦[· منى ·]¦!·
الله يجزيك الجنه ووالديك ومن تحب
أم سومه
أم سومه
الله يجزيك الجنه ووالديك ومن تحب
الله يجزيك الجنه ووالديك ومن تحب
SWAR
SWAR
جزاك الله خير ونفع بك