تزخر الطبيعة بالعديد من التركيبات العطرية الطبيعية التي تحسن حالة الإنسان النفسية والعقلية والبدنية، وقد توصل العلم إلى الفوائد العلاجية لهذه العطور عام 1970 على يد العالم الفرنسي رين مونيك جوتيفاس وأطلق على هذا الأسلوب العلاجي الجديد أروما ثربى "العلاج بالعطور"، وقد توصل العالم إلى التأثير الشفائي للزيوت العطرية عندما أحرق يده في المعمل عام 1920 أثناء عمله، ووضع يده عن طريق الخطأ في وعاء به "زيت لافندر" بدلاً من وعاء الماء، ولاحظ أن الألم توقف، وبرئت يده، ولم يبق أثر، فبدأ بدراسة الخصائص الكيميائية للزيوت العطرية وتأثيرها الشفائي، حول هذا الموضوع التقينا مع خبيرة التجميل الصحي والمعالجات العطرية دينا الجارم في هذا الحوار ..
* متى توصل الإنسان للفوائد العلاجية للزيوت العطرية؟
ـ تم التعرف على الخواص الفيزيائية الطبيعية والروحية للزيوت العطرية في الحضارات القديمة، واستخدمت على نطاق واسع، وكانت المواد الطبيعية المطهرة المعقمة والمضادة للبكتيريا لبعض الزيوت والراتنجات، وخاصة زيت خشب الأرز واللبان الكندر والمر تستخدم لأغراض حفظ جثث الموتى، كما استخدمت بعض الزيوت في التحنيط، وكان القدماء على دراية كاملة بفوائد هذه الزيوت العطرية للصحة، فأصبحوا يعالجون بها، واحتفظوا بأسرارها، وأعدوا منها مستحضرات علاجية في صورة شراب، كان لها مفعول السحر في الشفاء.
وهناك أنواع متعددة من النباتات تحوي جيوباً دقيقة أو غددا صغيره جداً من الزيوت العطرية، وهي زيوت جوهرية أساسية سريعة التبخر، وهي بمثابة روح أو جوهر النبات، تحمل الخواص العلاجية للنبتة بأعلى تركيز، فهي كيمياء طبيعية ربانية تجذب حشرات التلقيح، وتدفع الآفات والفطريات لتجنب النبات آثارها المدمرة، وكل زيت عطري له خصائص ومركبات كيميائية خاصة، وهي التي تحدد شخصية العشب وطعمه ورائحته وخواصه العلاجية الشفائية، هذه الحبوب أو الغدد توجد في أي مكان في النبتة، قد تقع أعلى رأس الزهرة مثل الزيت العطري لورد الكاموميل، أو في جذور النبتة مثل زيت الزنجبيل العطري، وقد توجد في لحاء بعض الأشجار كزيت خشب الورد، أو بداخل أحشاء بعض حيتان البحار كحوت العنبر أو في غدة كيسية في بطن أعلى الظباء "غزال المسك".
توجد صيدلية طبيعية متكاملة موزعة في كل أنحاء الكون أوجد الله سبحانه فيها من كنوز الشفاء ما يتوالى اكتشافه يوماً بعد يوم ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى لم يُنزّل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السأم".
* كيف يعمل الزيت العطري على أجهزة جسم الإنسان ومعنوياته ويؤثر فيها؟ وكيف يدخل الزيت العطري إلى الجسم؟
ـ يدخل الزيت العطري جسم الإنسان عبر الأنف والرئة والجلد ، فعن الحالة الأولى يدخل الزيت العطري عن طريق تجويف الأنف فيذوب في مخاط ينتجه الغشاء المخاطي في تجويف الأنف هذا البخار ينتشر على شعيرات ميكروسكوبية تسمى "أهداب" تحول الروائح إلى نبضات كهربائية، وتقوم بنقلها إلى المخ "الدماغ"، وخاصة إلى منطقة الجهاز الجوفي "الطرفي" هذا هو الجزء من المخ الذي يسيطر ويضبط الذاكرة والانفعالات والغرائز.
ويرسل الجهاز الجوفي بعد ذلك رسائل كهربائية كيميائية تنتقل عبر الجهاز العصبي، لإعطاء التعليمات أو الشفرة الشفائية لباقي أجهزة الجسم، فحين تطرق جزئيات العطر منطقة الذاكرة ومنطقة الانفعال والغرائز يختزن تأثير العطر في الذاكرة، ويتحكم في الانفعالات والغرائز.
* كيف يتم اختزان العطر في الذاكرة ؟
ـ إذا شم الإنسان رائحة معينة وتعرض وقتها إلى تجربة سعيدة أو تعيسة، ثم مر وقتاً طويلاً قد يمتد إلى سنوات، ثم شم نفس الرائحة بعينها مرة أخرى يتذكر الحدث أو الموقف بكل تفاصيله، أما تحكم ذرات العطر أو جزيئاته في الانفعال فإذا كانت خصائص الزيت العطري الذي استنشقه مهدئة مضادة للتوتر والقلق يعمل الزيت العطري على تهدئة الفرد، وخاصة لو كان حاد التوتر أو عصبي المزاج ، نتيجة لموقف انفعالي معين.* ماهي الزيوت العطرية المضادة للتوتر ؟
ـ زيت الريحان العطري أفضل الزيوت العطرية على الإطلاق المقوية للأعصاب موازن للجهاز العصبي مهدئ عام مفيد لكل حالات الاضطرابات العصبية والخاصة التي ترتبط بمشاعر سلبية كالعنف والحيرة والتردد ونقص الثقة بالنفس والخوف والغيرة والغضب.* وماهي التركيبة التي تحقق توازن الجهاز العصبي ومضادة للاكتئاب ؟
ـ أفضل تركيبة للتوازن العصبي هي كالآتي: نقطتا زيت ريحان فرنساوي ونقطتا زيت كستر ونقطتا زيت ليمون تقطران، هذه النقاط الست فوق الطبق العلوي للفواحة به ماء ساخن مقدار ملعقة كبيرة ويتم إشعال الشمعة لتعمل على تبخير جزيئات العطر ببطء فتأتي بأفضل النتائج.
* كيف يتحكم العطر في الغريزة الجنسية؟
ـ هناك زيوت عطرية تنشط الباءة مثل زيت الياسمين العطري، بالإضافة إلى رائحته الفواحة الجميلة، فهو مشهور لعلاج حالات الفتور والضعف الجنسي للرجل والمرأة، فهو يزيد من الرغبة عند الجنسين، وفي الهند يستعمل الزيت قبل الزواج بعشرة أيام في خلطة من زيت اللوز لهذا الغرض، بالإضافة إلى مفعوله في تنعيم وتنظيف وتعطير الجسم، وهناك زيوت لها مفعول عكسي: تدخل ذرات العطر عن طريق الاستنشاق إلى الرئة حيث تشترك في التبادل الغازي بين الحويصلات الهوائية في الرئة وشعيرات مجرى الدم ومن هنا تدخل الدورة الدموية وتدور حول جسم الإنسان ككل بتأثيرها الشفائي، والجزء الآخر من الجزيئات يأخذ طريقه إلى المخ ليتسلم رسالة شفائية ينقلها، والاستنشاق أسرع الأساليب لدخول الزيوت العطرية إلى الجسم وأكثر الطرق فاعلية للتعامل مع الانفعالات وحالات الفكر السالبة كالإحباط والضغوط النفسية والاكتئاب، والاستنشاق هو الإسعاف السريع للجيوب الأنفية ونزلات البرد وصعوبة التنفس والالتهاب الشعبي عبر النخاع الشوكي إلى الجسم.
* وماهي الطرق المستخدمة في الاستنشاق ؟
ـ هناك استنشاق بخار الزيوت العطرية ويتم من خلال جهاز خاص بذلك أو تسخين ماء وتقطير 4 نقط من الزيوت العطرية في الماء ووضع فوطة على الرأس لمنع تسرب البخار وإغماض العينين واستنشاق بخار الزيوت العطرية، ومن أنفع الزيوت العطرية للجهاز التنفسي هو زيت eucalyptus ، فهو علاج كلاسيكي لمشاكل التنفس والنزلات الشعبية والجيوب الأنفية، ومضاد للرشح وللعدوى والفيروسات، ومسكن للألم ، ومضاد للاحتقان وطارد للبلغم ومضاد فعال للسعال والبرد يمنعه ويعالجه حتى آلام العضلات والروماتيزم.
* هل هناك وسيلة أخرى للعلاج بالعطور غير الاستنشاق؟
ـ العلاج بالعطور أيضا عن طريق تدليك الجلد ويتم ذلك من خلال التدليك والحمامات العطرية، لأن الزيت العطري يخترق بسهولة طبقات الجلد، وذلك نظراً لحجم جزئياته المتناهية في الصغر، وبمجرد أن يصل إلى طبقة الأدمة "طبقة الجلد العميقة" يستطيع دخول الأوعية الدموية، ومن ثم يتنقل حول الجسم ككل من خلال الدورة الدموية حاملاً معه رسالته العطرية الشفائية.
ساره الحلوة @sarh_alhlo
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الأميرةالحالمة2006
•
يعطيكِ العافيه
الصفحة الأخيرة