صحيح ان المرأة تتزوج لترتاح، لكن الواقع يؤكد أنها تتزوج لتشتكي!.
ففي السنوات الأولى من الزواج، تشتكي من انشغال زوجها عنها، وفي عقدها الثاني معه تشتكي من هروبه الكبير من مؤسسة الزوجية وتعامله مع المنزل كأنه فندق «للإقامة الجبرية»، وفي العقد الثالث من الزواج تشتكي من استفحال الاكتئاب السوداوي لديها، الذي أورثها إياه ابتعاد زوجها عنها. ثم فجأة يتغير كل شيء وتنعكس شكواها لتتركز حول إقامة زوجها الدائمة في البيت، ووجوده إلى جانبها لساعات، وتدخله في كل أعمال المنزل، بما في ذلك طريقة طهو الطعام وغسل الصحون!.
فما الذي يجري؟، هل ان المرأة شكّاءة بكّاءة على الدوام؟، أم أن ما يحصل أمر طبيعي يفرزه الاختلاف المستمر في طريقة التفكير وأسلوب التعامل بين الرجل والمرأة؟.
إنه مأزق «العش الخالي» : وهو مصطلح نفسي أطلقه خبراء علم النفس على مرحلة القلق والتوتر، التي يخلفها المنزل الفارغ من العاطفة بين الزوجين، إذ ينصرف الزوج للاهتمام بنفسه متناسياً عقد المودة والرحمة الذي وقعه في بداية زواجه من الأنثى التي يجمعه بها سقف واحد، بينما ترزح الزوجة تحت همّ البعد وخيبة الأمل. ومن ناحية أخرى يطلق هذا المصطلح على المنزل الخالي من الأبناء بداعي الدراسة في الخارج أو الزواج، ويكون الزوج قد وصل إلى سن التقاعد، فيجلس في المنزل إلى جانب زوجته، لتبدأ الاحتكاكات والمناوشات وتتطور إلى مشاكل وخلافات.
يصيب الأزواج عادة بعد سن التقاعد، لأن الزوج يتأثر نفسياً بشكل كبير بهذا الأمر وأكثر بكثير من المرأة، لأنها تبحث دائماً عما يشغلها، فتهتم بشؤون المنزل واستضافة الأبناء ورعاية الأحفاد، أما الزوج فيصبح عصبي المزاج سريع الانفعال، يبالغ في رد فعله تجاه بعض المواقف، ولا يعترف بأي خطأ يقترفه، ويركز طاقته في البحث عن أخطاء الآخرين، ليثبت لنفسه ولمن حوله ان دوره في الحياة ما زال كبيراً وأنه لم يفقد بعد مكانته ولا وزنه، لكي لا ينظر الآخرون إليه على أنه أصبح من غير فائدة «مثل خيل الحكومة عندما تكبر» والافضل التخلص منه أو ركنه جانباً.
ان «العش الخالي» لا يحدث بالضرورة لكل المتزوجين، لأن تجربة الزواج تختلف من منزل إلى آخر، بمعنى أصح، أن طبيعة العلاقة الزوجية التي تمت عبر سنوات الزواج بين الرجل والمرأة، هي التي تحدد عملية امتلاء «العش الزوجي» أو خلوّه. فإذا كانت العلاقة مشوبة بالقلق والاضطراب على مدى السنوات السابقة، وكل من الزوجين يتحمل الآخر من أجل الأبناء، فمن الطبيعي أن يصبح التباين بين الاثنين واضحاً بعد خروج الأولاد من المنزل. وقد أثبتت بعض الدراسات أن %5 من حالات الطلاق تتم في هذه المرحلة.
«أحياناً تكون العلاقة بين الزوجين بين كرّ وفر، وتكون طاقة الزوج بكاملها تتركز على جني المال والرزق، ومنزله ليس سوى مكان للراحة والأكل والشرب، وبعد التقاعد يكتشف الزوج هذا الأمر، ويجد أن جلوسه في المنزل لا يجلب له سوى التوتر، فينفس عنه بصورة انتقادات يوجهها للزوجة والأبناء، فتنشأ الاضطرابات والمشاكل والفتور ثم الانفصال العاطفي».
الحياة ما زالت حلوة
لكن إذا كانت العلاقة بين الزوجين على مدى عمر ارتباطهما حلوة ومستقرة، مغلفة بالمودة والاحترام والتفاهم، فإن الزوج سيشعر لاحقاً أنه أدى رسالته أمام أسرته ومجتمعه، وان الحياة حلوة، وقد حان الوقت للتمتع بجمالها مع شريكة حياته.
ماذا تفعل الزوجة؟
أمام مأزق «العش الخالي»، تجد الزوجة نفسها في ورطة تضيق عليها الخناق ولا تعرف لمن تتوجه من أجل النصح المفيد.
مجموعة من النصائح:
1 ـ حاولي ان تمهدي لعلاج هذه المرحلة قبل الوصول إليها، وذلك بتحويل اهتماماتك واهتمامات زوجك إلى غير العمل والوظيفة التي كادت تقضي عليه.
2 ـ الوسائل الترفيهية ضرورية، مثل تنظيم رحلات تجمع زوجك باصدقائه ومعارفه وتدعم العلاقات بينهم.
3 ـ البحث عن عمل آخر لزوجك تبعاً لتخصصه وخبرته والاعداد له مسبقاً على شكل دوام جزئي.
4 ـ ابحثي عن أمور ومشاغل تهم البيت والأسرة والعائلة وربما الاصدقاء، لتملأي وقت فراغه بها، واعتمدي على رأيه بشكل لا يثير الخلافات بينكما.
5 ـ ابحثي عن هوايات زوجك وادفعيه الى تنميتها قبل وصوله لسن التقاعد.
6 ـ تهيئي نفسياً لتحمل ردود أفعال زوجك الرافضة لكل محاولاتك واعتبري ذلك مرحلة انتقالية نفسية ومرضية.
7 ـ لا تستسلمي ليأس زوجك ولا تعاندي مواقفه الرافضة كي لا تقعي معه في فخ العداء الذي قد يجلب النفور والكره.
8 ـ تذكري دائما ان انتقادات زوجك ليست شخصية، بل تنفيس لطاقته وتعبير عن قلقه من هذه المرحلة.
9 ـ عمق العلاقة بينكما يفرض عليك مصارحته والتأكيد على الود والعشرة والاحترام، لأن ذلك سيحدد مدى تفاهمكما وسعادتكما لما تبقى من عمر بينكما.
10 ـ شجعيه ليركز معك على دور الجد والجدة في الاشراف على الاحفاد ومحاولة تزويدهم بالقيم المهمة والجميلة قدر المستطاع.
فينوس @fynos
محررة ماسية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
موضوع اكثر من رائع:26: