
لا شك ولا ريب ان العــلاج بالقران الكــريم وبما ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم من الرقي هو علاج نافع وشفــاء تام
{ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَا}،
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}
ومن هنا لبيان الجنس، فإن القران كله شفــاء كما في الاية المتقدمة
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)
فالقران هو الشفـــاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا
والأخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق لاستشفاء بالقرآن، وإذا أحسن العليل التداوي
به وعالج به مرضه بصدق وإيـمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء
شروطه، لم يقاومه الداء ابدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، فما من
مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلاله على علاجه،
وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهما لكتابه.
والله عز وجل قد ذكر في القرآن أمراض القلوب والأبدان، وطب القلوب والأبدان.
فأما أمراض القلوب فهي نوعان:
مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغي،
وهو سبحانه يذكر امراض القلوب مفصله وأسبابها وعلاجها
قال تعالى { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً
وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
قال العلامة ابن القيم رحمه الله (فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ومن لم يكفه فلا
كفاه الله).
وأما أمراض الأبدان فقد أرشد القرآن إلى أصول طبها وجامعه وقواعده، وذلك أن
قواعدها كلها في القرآن العظيم ثلاثة:
حفظ الصحة، والحمية المؤذية، والأستدلال بذلك على سائر أفراد هذه الأنواع.
ولو أحسن العبد التداوي بالقرآن لرأى لذلك تأثيرا عجيباً في الشفاء العاجل.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (لقد مر بي وقت في مكة سقمت فيه، ولا
أجد طبيباً ولا دواءً فكنت أعالجنفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً،
آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت في ذلك البرء
التام، ثم صرت أعتمد في ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الأنتفاع،
فكنت أصف ذلك لمن أشتكى ألماً فكان كثير منهم يبرأ سريعاً).

وكذلك العلاج بالرقى النبوية الثابتة من أنفع الأدوية، والدعاء إذا سلم من الموانع من أنفع الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، فهو من أنفع الأدوية، وخاصة مع الإلحاح فيه، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، أو يخففه إذا نزل، (لا يرد القضاء إلا الدعاء)
ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له: وهو أن الأيات، والأذكار، والدعوات، والتعوذات التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية، و لمن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين:
أمر من جهة المريض، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المريض يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى الله تعالى،واعتقاده الجازم بأن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين،والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا النوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصار من عدوه إلا بأمرين:
أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً:
يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له.
الأمر الثاني من جهة المعالج بالقرآن والسنة أن يكون فيه هذان الأمران أيضاً، ولهذا قال ابن التين رحمه الله تعالى: ( الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى).

يتبـــــع
1 - أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
2 - أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.
3 - أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بقدرة الله تعالى والرقية إنما سبب من الأسباب.
1 – علاج الحــمى
قال عليه الصلاة والسلام ( الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء).
2 - علاج اللسعة واللدغة
1 – تقرأ فاتحة الكتــاب مع جمع البزاق وتفله على اللسعة.
2 – يمسح عليها بماء وملح مع قراءة:
قل يا أيها الكافرون، والمعوذتين.
3 – العلاج بالحبة الســوداء
قال عليه الصلاة والسلام: (إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام)
قال ابن شهاب: السام: الموت، والحبة السوداء: (الشونيز) والحبة السوداء كثيرة المنافع جداً. وقوله: (شفاء من داء) مثل قوله تعالى: {تدمر كل شىء بأمر ربهاْ} ، أي كل شيء يقبل التدمير ونظائره.
4 – العلاج بالعسل
1 – قال الله عز وجل في ذكر النحل: { يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
2 – وقال عليه الصلاة والسلام : (الشفاء في ثلاث: في شرطة محجم، أو شربة عسل ، أو كية بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكي).
5 – العلاج بماء زمزم
1 – قال عليه الصلاة والسلام في ماء زمزم: (إنها مباركة إنها طعام طعم ]وشفاء سقم .
2 – وحديث جابر يرفعه: ( ماء زمزم لما شرب منه).
3 – (وكان يحمل ماء زمزم]في الأداويوالقرب، فكان يصب على المرضى ويسقيهم).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض فبأرت بإذن الله.
6 – علاج الأمراض النفسيه
أعظم العــلاج الأمراض النفسية وضيق الصدر باختصار ما يلي:
1- الهدى والتوحيد، كما أن الضلال والشرك من أعظم أسباب ضيق الصدر.
2- نور الإيمان الصادق الذي يقذفه الله في قلب العبد مع العمل الصالح.
3- العلم النافع، فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع.
4- الإنابة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه والتنعم بعبادته.
5- دوام ذكر الله على كل حال وفي كل موطن فللذكر ثأثير عجيب في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وزوال الهم والغم.
6- الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنفع لهم بما يمكن فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً.
7- الشجاعة، فإن الشجاعة منشرح الصدر متسع القلب.
8- إخراج دغل(الشيء عيب فيه يفسده)القلب من الصفات المذمومه التي توجب ضيقه وعذابه: كالحسد، والبغضاء، والغل، والعداوة،والشحناء، والغي، وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام شئل عن أفضل الناس فقال: (كل مخموم القلب صدوق اللسان)، فقالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: (هو التقي، النقي، لا إثم فيه، ولابغي، ولا غل، ولا حسد).
9- ترك فضول النظر والكلام، والإستماع، والمخالطة، والأكل، والنوم، فإن ترك ذلك من أسباب شرح الصدر، ونعيم القلب وزوال همه وغمه.
10- الأشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة، فإنها تلهي القلب عما يقلقه.
11-النظر إلى من هو دونك ولاتنظر إلى من هو فوقك في العافية وتوابعها والرزق وتوابعه.
12-نسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها فلا يفكر فيها مطلقاً.