زهـرة الخليج
زهـرة الخليج
mariouma من الأفضل أن نقرأ عن الشخصيات مثل جمال عبد الناصر ولا نأخذ ما نسمعه من أقوال الجهلة وأهل العامة فجمال عبد الناصر سجن اخواننا وعذبهم أشد تعذيب لا حول ولا قوة إلا بالله

زهرة الأوركيدا شكرا لك على مرورك ..
زهـرة الخليج
زهـرة الخليج
بيوكانان يكسر جدار الصمت..
ويفضح المؤامرة !


عبدالمالك سالمان
( إنها حرب أميركية من أجل إسرائيل ).. هذا هو التوصيف الدقيق للحرب الاميركية الراهنة التي تشن على العراق وبهذا المفهوم يجب أن يفهم الشعب الأميركي أن هذه الحرب هي نتيجة طبيعية لهيمنة أنصار إسرائيل من ( المحافظين الجدد ) على صناعة القرار في إدارة بوش ونجاحهم في صياغة أجندة السياسة الخارجية الأميركية بما يخدم إسرائيل .

هكذا فجر بات بيوكانان الكاتب والمعلق السياسي والتليفزيوني الاميركي الشهير والمرشح الجمهوري للرئاسة سابقا قنبلة مدوية في الساحة السياسية الاميركية اخذ صداها يتردد بعد التعثر والاخفاق الذي واجهته الحملة العسكرية الاميركية في العراق وبعد فشل الخطة العسكرية التي صاغها أنصار اسرائيل في ( البنتاغون ) أمثال ريتشارد بيرل وبول وولفوفيتز ودوغلاس فايث والذين صوروا الحرب على أنها ستكون مجرد ( نزهة سريعة في الصحراء ) لن تستغرق سوى ستة أيام .

وهكذا كسر بيوكانان جدار الصمت في كشف الدور الاسرائيلي في التحريض على شن حرب ضد العراق . ان كلام بيوكانان الذي يفضح فيه مؤامرة الصهاينة في البنتاغون وإدارة بوش في توريط أميركا بشن الحرب ضد العراق سوف يزداد أهمية وفاعلية إذا ما واصل العراقيون مقاومتهم الباسلة ونجحوا في تبديد ( أوهام النصر) لدى أركان إدارة بوش المتطرفين في الولاء لإسرائيل والعداء للعرب .

ومن الممكن إذا ما طال أمد الحرب وتفاقمت الخسائر الاميركية واقتربت الحرب ضد العراق من ورطة مشابهة (للعقدة الفيتنامية ) ان يخضع كل هؤلاء الذين دفعوا بوش دفعا لاتخاذ قرار الحرب وخدعوه بالاماني الكاذبة للتحقيق من قبل الهيئات الرقابية والمساءلة السياسية في أميركا مثل لجان الكونغرس وان يفتح على نطاق واسع ملف (العلاقات الاميركية ـالاسرائيلية) المريبة التي أصبحت فيها أميركا بكل قوتها الهائلة أداة في أيدي السياسة الاسرائيلية توجهها الى حيثما تريد حتى لو كان ثمن ذلك كوارث سياسية وعسكرية وأخلاقية مثل شن الحرب غير الشرعية على العراق.

عرفت بات بيوكانان منذ نهاية الثمانينيات بمواقفه الجريئة المناهضة لسطوة النفوذ اليهودي وهيمنة اللوبي الصهيوني على السياسية الخارجية الاميركية وكان من أبرز أقواله التي تعكس جرأة سياسية نادرة قوله (ان الكونغرس الاميركي يعد أرضا محتلة من قبل دولة أجنبية هي اسرائيل).

وينتمي بيوكانان الى تيار اليمين المحافظ في الحزب الجمهوري ولكنه على النقيض من تيار اليمين الذي يمثله (المحافظون الجدد) في ذات الحزب يتسم بمناهضة الارتباط باللوبي الصهيوني ويعارض سطوة الشركات الكبرى على صناعة القرار وخاصة الشركات المتعددة الجنسية. ويرى بيوكانان ان الشركات العملاقة تنتهك دور المؤسسات الديمقراطية المنتخبة وتعمل على توجيه قراراتها بما يخدم مصالح تلك الشركات ، كما انه لا يميل الى تدخل اميركا في المشكلات الدولية ويدعو الى اهتمامها بحل مشكلاتها الداخلية أولا. ولبيوكانان اراء متقدمة في الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ومنذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى في أواخر الثمانينيات طالب اسرائيل بالاعتراف بحقوق الفلسطينين معتبرا ان الفلسطينيين أثبتوا أن لهم شخصيتهم القومية المستقلة وأنه يحق لهم ان يتمتعوا بدولة ووطن مستقل عن اسرائيل، كما أعلن رفضه الاستمرار في تقديم المساعدات الاميركية لاسرائيل التي تكرسها في (احتلال شعب آخر).

ونظرا لارائه الجريئة في نقد اسرائيل فقد شن عليه اللوبي الصهيوني في أميركا حملات إرهابية شعواء متكررة اتهمه فيها (بمعاداة السامية) لكنه لم يتراجع عن مواقفه وارائه الجريئة حيال الكيان الصهيوني. وتأتي اراؤه الاخيرة بشأن الحرب الاميركية ضد العراق والتي نشرها في دراسة قيمة في مجلته المسماة (المحافظون الاميركيون) في سياق نقده المتواصل لهيمنة اللوبي الصهيوني على السياسة الخارجية الاميركية ومخاطر ذلك على المستقبل الاميركي ذاته. ولعل من المفيد هنا ان نقدم ملخصا لاهم افكاره حول الحرب الاميركية تجاه العراق.

يرى بيوكانان انه منذ مطلع التسعينيات وعلى اثر انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي سعى (المحافظون الجدد) ذوو الروابط الوثيقة باللوبي الصهيوني في اميركا الى وضع وتنفيذ خطة من اجل القيام بحملة صليبية جديدة لاعطاء معنى لحياتهم وقد وجدوا ضالتهم أخيرا في احداث 11 سبتمبر ليمسكوا بهذا الحدث المروع لتوجيه غضب الاميركيين نحو حرب شاملة لتدمير اعدائهم من الدول العربية والاسلامية التي تقاوم سيطرة الولايات المتحدة وتناوئ اسرائيل. وللعلم فإن تيار (المحافظين الجدد) في اليمين المسيحي الاميركي المحافظ على ارتباط وثيق بالصهيونية ويسميه البعض (المسيحية ـ الصهيونية) ويسميه اخرون التيار الايفانجيليكي المسيحي المتطرف وهذا التيار يرى ان دعم اسرائيل يعد مهمة الهية مقدسة تعجل بعودة السيد المسيح (عليه السلام).

وبالمناسبة فإن الرئيس الاميركي بوش ينتمي إلى هذا التيار المسيحي المحافظ الذي يرى أن دعم اسرائيل (مهمة الهية مقدسة) وهذا يفسر تفهمه وتأييده لسياسات شارون المتطرفة تجاه الفلسطينيين. وفي هذا السياق تشرح الباحثة والمؤرخة الاميركية المرموقة جريس هالسيل طبيعة ارتباط هذا التيار اليميني المسيحي بالصهيونية واسرائيل في كتابها الهام (النبوءة والسياسة: المسيحيون الصهاينة) بقولها :

ان اساس عقيدة المسيحيين الصهاينة يقوم على فكرة ان كل ما تفعله اسرائيل هو عمل قدر الرب فعله اي ان الرب قدر مسبقا حدوث هذا الامر وان اسرائيل قامت به دون ان تدري هي نفسها انها كانت تنفذ بذلك ارادة الرب.

ولهذا يعتقد المسيحيون الصهاينة ان عليهم بصورة آلية تأييد ودعم كل ما تقوم به اسرائيل، اذ انه يعد تجسيدا لمشيئة الخالق وليس لقرارات بعض الساسة والاحزاب. وهكذا فإن قتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم واحتلال اراضيهم واقتلاع اشجارهم واطلاق النار على اطفالهم كل ذلك يصبح في نظر المسيحيين الصهاينة امورا لا نفهم نحن البشر الحكمة من حدوثها ومن ثم لا تنبغي لنا مناقشتها او الاعتراض عليها.

وفي ضوء هذه الحقائق البحثية والايديولوجية يمكننا ان نعرف لماذا لا يحرك الرئيس بوش ساكنا تجاه جرائم شارون. فالرجل الذي ثبت انه اصبح متدينا للغاية ويصلي كل صباح صلاته الانجيلية ويطلب من جنوده في العراق ان يدعوا له بالسلامة يرى ان حربه ضد العراق حرب مقدسة تخدم اسرائيل ولم يكن فيما يبدو اعلانه المبكر في اعقاب (احداث 11 سبتمبر) انها حرب صليبية ضد العالم الاسلامي بعيدا تماما عن المفاهيم اللاهوتية التي يضخها في مسامعه نخبة الصقور من (المحافظين الجدد) الموالين لاسرائيل في البنتاغون. وقد كشفت التقارير مؤخرا ان بوش كان يصغي باهتمام واقتناع الى اراء ريتشارد بيرل داعية الحرب الاول اليهودي الصهيوني الذي سقط مؤخرا في الاسبوع الاول من الحرب لاسباب مالية وسياسية (راجع مقالنا الاسبوع الماضي :

سقوط أمير الظلام يفضح عصابة الحرب الاميركية). من هنا نقول ان السياسة الخارجية الاميركية باتت في عهد بوش (المسيحي المحافظ المتدين) اسيرة (للمحافظين الجدد الصهاينة) الذين يسيرونها وفق ما يخدم مصالح اسرائيل، وليست الحرب ضد العراق والاصرار على خوضها بالرغم من افتقارها للشرعية الدولية وللمبررات الاخلاقية والسياسية الا خير برهان على ذلك. يؤكد بيوكانان ايضا انه منذ اليوم الاول لاحداث 11 سبتمبر سعى المحافظون الجدد لتوجيه العمل العسكري ضد العراق على الرغم من عدم ثبوت اي علاقة له بهجمات سبتمبر.

(فالمحافظون الجدد) الموالون لاسرائيل يرون ان تدمير العراق سوف يزيل عن اسرائيل تهديدا اقليميا جديا لأمنها. ويذكر الصحفي الاميركي المعروف بوب ودوارد في كتابه (حرب بوش) انه في 15/9/2001 اي بعد ايام قليلة من احداث 11 سبتمبر قام وولفوفيتز نائب وزير الدفاع الاميركي (من اشد انصار اسرائيل وكبار المحافظين الجدد في ادارة بوش) بتقديم مذكرة عسكرية لتبرير شن هجوم أميركي ليس على افغانستان معقل طالبان وتنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن, وعندما سئل وولفوفيتز

: لماذا العراق ? قال في اجتماع مجلس الحرب المصغر ( انه في حين قد تكون مهاجمة افغانستان غير مضمونة فإن العراق يمثل نظاما استبداديا هشا من السهل تدميره وهذا يمكن عمله ).

وهكذا نرى كيف يفكر هؤلاء من انصار اسرائيل وكيف انهم كانوا يتربصون بالعراق وكانوا يتحينون الفرصة لشن الحرب ضده في كل الظروف اعتقادا منهم بضعف قدراته القتالية نتيجة انهاك الحصار وليس مهما لديهم وجود اي ذريعة او مبرر موضوعي لضربه سوى خدمة اجندتهم الخفية الرامية الى تحقيق اهداف اسرائيل في المنطقة وتوظيف القوة العسكرية الاميركية الهائلة لتحقيق ذلك. ويكشف بيوكانان ان نخبة صقور الحرب من المحافظين الجدد عملت على تحريض بوش على تبني فكرة ( صراع الحضارات ) ودعوه في 21 سبتمبر 2001 الى مطالبة الكونغرس الى تبني اعلان الحرب على الاسلام, ثم طالبوه بالا تقتصر قائمة الاعداء على ( محور الشر الثلاثي للعراق وايران وكوريا الشمالية) بل يتعين توسيع دائرة الدول المستهدفة لتشمل دولا اخرى مثل سوريا ولبنان وليبيا وحتى دولا صديقة لاميركا مثل السعودية ومصر وايضا السلطة الفلسطينية. ويستنكر بيوكانان الافكار المتطرفة التي طرحت في مجلس سياسات الدفاع بالبنتاغون الذي كان يرأسه بيرل وخاصة فيما يتعلق بمهاجمة السعودية واعتبارها ( نواة الشر ) ويتساءل بتهكم :

هل سأل هؤلاء انفسهم عن كيفية الرد المحتمل من جانب العالم الاسلامي على القوات الاميركية حينما تطأ ارض المسجد الحرام في مكة ويهاجم بيوكانان هذه التوجهات بقوله:

( ان هؤلاء المحافظين الجدد يسعون الى تجنيد الدم الاميركي لكي يصبح العالم آمنا لاسرائيل، يريدون لها السلام بالسيف المسلط على الاسلام وان يموت الجنود الاميركيون اذا اقتضى الامر من اجل ذلك السلام). ويشير بيوكانان الى افكار (المحافظين الجدد) الرامية الى تدمير عملية السلام بين العرب واسرائيل فيقول: انهم دعوا بوش الى الغاء (اتفاقيات اوسلو) وايدوا سعي شارون لاعادة احتلال الضفة الغربية وفيما يتعلق بسوريا التي يعدونها الهدف التالي بعد العراق فقد وضع ريتشارد بيرل عام 2001 تقريرا عنوانه (احتواء سوريا) ملخصه انه لابد من تغيير شامل في العالم العربي برعاية اميركية اما بالنسبة لسوريا والفلسطينيين فالتغيير يجب ان يكون بمساعدة اسرائيل. ويخلص بيوكانان الى نقد هذه التوجهات التي تضر بمصالح اميركا فيقول:

( ان المصالح الاميركية والاسرائيلية غير متطابقة او متماثلة وغالبا ما تتصادم وعند حدوث ذلك فالمصالح الاميركية هي التي يجب ان تسود وتنتصر وبالاضافة الى ذلك فنحن لا نرى نظام شارون بوصفه افضل صديق لاميركا، وان اخفاق اميركا في ان تكون عادلة وفشلها في لجم شارون وعجزها عن ادانة تجاوزات اسرائيل وتواطؤها الاخلاقي في سلب ومصادرة حقوق الفلسطينيين وانار حقوقهم في تقرير مصيرهم سيكون سببا مساعدا ومحركا للعداء لاميركا في العالم الاسلامي مما يؤجج ( الهجمات الارهابية ). وينتهي بيوكانان الى القول:

( ان بوش لا يستحق اعادة انتخابه ما لم يتخلص من جدول اعمال ( المحافظين الجدد ) وهو الجدول الخاص بشن حروب لا نهاية لها على العالم الاسلامي والتي سوف لن تخدم سوى مصالح بلد اخر (اسرائيل) غير البلد الذي انتخبه (اميركا ) ليحميه ويصون مصالحه.

بعد ان نشر بيوكانان اراءه الجريئة في نقد اسرائيل واقطاب ادارة بوش الموالين لها من المحافظين الجدد جدد اللوبي هجومه على بيوكانان واتهمه بالعداء للسامية وحاول التعتيم على هذه الاراء حتى لا تنتشر في وسائل الاعلام لكنها وجدت اذانا صاغية لدى مجموعات كثيرة وخاصة في اوساط الحركة المناهضة للحرب وبعض اعضاء الكونغرس واليسار الديمقراطي. ومن المؤكد انه اذا طال امد الحرب في العراق وصمدت بغداد في وجه العدوان الاميركي فإن جدلا واسعا سوف ينطلق من اميركا حول (المؤامرة الصهيونية) باشعال هذه الحرب. ولاشك ان من المصلحة العربية رفع وتيرة مثل هذا الجدل في الساحة الاميركية وخاصة ان شعار (هذه الحرب ليست باسمنا) يمكن ان يتحول الى شعار (انها حرب باسم اسرائيل او الصهاينة) لكن ذلك يتطلب خطة استراتيجية سياسية واعلامية عربية للتحرك بفاعلية في الساحة الاعلامية والصحفية والسياسية داخل أميركا لتأكيد ان الحرب على العراق وعلى البلدان العربية الاخرى المرشحة انما تتم لمصلحة اسرائيل وضد المصالح الاميركية لأنها تفاقم من مشاعر الكراهية والعداء لاميركا في العالم العربي والاسلامي , وان يقترن ذلك بخطوات عملية تبرهن على ذلك مثل توسيع حركة مقاطعة البضائع والمنتجات الاميركية في الاسواق العربية. فليس معقولا ان تشن حرب بهذه الوحشية والنزعة التدميرية وبلا اي مبررات شرعية ضد العراق وتظل المصالح الاميركية محفوظة مصانة في عموم العالم العربي والاسلامي وكأن شيئا لم يقع.

ان خطاب بيوكانان الذي دلت استطلاعات الرأي العام انه يحظى بتأييد نحو 20% من الاميركيين بسبب جرأته وصراحته وشهرته يمكن البناء عليه واستثماره لتوجيه ضربة قاصمة للوبي الصهيوني في اميركا ولفضح عبء العلاقات الاسرائيلية ـ الاميركية في الخارج وخاصة في العالم العربي الاسلامي.

فقبل نحو 20 عاما اطلق السيناتور بول فيندلي صرخته المشهورة (من يجرؤ على الكلام) عبر كتابه القيم الذي حمل ذات العنوان وفضح فيه الادوار القذرة التي يلعبها اللوبي الصهيوني في توجيه السياسة الاميركية لخدمة اسرائيل وكانت فرصة للعرب لاستثمارها والبناء عليها لخدمة قضاياهم العادلة ولكنها فرصة لم تستغل بسبب الحسابات العربية الخاطئة والرهان على كسب ود ودعم الادارات الاميركية. والان لقد انقلبت الادارة الاميركية على الدول العربية جمعاء ولم تعد اي منها تحظى أي حظوة فهل سيضيع العرب مرة اخرى صرخة بيوكانان في وجه (المحافظين الجدد) انصار اسرائيل في ادارة بوش الذين خططوا باصرار وتآمر حاقد لشن الحرب ضد العراق واذلال العالم العربي كله. واذا لم يتحرك العرب لصنع شيء ذي جدوى في ضوء الزلزال السياسي للحرب العدوانية ضد العراق.. فمتى يمكن لهم ان يتحركوا!
الوطن العمانية 8/4/2003