العلم والإسراء والمعراج

معني كلمة 'الاسراء' السير ليلا، ومعني كلمة 'المعراج' الصعود إلي أعلي، ومعروف عند المسلمين ان الرسول محمدا صلي الله عليه وسلم أسري به ليلا من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلي المسجد الأقصي، وعرج به، أي صعد به إلي السماوات العلا من المسجد الأقصي، وأوحي الله عز وجل إليه في هذه الرحلة ما أوحي، وفرضت الصلاة في هذه الرحلة العظيمة. ولم تكن رحلة الاسراء والمعراج رحلة عادية مستطاعة لأي انسان، وإنما هي احدي المعجزات التي يؤيد بها الله رسله، فالمعجزة هي أمر خارق للعادة يظهره الله علي يد مدعي النبوة تصديقا له. وقد بدأ الكلام عنها في القرآن الكريم بقول الله عز وجل: 'سبحان الذي أسري بعبده ليلا' وكلمة 'سبحان' كلمة يعبر بها عن تنزيه الخالق تبارك وتعالي عن كل ما ينافي عظمته وكماله عز وجل، وهو ما يفيد أن الاسراء حدث كبير عظيم، ومع كبره وعظمته فليس بمستغرب، لأن الذي أسري بمحمد هو الله خالق الكون، المتصف بكل كمال، المنزه عن كل نقص. واذا كانت الأمور تسير في شئوننا الدنيوية في مجال علاقات الدول بعضها ببعض، أن يقدم السفراء أوراق اعتمادهم لدي الدولة التي تريد دولتهم اقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية معها، فإن الرسل كذلك ولله المثل الأعلي يرسلهم ربنا تبارك وتعالي إلي أقوامهم وشعوبهم مؤيدين بالمعجزة، وهي الأمر الخارق للعادة، ليكون ذلك أدعي إلي تصديق قومهم لهم، والايمان بما جاءوا به من شرع، وفي ظل معطيات العلم الحديث، والتقدم التقني الهائل الذي أفرزته البشرية في دنيا الاكتشافات، والاختراعات، والابتكارات أصبح من السهل علي عقول غير المؤمنين أن تتقبل حقيقة المعجزة، لأن الانسان اذا كان قد توصل إلي اختراع الوسائل التي تقطع المسافات في وقت لا يكاد يذكر، مثل الصواريخ عابرة القارات، والأقمار الصناعية والأنواع السريعة جدا من الطائرات، بل ومن القطارات، مع أن قدرة الانسان مهما عظمت لا تقاس بقدرة الله تبارك وتعالي، فإن هذه الاختراعات تسهل الايمان بمعجزات الرسل، ومنها معجزتا الاسراء والمعراج، فإذا كان العقل الانساني بهذه القدرة المبهرة التي كادت تفوق الخيال، فقدرة الله أعظم، وأجل من أن تحدها حدود أو يكون لها نهاية، واذا كان العقل عظيما فخالقه أعظم، وأسمي، وأجل.

منقول :27: