العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
(( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ))
يقول الطبري في تفسير هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اصدقوا الله ورسوله ، لم تقولون القول الذي لا تصدقونه بالعمل فأعمالكم مخالفة أقوالكم .
وحسبك أن الله تعالى سمّى ذلك الانفصام بين القول والعمل مقتاً، بل جعله أكبر المقت، وأشدّ البغض، فقال : (( كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ))

فلو تأملنا واقعنا لوجدنا فيه من هذا التناقض أشياء وأشياء، فعلى سبيل المثال نجد في بعض مدارس البنات تشديد على الطالبات في عدم لبس العباءة المخصرة والنقاب ومعظم الطاقم المدرسي إن لم يكن كلهن يلبسنَ ذلك ، بل العجب وكل العجب أن نجد معلمة التربية الإسلامية تشرح للطالبات حكم النّمص وهي مُتنمّصة وتشرح لهنّ حكم سماع الأغاني ورنين جوالها يحمل احدث النغمات ، وصدق الحسن رحمه الله حين قال : ( همة العلماء الرعاية وهمة السفهاء الرواية ). ونجد كذلك الدكتور يحذر من التدخين وهو يدخن ، الأب يحذر ابنه من الكذب وهو يكذب ، وعندما يدق جرس الباب شخص يريده يقول لابنه : أخبره أني ليس موجوداً ، أو ليس هذا بكذب . وكذلك في بعض المنتديات نجد من يكتب موضوعاً يحث فيه على عمل الخير وتقوى الله والبعد عن المعاصي وهو في حقيقة أمره مخالف لما يقول ، بل قد نجد في توقيعه ما يُغضب الله من صور وغناء وأبيات غرامية والله المستعان .
( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)

وهؤلاء على خطر عظيم إن لم يتوبوا ، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه ) . متفق عليه.

يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن عيّها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم


ورحم الله سلفنا الصالح ورضي عنهم وأرضاهم فقد كانوا لا يتجاوزون عشر آيات من كتاب الله تعالى، حتى يتعلموا ما فيها من العلم ويعملوا به.
وقال بعضهم : " كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به ".
العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل

وروى عبد الله بن وهْب عن سفيان : ( أن الخضر قال لموسى عليهما السلام : يا بن عمران تعلم العلم لتعمل به، ولا تتعلمه لتحدث به ، فيكون عليك بوره ، ولغيرك نوره ) .

وقال أحد السلف ( تعلموا العلم واعقلوه وانتفعوا به ولا تتعلموا لتتجملوا به فإنه يوشك إن طال بكم العمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه )
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أسوة ، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا أمر الناس بأمر كان أشد الناس تمسكاً به ، وكان يحمل أهل بيته على ذلك قبل أن يدعو غيرهم .
(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ))

أم سلفانا
0
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️