العنف عند الأطفال .. مظاهر وحلول
بقلم : هالة عادل
كان يوماً عاديًّا كأي يوم يمر علي في عملي بالروضة .. أخذت أطفالي ودخلت بهم إلى القاعة ليتناولوا طعامهم. وبينما كنت أجهز بعض لعب الأطفال، إذا بطفلة تأتي إلي باكية بشدة .. نظرت إلى وجهها فإذا بعلامة حمراء كبيرة تحت عينها.. فزعت لهول المشهد وسألتها عن السبب فقالت لي بأن زميلتها قد عضتها في هذا المكان.
وهذه لم تكن ولن تكون بالحادثة الفريدة، فللأسف الشديد أصبحنا نرى الأطفال منذ نعومة أظفارهم يتصرفون مع بعضهم البعض بعنف شديد وقسوة لا مبرر لها.
وقد يدعي البعض أن العنف سمة إنسانية، وهم ممن يؤمنون بأن البقاء للأقوى، ولكن لو نظرنا للأمر بعقلانية أكثر لوجدنا أن الله عز وجل عندما خلق الإنسان على الأرض خلقه ليعمر فيها لا ليدمرها" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. قال إني أعلم ما لا تعلمون".فالله عز وجل خلق البشر للإعمار في الأرض ولكي يحب بعضهم البعض لا للمشاحنات والتعارك .
ولكن عندما ننظر لظاهرة مثل ظاهرة العنف عند الأطفال – وقد أصبحت ظاهرة بالفعل هذه الأيام- فإننا حتمًالابد أن نبحث عن أسبابها اولاً حتى نجد حلولاً لها. ولأنني من هواة التأمل فقد فكرت مليًّا في الأمر، ووجدت أن الطفل ليس عنيفًا بفطرته، فالطفل الرضيع عندما يطرق بما يمسكه في يده على أي شيء أمامه فإن هدفه بالتاكيد ليس إزعاج الآخرين ، وليس تحطيم الأشياء وتدميرها، ولكن كل هدفه أن يجذب انتباه الآخرين له، وأن يشعر بأنه موجود وقادر على إحداث تغيير فيما حوله. فالعنف لا يولد مع ميلاد الطفل، ولكنه يولد بداخله بما نحيط نحن به أبناءنا من مشاهد ومؤثرات..
ومن أبرز هذه المشاهد ما يراه الطفل حوله من مشاهد العنف، وقد تكون هذه المشاهد فيما يراه والداه من أفلام في التلفاز؛ فما من فيلم إلا وفيه ضرب وانفجارات ودمار، وهو مايجعل الطفل يريد محاكاة ما يرى كى يكون مثل بطل الفيلم. وقد تكون مشاهد العنف فيما يراه بين والديه من شجار ، والذي قد يكون مجرد حديث يرتفع فيه الصوت ثم يتطور إلى التعارك، وهي مشاهد كثيرًا ما تتكرر أمام الأبناء.
وأيضًا مما يدفع الطفل للعنف بعض ألعابه مع الوالدين والأقارب، فهناك الكثير من الأهل عندما يلعبون مع أبنائهم فإنهم لا يلعبون إلا بالضرب وقذف ما أمامهم ، وهنا يفهم الطفل ان اللعب لا يكون إلا هكذا؛ بالضرب وقذف الأشياء وإيقاع الآخرين أرضًا؛ وهو ما يسبب الكثير من الحوادث في المدارس والروضات وحتى الأندية.
ومما يعلم الأطفال العنف كذلك أساليب العقاب التي يستخدمها بعض الآباء لمعالجة السلوك السيئ الذي يأتيه الأبناء، فمن الحالات التي شاهدتها في الروضة أن إحدى الأمهات كانت تحضر ابنها الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات إلى الروضة، وعادة الأطفال في هذه السن يرفضون الدخول للروضة فيبكون او يقفون متسمرين في أماكنهم ، أو يجلسون على الأرض ويرفضون القيام ، وهذا الطفل لم يبك، كل ما فعله أنه جلس على الأرض ورفض القيام مع أمه والدخول من باب الروضة، ولأنها تعتقد أن ما تفعله صواب دائما فقد هوت على وجه الطفل بصفعة كي يقف ويدخل الروضة وعندما قلت لها لا تضربيه قالت أنا أضربه فقط كي يقوم معي فقلت لها اتركيه واذهبي أنت وذهبت الأم ولم يبكي الطفل اطلاقا وسرعان ما وقف وسط الزملاء ولعب معهم ولكن سلوك هذا الطفل بين زملاءه كان يحكي بأوضح الألفاظ عما يلاقي في بيته فلم يكن أبدا بالطفل السوي ولم يكن ليلعب مع زملاءه بلطف بل كان يؤذي الجميع وتوجيه اللوم إليه من المعلمة لم يكن يقابله إلا بابتسامة بلهاء .
فلماذا نعود أبناءنا منذ صغرهم على الضرب لماذا لم نترك مجالا للتفاهم والوصول إلى حلول سليمة بهدوء ... فالطفل الذي يقع عليه العقاب العنيف لاتفه الأسباب مع صغر سنه بالتأكيد سيتعلم أن الحياة لا تسير إلا هكذا وهو ما سينعكس على سلوكياته ولو من باب محاكاة الكبار .
أما عن السبب الأخير لتعلم الأطفال العنف – وذلك مما شاهدته – فهو تشجيع الأبناء على السلوك العنيف ... مهلا لا تستنكروا الأمر فبالتأكيد عندما نرى طفلا يدمر شئيا ما ونصفق له ونقول ( برافو ) فإننا هنا لن نكون أسوياء بالمرة ولكن ما الذي يحدث داخل معظم البيوت عندما يضرب الطفل الرضيع أمه مثلا على وجهها وهي ترضعه أو تداعبه أقول لكم أنا .. في معظم البيوت يقابل هذا الأمر بالضحك وما الذي يحدث عندما يضرب الطفل أحد أقاربه أو أخوته أو أن يسبهم في سنى عمره الأولى ؟!..للأسف الشديد فإن كل من حوله يضحكون ويهللون في سعادة غامرة على أن الطفل أصبح يتفاعل معهم ، هم هنا سعداء بتفاعله وهو هنا يفهم أن ما يفعله هو الصواب وإلا فلماذا هم سعداء هكذا وشئيا فشئيا يصبح هذا سلوكا لديه فلو اعترض على سلوكه أحد أو حاول أحدهم معاقبته على خطأ أخطأه فإن أول رد فعل له أن يسبه أو يضربه كرد فعل تلقائي وبعد كل هذا يأتي الأباء فيشكون أن ابنهم عنيف وأنه لا يستجيب للعقاب وأنهم لم تعد لديهم أي حلول لمشكلاتهم ... بالطبع لا حلول لمشكلته فقد تطبع بالطبع السئ وكفى .
وأنا لا أنكر أن هناك أباء يشجعون الطفل على العنف بالمعنى الحرفي فهذا قد شاهدته بأم عيني ، رأيت طفلا معاقا ذهنيا يلعب مع بعض الصبية في الشارع فيخطئ في شئ ما فيضربه زملاءه وإذا بالأم تقف في الشباك لتقول لابنها ( اضربه اضربه " كمان " خليه يتعلم ) ... يتعلم ماذا إنه ذو احتياج خاص فأين الرحمة بحالته؟! وهل عندما تعود ابنها على هذا السلوك سيرحمها هي عندما تكبر وتسن وتصبح حالة خاصة هي أيضا .
أعتقد أن أساليب تربيتنا لابناءنا تحتاج منا للوقوف والنظر والتأمل والحكم على التصرف قبل أن نأتيه وذلك في النهاية رفقا بأنفسنا .
منقووووووووووووووول
شادن55 @shadn55
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مدام دايت
•
صحيح خاصه مشاهد العنف اليوميه في افلام الاكشن الي لازم يتابعها ابو الطفل الي كلها قتل وعنف والله حطيتي ايدك على الجرح
الصفحة الأخيرة