العواصم الأبيّة..من السيول التي اجتاحت السعوديّة

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم
العواصم الأبيّة..من السيول التي اجتاحت السعوديّة
آلمتني تلك المشاهد التي رأيتها في صحفنا.. وتلك المآسي التي شاهدتها في قنواتنا.. وتلك الأخبار التي طالعتها على صفحات الشبكة.. تحكي تلك الكارثة..
تلك السيول العارمة.. التي اجتاحت تلك البلاد الآمنة.. تلك البلاد التي طالما تربعت على قمم المعالي.. وطالما ضرب بها المثل في السمو والتعالي.. كيف اجتاحتها هذه السيول بعد ذلك الصمود.. فنخرت تربتها.. ودكدكت روابيها.. وشوهت مناظر البهجة فيها..
كم يؤلم الناظر إلى أولئك الشباب وهم صرعى على شواطئ الأودية.. قد شوه عكر السيل وجوههم الشابة.. ودنس قلوبهم الطاهرة.. وأصبحوا يتقلبون في زبده الملفوظ.. ويحتسون ماءه الممجوج..
وكم يؤلم الناظر إلى أولئك الرجال.. الذي كنا نراهم كالصخور الراسية.. في الثبات على الجادة.. وإذا بهم على ظهر ذلك السيل محمولون.. وبقذره متلطخون.. وفي زبده يبحثون.. ولا أعلم عما يبحثون..
كم يؤلم الناظر إلى تلك الفتيات.. الطاهرات العفيفات.. كيف احتملهن السيل بلا هوادة.. وساقهن في طريقه بلا رأفة..
كيف أصبحن بعد العز ذليلات.. وبعد المكانة وضيعات.. وبعد الطهر والعفاف ساقطات..
كم يؤلم الناظر إلى منظر أولئك جميعا.. وهم على جنبات الوادي صرعى.. بين هائم وعائم.. وبين ممسوخ ومسلوخ.. وبين مفتونن ومبهور..
كم يؤلم الناظر إلى هذه البلاد.. كيف توافدت عليها السيول من كل المرافد.. وتجمعت عليها من كل المنافذ.. حتى أغرقت من انساق لها.. وجرفت من انصاع لأنداءاتها.. وطرحت من بالثبات تصدى لها..
كم يؤلم الناظر إلى تلك البيوت التي كانت تدوي بالقرآن.. وتفتخر بالإسلام أعظم الأديان.. كيف اقتحمها ذلك السيل العاتي.. فمزق أهلها بعد التكاتف.. وفرق جمعهم بعد التآلف.. كيف غزا ذلك السيل تلك المنازل المنيعة.. حتى أصبحت مرتعاً للرذيلة..
كيف غزا تلك البيوت الأبية.. حتى صارت تضج بأصوات كل خبيث وخبيثة..
وا ألمي على تلك البيوت التي على الدين بنيت.. كيف استطاع هذا السيل أن ينخر بناءها.. ويهز كيانها..
كم يؤلم الناظر إلى تلك القمم الشامخة.. كيف نخر السيل أساسها.. حتى سقطت على رأسها..
كم يخشى المرء العاقل.. من مثل ذلك السيل العابر.. الذي يهدد كل بيت.. ويعمد إلى تدمير كل ثابت..
كم يخشى المرء العاقل.. من سيل جارف.. لا يمتنع منه شجاع ولا خائف..
إن هذه السيول -أخواني وأخواتي- ليست سيول ماء يروي الأرض.. ويمنحها جمالها.. ويكسبها بهجتها.. ليست تلك السيول التي كنا ننتظرها من سنين.. ترد في الأرض الحياة.. وتمنح البلاد الجمال..
ليست تلك السيول التي جاءت رحمة.. وإن كانت على بعض الناس قمة.. لكن من مات بها فهو شهيد بإذن الله.. ومن فقد بها ملكاً فهو مأجور بإذن الله..
تلك السيول لا اعتراض عليها.. ولا يد لنا فيها.. ولا حول لنا فيها ولا قوة..
إنما السيول التي أعني.. ولتبيينها أنوي..
هي تلك السيول التي اجتاحتنا من قريب.. وعايشنا مرارتها من والتعذيب..
تلك السيول الجارفة.. التي جرفت الشباب.. وخطفت البنات.. وهزت الرجال.. ودمرت البيوت..
أليست فتنة "التكفير" سيل غزا شبابنا.. ونساءنا.. وحتى رجالنا.. ورموزنا..؟
أليست فتنة "التغريب" سيل غزا ابناءنا.. وبناتنا.. وحتى مثقفينا..؟
أليست فتنة "التمييع" سيل غزا الشباب.. والفتيات.. وحتى كثير من الملتزمين والملتزمات..؟
أليست فتنة "التحزب" سيل غزا الواعين.. والواعيات.. والطيبين والطيبات..؟
كثيرة هي تلك السيول.. وخطيرة هي تلك السيول.. فيا ترى ما العواصم الأبية.. من تلك السيول القوية..؟
أقول -وبالله التوفيق- :
إن أعظم ما اعتصم به الناس من خطر السيول.. جبل أشم.. وحبل متين.. ومنقذ محفوظ.. وعاصم معصوم.. وكتاب مبين.. "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"
وثانياً حصن حصين.. وقول من معصوم.. به تستبين الطرق.. ويعرف الخطر.. "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى"
وثالثاً الإعتصام بالجماعة.. والبعد عن المنازعة.. والالتفاف حول الرموز الثابتة.. والتوحد مع أهل الكلمة العادلة.. "ومن شذ شذ في النار".
"تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي".
قال حذيفة رضي الله عنه: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ؟ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ » . قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ».

الكتاب الكتاب.. يا أمة خير كتاب..
والسنة السنة.. يا أتابع صاحب السنة..
والجماعة الجماعة.. يا أهل السنة والجماعة..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منقول
6
569

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أم البتول 2008
أم البتول 2008
رفع
بساط الريح
بساط الريح
الله يرحمنا برحمته
عذاابي
عذاابي
الله يرحمنا
دلع اطفال
دلع اطفال
الله يحفظنا ويحمينا من الفتن

شاكره لك اختي
أم البتول 2008
أم البتول 2008
مروركن عطر صفحتي
جزاكم الله خيرا