
ينتقل الطفل من حضن أمه ،ممطيا ظهر أبيه دون مطاردة أو اعتراض،مستغلا انشغالهما بالحديث عن هموم الحياة التي وقفت حاجزا منيعا في طريق سعادة البؤساء،ومحطمة لأحلام النجباء،هامسا في أذن زوجته كعادته: سأشتري لك العقد الذي وعدتك به إن تحصلت اليوم على المال الكافي.يهم بالخروج فيتقافز أولاده خلفه يتعلقون بتلابيب ثوبه ، كم يكرهون لحظة خروجه هذه،فيواسيهم خيالهم الواسع للحصول على بضع حلم منه فيضع كلٌ مسألته،فلا يرد منهم سائلا ،ولا يكسر لهم خاطرا،يبادلهم الشعور بأحلام الفقراء، فيغنيهم أحلاما حدها السماء،ويشبعهم وعودا لا يتعمد إخلافها !!!!.خرج من بيته بعد معركة عاطفية بينه وبين أطفاله ،متوشحا فأسه ومقلاعه،مُحمَلاً بوعود قطعها لمن خلفه ،تَحفُهُ دعوات السلامة من كل مكان.أخذ يرسل وابل حمم ضرباته المفعمة بالقوة والحيوية ،لتصنع من تلك الأحجار المتصلبة أشكالا هندسية مختلفة غاية في الروعة والجمال،نحتها فأسه الذي جمد دماء الصخر المتصلب في عروقه، كلما رأه نازلا من على كتف صاحبه ممشوقَ القامة بين راحتي الفلاح، كيف لا وقد تهاوت تحت ضرباته المسددة صناديد الصخر وفطاحلها. نحت الجماد الجماد ،لكن لم يُتَوَهم يوما أن يخاصم جمادا لا روح له من له روحا ،وينتقم من قواه الشابة حجر حاقد لا يفهم من المعقول إلا لغة الغيلة والإجرام، فما أن سنحت له الفرصة بالتعدي، إلا وانقض بمخالب غدره على روح بشر كرس حياته لأجل سعادة بيته ،متنقلا بين الشجر والحجر، سلاحه الفأس وشهادته المحراث،وجواز عبوره حزم الحطب وكومة الأحجار المنحوتة.استنسر الوغد بمكره ليسقط أبو الصغار تحت حمم أحجاره،فيهوي فأسه المكابد لسنوات من العمل الشاق على رأس صاحبه، تحت وطأة هجمة مباغتة غادرة،مستسلما دون رفع التلويح براية،فمن يرفع الراية لإجل السلم ،وقد تدحرج من يمتشق الفأس والمقلاع،مُمزقا أعضاءه حجرٌ تشبَعَ بكل لغات الكره والبغض،بوثبة من شاهق لا تعرف الرحمة ٍ،ناشرا دمه وأشلاءه على سفح الوادي الذي لطالما كان سببا لعزته وقوت عياله.عاد الرجل إلى بيته محمولا على الأكتاف،بعد أن خرج حاملا أحلاما ووعودا ،ضمه كفن مخضبا بالدم القاني،رائحة الموت تشق الأرجاء من بين ثناياه، تناثرت خلاله بقايا لحم ومخ وعظام.وتناثرت منه بقايا أحلام ووعود قطعها لزوجة وأطفال يتشوفون الوفاء بها على لظى جمر الانتظار.
طيييييييييييييف
حياك الله ياغالية ..!
والله تذكرتك اليوم بقوة وأنا أشاهد أخبار اليمن والمعارك ..
فقلت ترى أين طيف وماعساها ترى وتكتب ! وها أنني ألمس تواجدك الملئ بروح الوطنية
ومرآة ذاتك وهي تصور المآسي والبطولات وصور الموت في مشاهد مؤثرة
أهلا بك !!
وعساك تكتبين يوماً السعادة والأمان كما تكتبين الآن واقع الدمار والموت والقتل والشهادة
بوركت ياغالية .