الغضب أسبابه وعلاجه .( منذ أن قرأت الموضوع استطعت أن أقاوم غضبي )

الملتقى العام

تعريف الغضب ودرجاته وأسبابه وعلاجه .

أ – تعريف الغضب لغةً واصطلاحاً:
الغَضَبُ: لغةً: غَضِبَ يَغْضَبُ غَضَباً، قال ابن فارس: «الغين والضاد والباء أصل صحيح يدل على شدة وقوة. يقال: إن الغَضْبة: الصخرة، ومنه اشْتُقَّ الغضب، لأنه اشتداد السُّخط»
وفي الاصطلاح: عرفه الجرجاني بأنه: «تغير يحصل عند غليان دم القلب ليحصل عنه التشفي للصدر» ، وعرفه الغزالي: «غليان دم القلب بطلب الانتقام»

ب – درجات الغضب:
يتفاوت الناس في طريقة تعاملهم مع الآخرين في حياتهم اليومية، ومعالجة المثيرات التي يواجهونها «فمنهم من تستخفه التوافه، فَيَسْتَحْمِق على عجل، ومنهم من تستفزه الشدائد فَيُبْقِي على وقعها الأليم محتفظاً برجاحة فكره وسجاحة خلقه»
وينقسم الغضب إلى درجات ثلاث هي: التفريط، والإفراط، والاعتدال ، ونأتي إلى بيان كل درجة منها بإيجاز:
أولاً: التفريط: وهو أن يفقد قوة الغضب أو ضعفها، وهذا مذموم، وهو الذي يقال فيه: إنه لا حَمِيَّة له، ولذلك قال الشافعي: «من استُغْضِبَ فلم يغضبْ فهو حمار»، فهذا قد فَقَدَ معنى الغَيْرَة والعِزَّة، ورضي بقلة الأنفة واحتمال الذل.

ثانياً: الإفـراط: وهـو أن تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمـرء معها بصيرة، ولا نظر، ولا فكرة، ولا اختيار، وسبب غلبته أمور غريزية، وأمور اعتيادية.
ثالثاً: الاعتدال: وهو الغضب المحمود، بأن ينتظر إشارة العقل والدين، فينبعثَ حيث تجبُ الحَمِيَّةُ، وينطفئُ حيث يَحْسُنُ الحلمُ وحفظُهُ على حد الاعتدال والاستقامة التي كلف الله ـ تعالى ـ بها عباده وهو الوسط.
والغضب المحمود هو ما كان دفعاً للأذى في الدين أو العرض أو المال له أو لغيره، وانتقاماً ممن عصى الله ورسوله، وهذه كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله ـ تعالى ـ غضب لذلك، كما وصفـت عائشـة ـ رضي الله عنها ـ النبي صلى الله عليه وسلم : «وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط، إلا أن تُنتهك حرمة الله، فينتقم بها لله»

ج – مخاطر الغضب:
الغضب شعلة نار مستكنة في طي الفؤاد، استكنان الجمر تحت الرماد، وربما جمع الغضبُ الشرَّ كله، وربما أدى إلى الموت باختناق حرارة القلب فيه، وربما كان سبباً لأمراض خطيرة، ناهيك عن لواحقه: مقت الأصدقاء، وشماتة الأعداء، استهزاء الحساد والأراذل من الناس.
ولا أدل على خطورة الغضب من وصية النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل جاء إليه يطلب أن يوصيه، فقال صلى الله عليه وسلم له: «لا تغضب ـ فردد مراراً ـ قال: لا تغضب» ، وفي رواية: «علمني شـيئاً ولا تكثر عليَّ لعلي أعيـه، قال صلى الله عليه وسلم : لا تغضب ـ فردد ذلك مراراً، كل ذلك يقول ـ: لا تغضب»
وقوله لمن استوصاه: لا تغضب يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق: من الكرم والسخاء، والحلم، والتواضع، ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة؛ فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق، وصارت لها عادة ـ أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه.


والثاني: أن يكون المراد ألا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك، بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه، والعمل بما يأمر به، فإن الغضب إذا ملك ابن آدم كان كالآمر والناهي له، وفي وصية عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ: «لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان» ، وروي عن بعض السلف: «أقرب ما يكون العبد من غضب الله ـ عز وجل ـ إذا غضب».
وقال بعض العلماء: خلق الله الغضب من النار وجعله غريزة في الإنسان، فمهما قصد أو نُوزع في غرض ما اشتعلت نار الغضب، وثارت حتى يحمر الوجه والعينان من الدم» .
وصدق من قال: «الغضب ريح تهب على سراج العقل فتطفئه».
كما أن للغضب مخاطر صحية؛ فكثرة الانفعال تسبب الإصابة بالأمراض البدنية، وكثرة الغضب تجعل الإنسان مشدود الأعصاب مرتعش المشاعر، وتؤول به إلى تفكك العلاقات الإنسانية.
د – آثار الغضب:
للغضب آثار عديدة نوجز الإشارة إلى أبرزها:
11 الحقد في القلب.
11 الحسد والبغضاء بين الناس.
11 الشتم والسب والفحش في القول.
11 الخصومة والعداوة والشقاق.
11 طلاق الزوجة الذي يعقبه الندم.
11 الضرب والاعتداء الذي ربما يؤول إلى القتل.
11 الدعاء على نفسه أو أهله أو أولاده أو ماله؛ فإنه ربما يوافق ساعة إجابة فيستجاب له.
11 الأيْمان والقسم، وإذا أقسم الغضبان على شيء انعقدت يمينه، وفيها الكفارة كما قال أهل العلم.
11 ربما ارتقى الغضب إلى درجة الكفر، كما حصل لجبلة ابن الأيهم.

هـ - أسباب الغضب:
هناك أسباب عديدة للغضب، نذكر منها ما يلي:
الزَّهو (الكِبْر)، والعُجْبُ، والمزاح، والهَزْلُ، والهُزء، والتعيير، وحب الدنيا، وربما كان تسمية الغضب عند بعض السفهاء بأنه قوة وشجاعة ورجولة وهم بهذا يستسيغونه فيصبح مدحاً لصاحبه!
وعموماً فأسباب الغضب كثيرة ومتفاوتة من شخص لآخر؛ فمن الناس من يغضب لأتفه الأسباب، وعلى المرء أن يهدئ نفسه دوماً، ويبتعد عما يغضبه حفاظاً على دينه ونفسه.
و – علاج الغضب:
لا خَلاصَ من الغضب مع بقاء الأسباب، وعلاج الغضب بإزالة هذه الأسباب بأضدادها؛ فعلاج الزهو بالتواضع، وعلاج العُجب بمعرفة النفس، وعلاج المزاح بتركه، وعلاج الهزل بالجد في الأمور، وعلاج التعيير بالحذر من القول القبيح، وعلاج حب الدنيا بالقناعة.
ومن الأمور المهمة في علاج الغضب ما يأتي:
1 – ذكر الله ـ عز وجل ـ: فيكون ذلك مدعاة إلى الخوف منه، وبعثه الخوف منه على الطاعة له؛ فعند ذلك يزول الغضب قال ـ تعالى ـ: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إذَا نَسِيتَ} قال عكرمة: إذا غضبت. والآيات في هـذا كثيرة منها قوله ـ تعالى ـ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ} ، وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْـجَاهِلِينَ} .
2 – تفكر المرء في النصوص الواردة في فضل كظم الغيظ، والعفو، والحلم: جاء في حديث أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله! دلني على عمل يدخلني الجنة! قال صلى الله عليه وسلم : «لا تغضب؛ ولك الجنة» .
3 – تخويف النفس من عقاب الله ـ عز وجل ـ: وهو أن يقول: قدرة الله ـ تعالى ـ عليَّ أعظم من قدرتي على هذا الإنسـان؛ فلـو أمضيت فيــه غضبي لـم آمـــن أن يُمضــي الله ـ تعالى ـ غضبه عليَّ يوم القيامة.
4 – تحذير النفس من عاقبة العداوة والانتقام وتشمر العدو للمقابلة .
5 – الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان الرجيم، كما في حديث سليمان بن صرد ـ رضي الله عنه ـ قال: استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن عنده جلوس، وأحدهما يَسبُّ صاحبَهُ مُغضَباً قد احمر وجههُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إني لست بمجنون؟.
6 – التحكم في انفعال الغضب، وبذلك يحتفظ المرء بقدرته على التفكير السليم، وإصدار الأحكام الصحيحة.
7 – تحول الغاضب عن الحال التي يكون عليها؛ فإن كان قائماً جلس، وإن كان جالساً اضطجع، وعليه أن يتوضأ أو يستنشق الماء.
8 – الصمت، وهو علاج ناجع للغضب أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إذا غضب أحدكم فليسكت» ، ولأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول كثير من السباب وغير ذلك من الأضرار مما يندم عليه في حال زوال غضبه، فإذا سكت زال هذا الشر، وكما قيل: إذا غضبت فأمسك.
9 – تذكر الغاضب ما يؤول إليه الغضب من الندم ومذمة الانتقام.
10 – تذكر ثواب العفو وحسن الصفح، وهو بهذا يقهر نفسه عن الغضب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»(6)، وقد أحسن القائل: لا يُعرفُ الحلمُ إلا ساعَةَ الغَضَبِ.
11 – تفكر الغاضب في قبح صورته؛ فلو نظر إلى صورته في مرآة ـ حال غضبه ـ لاستحى من قبح صورته واستحالة خلقته! .
وأخيراً: فإن علاج الغضب بألا نكثر من الغضب في غير موضعه الصحيح، وقد مرت معنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجل بقـوله: «لا تغضب». يقـول ابن التين: «جمـع صلى الله عليه وسلم في قـوله: «لا تغضب» خير الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين . ولذا تجد العاقل إذا تغير حاله من الغضب إلى الرضا، تعجب من نفسه، وقال: ليت شعري كيف اخترت تلك الأفعال القبيحة؟ ويلحقه الندم .
41
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بنت الشرق
بنت الشرق
وجدت ان السكوت والوضوءاسرع علاج للغضب

جزاك الله خير نورة نت :26:
* نورة نت *
* نورة نت *
الله يجزاك خير بنت الشرق على مرورك على موضوعي
أنتي الوحيدة إلا رفعتي رأسي وردتي :26: :26:

بعد إلا قرأ الموضوع ولا ردّ الله يجزها خير على القراءة

سلامتكم

أختكم نورة .
.
* نورة نت *
* نورة نت *
:26:
ألف معنى
ألف معنى
اختي الغالية نورة نت الله يجزاك خير ويبارك فيك

سلمت يداك ..

الحقيقة معلومات جميلة ......نحتاج لها كثير خاصة في هذا الوقت

اللي صارالواحد فيه ما يحمل احد..الا مارحم ربك
white dwarf
white dwarf
أختي * نورة نت *

جزاك الله كل الخير على الموضوع الرائع

:26: :26: :26: