بسم الله الرحمن الرحيم
الشـتـاء
وردت كلمة الشتاء مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة قريش في قوله تعالى : ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ) ، وقد ورد لفط البرد في القرآن الكريم في موضعين في قوله تعالى في سورة الأنبياء : ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) وفي قوله تعالى في سورة النبأ: (لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً ) .
والبرد ضد الحر، وهو الشدة التي يقاسيها الناس في فصل الشتاء بسبب قوة الرياح أو برودتها، وكان عمر بن الخطاب إذا حضر الشتاء كتب إلى عماله : " إن الشتاء قد حضر وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب ، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه " .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضاً ، فأذن لها بنفسين : نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير " .
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : " ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ؟ قالوا : بلى ، فيقول : الصيام في الشتاء " . وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : " مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة ، ويطول فيه الليل للقيام ، ويقصر فيه النهار للصيام " . وقال الحسن البصري : " نعم زمان المؤمن الشتاء ، ليله طويل يقومه ، ونهاره قصير يصومه ".
ونستأذنك أخي القارئ الكريم في هذه الوقفات بمناسبة الشتاء :
الوقفة الأولى : أن بعض الناس هداهم الله يتساهلون في أيام البرد في الوضوء كثيراً ، فلا يأتون بالقدر الواجب منه ، فلا يرفعون أكمامهم عند غسل اليدين رفعاً كاملاً ، خصوصاً إذا كان الإنسان يلبس ملابس داخلية لها أكمام ضيقة ، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئاً من الذراع بلا غسل وهو محرم ، والوضوء معه غير صحيح ، فالواجب أن يرفع كمه إلى ما وراء المرفق، ويغسل المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء ) .
وقد جاء في الحديث : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله ، قلا : " إسباغ الوضوء على المكاره ، ... " .
وبعض الناس يتحرج من تسخين الماء وهذا غير صحيح ، فلا مانع من تسخين الماء ، أو تنشيف الأعضاء بعد الوضوء .
الوقفة الثالثة : إن من أعظم أسباب منع القطر من السماء انتشار المعاصي والسيئات ، وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة، وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا".
وروى ابن جرير في تفسيره عن مجاهد قولَه في تفسير آية ( ويلعنهم اللاعنون ) قال : " دواب الأرض ، تقول : إنما منعنا المطر بذنوبكم " .
الوقفة الرابعة : نذكر بعض الأذكار التي ترد في مثل هذا الموسم :
- روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به " .
- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئاً في أفق السماء ترك العمل ، وإن كان في صلاة ، ثم يقول : " اللهم إني أعوذ بك من شرها " فإن مُطِـر قال : " اللهم صيباً هنيئاً " .
الوقفة الخامسة : هل تعلم أخي المسلم أن أكثر من مليون مسلم معرضون للموت برداً في العالم ، فهل تعلم حالهم ؟ وماذا قدمت لهم ؟ وهل تعلم أن منهم من لا يجد ما يستر به عورته .. يلتحف السماء ويفترش الأرض .. وليس لهم مأوى .. فماذا ستقدم لهم في هذا الشتاء ؟!
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير إنه جواد كريم .
المجلة الإسلاميـــــــة
khl @khl
عضوة نشيطة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️