الـحـرب الـبـاردة عـلـى الـمـرأة الـمـسـلـمـة

ملتقى الإيمان

الـحـرب الـبـاردة عـلـى الـمـرأة الـمـسـلـمـة



تأليف



الشيخ بدر بن علي العتيبي


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أمّا بعد :

فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون } .

{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما} .

فنحمد الله الذي أتم لنا الدين القويم ، كما قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ، وكان ذلك بإنزال كتابه الكريم ، الذي وصفه الله بأنه { تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين } ، فبه يستبين الحق ، ومن سلكه اهتدى ، ومن اهتدى به فهو مرحوم من الشقاوة ، والبشارة له من ثم بعاقبة من كان دليله القران ، وهي سعادة الدارين .

وكذلك أتم الله لنا الدين بإرسال رسوله الكريم ، كما قال تعالى { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } .

روى الحاكم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلاّ قد أمرتكم به ، ولا عمل يقربكم إلى النار إلاّ قد نهيتكم عنه )) الحديث .

وروى الطبراني عن أبي ذرٍ رضي الله عنه : ( تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يقلب جناحيه في الهواء إلاّ وهو يذكر لنا منه علما ) فما من خير إلا ودلنا عليه ، وما من شر إلاّ وحذرنا منه .

فشمل ديننا الحنيف جميع جوانب الحياة ، ما دقّ منها وما جلّ ، كيف لا وهو الدين الذي علمنا بآداب الأكل والشرب بل وقضاء الحاجة ، فكيف يغفل ما هو أكبر من ذلك وأهم من مسائل الدين والدنيا ، من جميع الشئون الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وجميع شئون الناس على تباين واختلاف أجناسهم من ذكر وأنثى ، ودياناتهم من مسلم وكافر ، وألوانهم من أبيض وأسود ، وأعمارهم من صغير وكبير ، ولغاتهم من عربي وعجمي .

فنحمد الله على هذه النعم السابغة ، التي كاد بنا من أجلها أعداء الدين ، ولا تزال مكائدهم تتوالى من عهد الأنبياء والمرسلين إلى هذا الزمان الغريب !! .

فالإسلام في هذه الأزمان تنتابه حرب شعواء شرسة طاحنة من أعدائه !!، من كل جهة !! ، مع الخور والضعف المستشري بين المسلمين في الدين والاقتصاد والسياسة .

ومن أخطر أساليب الحروب : الحروب الفكرية إذ أن الحروب العسكرية البدنية تفسد الأرض ابتداءاً والناس تبعاً ، وأمّا الحروب الفكرية الدينية فهي تفسد الناس ابتداءاً والأرض تبعاً !! ، وهذه أخطر ، وخاصة إذا كانت هذه الحرب تدور داخل حصون المسلمين ، ونبال الأعداء تنطلق من وراء ظهورهم من حيث يأمنون !! ، فجدّ أعداء الدين في زعزعة كثير من الثوابت الدينية في العقائد والعبادات والأخلاق بأسلحة شتى مدمرة ، فتارة بسلاح التشكيك وعدم ثبوت النصوص أو عدم الدلالة أو عدم الحجية !! ، وتارة بالتحريف للكلم عن مواضعة ، وتارة بدعوى أن المسألة خلافية والرأي فيها مفتوح للناظرين !! ، فيسقط جدار هذا الدين حجراً حجرا ، وزاوية زاوية والناس في غفلة ساهون ، فكم من أمرٍ قطعي الوجوب أو قطعي التحريم عند المسلمين من قديم الزمان لا يقبلون فيه المساومة والنقاش أصبح اليوم على موائد الصحف والقنوات الفضائية فاكهة الأخذ والرد والمخالفة وإبداء الرأي والرأي الآخر !! ومن عظيم تلك الثوابت (1) التي أخذت أسلحة ( الدمار الشامل الفكرية ) تنقض عليها هي ( قضية حقوق المرأة في الإسلام )، فقبل عقود قلائل مضت كنا لا نساوم ولا نقبل الكلام فيها ولا حولها !! ، والآن صارت محل انسلاخ كثير من الأقلام من حبر الحياء والحشمة من الدعوة إلى التبرج والسفور تحت شعار إرجاع الحقوق المسلوبة إلى المرأة !! ومساواتها بالرجل، وكأن الإسلام معتدٍ على حقوقها عندما جعل نصف شهادتها بنصف شهادة الرجل ، وإرثها نصف إرث الرجل ، وأمرها بالقرار في البيوت ، والحجاب ... و .. و .. الخ .

فثارت ثوائر الدعاة إلى خروج المرأة وتمثيلها وقيادتها للسيارات وتوليها للمناصب السياسية ولعبها للرياضة في الأندية والمدارس والشوارع !! ، وهذه والله زفرات شر يخشى علينا منها من الهلاك كما قال الله تعالى ذكره : { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليه القول فدمرناها تدميرا} .


يتبع بعون الله
0
469

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️