السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو كان عند المرأة ورد يومي سورة ( البقرة ) وجاءتها الدورة ,, هل يصح لها أن تقرأ بالقرآن اللي بالتفسير ,, أم أنه اذا أتتها الدورة الأفضل أن لا تقرأ ,,
أرجو سرعة الرد
here iam @here_iam
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
yasmeen 2003
•
حتى أنا نفسج ودي أعرف لأن ماودي أقطع قراءة القرآن فترة الدوره
سؤال:
هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :
فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .
واستدلوا على المنع بأمور منها :
1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل ، وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة " رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144) وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84) ابن خزيمة (1/104) قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال الحافظ ابن حجر : والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة .
2- ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117) والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ . وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها :
1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .
2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .
3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .
4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .
فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ، وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب ، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 قال الحافظ ابن حجر : وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة ، وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .أ.هـ وقال الشيخ الألباني عنه : صحيح .التلخيص الحبير 4/17 وانظر : نصب الراية 1/196 إرواء الغليل 1/158 .
حاشية ابن عابدين 1/159 المجموع 1/356 كشاف القناع 1/147 المغني 3/461 نيل الأوطار 1/226 مجموع الفتاوى 21/460 الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 1/291 .
ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ ، والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :
فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .
واستدلوا على المنع بأمور منها :
1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل ، وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة " رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144) وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84) ابن خزيمة (1/104) قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال الحافظ ابن حجر : والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة .
2- ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117) والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ . وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها :
1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .
2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .
3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .
4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .
فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ، وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب ، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 قال الحافظ ابن حجر : وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة ، وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .أ.هـ وقال الشيخ الألباني عنه : صحيح .التلخيص الحبير 4/17 وانظر : نصب الراية 1/196 إرواء الغليل 1/158 .
حاشية ابن عابدين 1/159 المجموع 1/356 كشاف القناع 1/147 المغني 3/461 نيل الأوطار 1/226 مجموع الفتاوى 21/460 الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 1/291 .
ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ ، والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
الحمد لله القائل: "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين"1، وصلى الله وسلم وبارك وعظم على رسوله القائل: "لا يمس القرآن إلا طاهر"2، ورحم الله علماء الأمة الذين لا يجتمعون على ضلالة.
وبعد..
لقد أجمع عامة أهل العلم قديماً وحديثا، من لدن الصحابة ومن بعدهم أن المصحف لا يمسه إلا طاهر على وضوء إلا شذوذاً من الأقوال.
ومن ذهب إلى ذلك من أهل العلم على سبيل المثال لا الحصر:
من الصحابة
علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم من غير مخالف لهم.
ومن التابعين
عطاء، والزهري، والنخعي، وحماد، وطاوس، والحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد رحمهم الله.
من الأئمة المقتدى بهم
جميع فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وأبو عبيد، رحم الله الجميع.
ã
دليل العامة
1. قوله عز وجل: "لا يمسُّه إلا المطهرون".
2. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" الحديث.
قال إسحاق بن راهويه رحمه الله: (لا يقرأ أحد المصحف إلا وهو متوضئ، وليس ذلك لقول الله عز وجل: "لا يمسه إلا المطهرون"، ولكن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر").3
قال ذلك إسحاق رحمه الله لاختلاف أهل التأويل في الآية، فمنهم من ذهب إلى أن المراد بالمطهرين الملائكة، ولكن السنة بينت المراد وحسمت الخلاف، فالواجب الأخذ بقول من نزل عليه القرآن وأعطاه الله مثله من البيان.
ã
من أجاز مس المصحف من غير وضوء وحججهم
شذ البعض وأجاز لغير المتوضئ مس المصحف، وذلك لبعض الشبه التي عرضت لهم، والله يتجاوز عنا وعنهم، وهم الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، وداود بن علي الظاهري.
احتج المجيزون لذلك ببعض الشبه، وهي:
1. أن المراد بالمطهرين في قوله تعالى: "لا يمسه إلا المطهرون"، الملائكة.
2. أن المراد بالآية الخبر وليس النهي، إذ لو كان ذلك نهياً لقال: "لا يمسّه"، أي بسكون السين المشددة وليس بضمها، لأنها حينئذ تكون مجزومة بلا الناهية.
3. وبقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن ليس بنجس".
4. وبكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهرقل، وفيه قوله تعالى: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" الآية، وهرقل كافر نجس وقد مس الكتاب.
5. وبأنه يباح للصبيان في الكتاتيب مسه ولو كان لا يحل مسه لما جاز لهم أن يمكنوا من ذلك.
6. وبأنه تباح القراءة من الحفظ لغير المتوضئ.
هذه أهم الشبه التي رفعها المجيزون لذلك.
ã
رد أهل العلم ودحضهم لها
قال ابن عبد البر رحمه الله: (وأما الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، فلم يختلف عنهما في إجازة حمل المصحف بعلاقته لمن ليس بطاهر، وقولهما عندي شذوذ ومخالفة للأثر، وإلى قولهما ذهب داود بن علي، قال: لا بأس أن يمس المصحف، والدنانير والدراهم التي فيها ذكر الله، الجنب والحائض؛ قال: ومعنى قوله "لا يمسه إلا المطهرون" هم الملائكة؛ قال: ولو كان ذلك نهياً لقاله "لا يمِسُّه"؛ واحتج أيضاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن لا ينجس".
قال أبو عمر: قد يأتي النهي بلفظ الخبر ويكون معناه النهي، وذلك موجود في كتاب الله كثير، نحو قوله: "الزاني لا ينكح إلا زانية أومشركة" جاء بلفظ الخبر، وكان سعيد بن المسيب وغيره يقول: إنها منسوخة بقول الله عز وجل: "وأنكحوا الأيامى منكم"، ولو لم يكن عنده في هذا الخبر معنى النهي ما أجاز فيه النسخ، ومثله كثير).5
وقال القرطبي رحمه الله: (اختلف في معنى "لا يَمَسُّه" هل هو حقيقة في المس بالجارحة أومعنى؟ وكذلك اختلف في "المطهرون" من هم؟ فقال أنس وسعيد بن جبير: لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب وهم الملائكة؛ وكذا قال أبو العالية وابن زيد: انهم الذين طُهِّروا من الذنوب كالرسل من الملائكة، والرسل من بني آدم، فجبريل النازل به مطهر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مطهرون.
إلى أن قال: وقال المهدوي: ويجوز أن يكون أمراً وتكون ضمة السين ضمة إعراب، ويجوز أن يكون نهياً، وتكون ضمة السين ضمة بناء، والفعل مجذوب.
إلى أن قال: وقد رُوي عن الحكم وحماد وداود بن علي أنه لا بأس بحمله ومسه للمسلم والكافر طاهراً أومحدثاً، إلا أن داود قال: لا يُجَوَّز للمشرك حمله؛ واحتجوا في إباحة ذلك بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وهو موضع ضرورة، فلا حجة فيه، وفي مس الصبيان إياه على وجهين، أحدهما المنع اعتباراً بالبالغ، والثاني الجواز، لأنه لو مُنِع لم يحفظ القرآن، لأن تعلمه حال الصغر، ولأن الصبي وإن كانت له طهارة إلا أنها ليست بكاملة، لأن النية لا تصح منه، فإذا جاز أن يحمله على غير طهارة ، جاز أن يحمله محدثاً).6
وقال النووي رحمه الله: (وعن الحكم، وحماد، وداود: يجوز مسه وحمله؛ وروي عن الحكم وحماد جواز مسه بظاهر الكف دون بطنه، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل كتاباً فيه قرآن، وهرقل محدث يمسه وأصحابه، ولأن الصبيان يحملون الألواح محدثين بلا إنكار، ولأنه إذا لم تحرم القراءة فالمس أولى، وقاسوا حمله على حمله في متاع، واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين"، فوصفه بالتنزيل وهذا ظاهر في المصحف، الذي عندنا، فإن قالوا: المراد اللوح المحفوظ لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، ولهذا قال يمسه بضم السين على الخبر، ولو كان المصحف لقال "يمسَّه" بفتح7 السين على النهي، فالجواب: إن قوله تعالى "تنزيل" ظاهر في إرادة المصحف، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح، وأما رفع السين فهو نهي بلفظ الخبر، كقوله: "لا تضارُّ والدة بولدها" على قراءة من رفع، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيعُ أحدُكم على بيع أخيه" بإثبات الياء، ونظائره كثيرة مشهورة، وهو معروف في العربية، فإن قالوا: لو أريد ما قلتم لقال "لا يمسه إلا المتطهرون"، فالجواب أنه يقال في المتوضئ مطهرومتطهر، واستدل أصحابنا بالحديث المذكور، وبأنه قول علي، وسعيد بن أبي وقاص، وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة، والجواب عن قصة هرقل أن ذلك الكتاب كان فيه آية، ولا يسمى مصحفاً، وأبيح حمل الصبيان الألواح للضرورة، وأبيحت القراءة8 للحاجة وعسر الوضوء لها كل وقت، وحمله في المتاع لأنه غير مقصود، وبالله التوفيق).9
ã
أقوال العلماء
قال ابن عبد البر في شرح قوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتابه لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" في الموطأ: (والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول والعمل، ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا طاهر على وضوء، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وطاوس، والحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد، وعطاء.
ثم قال أبو عمر: وهذا يشبه مذهب مالك على ما دل عليه قول موطأه، وقال الشافعي، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد: لا يمس المصحف الجنب، ولا الحائض، ولا غير المتوضئ؛ وقال مالك: لا يحمله بعلاقته، ولا على وسادة إلا وهو طاهر، قال: ولا بأس أن يحمله في التابوت، والخرْج، والغرارة من ليس على وضوء، قال: وذلك أن الله عز وجل يقول: "لا يمسه إلا المطهرون"؛ قال: وهذا قول مالك وأبي عبد الله، يعني الشافعي رحمه الله.
قال أبو عمر: وإنما رخص مالك في حمل غير المتوضئ للمصحف في التابوت والغرارة لأن القصد لم يكن منه إلى حمل المصحف، وإنما قصد إلى حمل التابوت وما فيه من مصحف وغيره، وقد كره جماعة من التابعين منهم القاسم بن محمد10، والشعبي، وعطاء، من الدراهم التي فيها ذكر الله على غير وضوء، فهو لا شك أشد كراهية أن يمس المصحف غير متوضئ، وقد روي عن عطاء أنه قال: لا بأس أن تحمل الحائض المصحف بعلاقته).11
وقال القرطبي رحمه الله: (واختلف العلماء في مس المصحف على غير وضوء، فالجمهور على المنع من مسه لحديث عمرو بن حـزم، وهو مذهب علي، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعطاء،والزهري، والنخعي، والحكم، وحماد12، وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي، واختلفت الرواية عن أبي حنيفة، فروي عنه أنه يمسه المحدث13، وقد رُوي هذا عن جماعة من السلف منهم ابن عباس، والشعبي، وغيرهما، وروي عنه أنه يمس ظاهره وحواشيه وما لا مكتوب فيه14، وأما الكتاب فلا يمسه إلا طاهر؛ ابن العربي: وهذا إن سلمه مما يقوي الحجة عليه، لأن حريم الممنوع ممنوع.. وقال مالك: لا يحمله غير طاهر بعلاقة ولا على وسادة، وقال أبو حنيفة: لا بأس بذلك، ولم يمنع من حمله بعلاقة أومسه بحائل).15
وقال الإمام النووي رحمه الله: (يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء إن حمله بعلاقته، أوفي كمه، أوعلى رأسه؛ وحكى القاضي حسن والمتولي وجهاً أنه يجوز حمله بعلاقته وهو شاذ في المذهب وضعيف؛ قال أصحابنا16: وسواء مس نفس الأسطر، أوما بينهما، أوالحواشي، أوالجلد، فكل ذلك حرام، وفي مس الجلد وجه ضعيف أنه يجوز، وحكى الدارمي وجهاً شاذاً بعيداً أنه لا يحرم مس الجلد، ولا الحواشي، ولا ما بين الأسطر، ولا يحرم إلا نفس المكتوب، والصحيح الذي قطع به الجمهور تحريم الجميع، وفي مس العلاقة والخراطة والصندوق إذ كان المصحف فيه وجهان مشهوران أصحهما يحرم).17
قلت: إذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت لقول أحد كائناً من كان، وليس كل خلاف يستراح له ويعمل به، وإنما العمل بالدليل.
ã
تنبيهات18
1. أجمع أهل العلم على جواز القراءة من الحفظ من غير وضوء، والأفضل أن يتوضأ.
2. كتب تفسير القرآن إن كان القرآن فيها اكثر نحو كتب غريب القرآن يحرم مسها من غير وضوء، وإن كان القرآن فيها أقل جاز مسها من غير وضوء.
3. كتب القراءات حكمها كحكم كتب الحديث والفقه في جواز مسها وحملها من غير وضوء.
4. لا يشترط الوضوء لمس التوراة والإنجيل المبدلة، وكذلك ما نسخت تلاوته من القرآن وبقي حكمه.
5. حكم ما كتب على الألواح كحكم المصحف، قلَّ المكتوب أم كثر.
6. لا يجوز توسد المصحف ولا كتب التفسير، والحديث، والعلم، واللغة العربية، وإن خاف عليها السرقة.
7. لو خاف المحدث أو الجنب على المصحف من حرق، أوغرق، أووقوع في نجاسة، أوإتلاف جاز له أخذه وتحويله.
8. لا يجوز للمحدث حمل شيء من التعاويذ أو الحروز (الحجبات).
هذا بجانب عدم جواز استعمالها لغير المحدث، قال أبو عمر بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: (كتابة الحروز واستعمالها مكروه، وترك تعليقها هوالمختار، وقال في فتوى أخرى: يجوز تعليق الحروز التي فيها قرآن19 على النساء والصبيان والرجال، ويجعل عليها شمع ونحوه ويستوثق من النساء وشبههن بالتحذير من دخول الخلاء به، والمختار أنه لا يكره20 إذا جعل عليه شمعاً ونحوه لأنه لم يرد فيه نهي، ونقل ابن جرير الطبري عن مالك نحو هذا، فقال: قال مالك: لا بأس بما يعلق على النساء الحيض والصبيان من القرآن إذا جعل في كن كقصبة حديد أوجلد يحرز عليه).
9. يجوز للكافر سماع القرآن ولكنه يمنع من مسه، ولا يمكن من تعليمه ولا تمليكه إياه، ويحرم بيعه إليه أوإهداؤه.
10. لا تجوز المسافرة بالقرآن إلى بلاد الكفار.
11. تجب صيانة المصحف وإكرامه، ومن أهانه بأن ألقاه والعياذ بالله في قاذورة أوداس عليه فقد كفر.
12. يجوز بيع المصحف وشراؤه.
13. لا يجوز كتابة المصحف بشيء نجس.
14. يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله الحسنى.
15. لا يمكن المجنون ولا الصبي غير المميز من حمل المصحف لئلا ينتهكاه.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، وذهاب همنا وغمنا، اللهم وفقنا للعمل به، ولحفظه، وإكرامه.**************************************************
وبعد..
لقد أجمع عامة أهل العلم قديماً وحديثا، من لدن الصحابة ومن بعدهم أن المصحف لا يمسه إلا طاهر على وضوء إلا شذوذاً من الأقوال.
ومن ذهب إلى ذلك من أهل العلم على سبيل المثال لا الحصر:
من الصحابة
علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم من غير مخالف لهم.
ومن التابعين
عطاء، والزهري، والنخعي، وحماد، وطاوس، والحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد رحمهم الله.
من الأئمة المقتدى بهم
جميع فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وأبو عبيد، رحم الله الجميع.
ã
دليل العامة
1. قوله عز وجل: "لا يمسُّه إلا المطهرون".
2. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" الحديث.
قال إسحاق بن راهويه رحمه الله: (لا يقرأ أحد المصحف إلا وهو متوضئ، وليس ذلك لقول الله عز وجل: "لا يمسه إلا المطهرون"، ولكن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر").3
قال ذلك إسحاق رحمه الله لاختلاف أهل التأويل في الآية، فمنهم من ذهب إلى أن المراد بالمطهرين الملائكة، ولكن السنة بينت المراد وحسمت الخلاف، فالواجب الأخذ بقول من نزل عليه القرآن وأعطاه الله مثله من البيان.
ã
من أجاز مس المصحف من غير وضوء وحججهم
شذ البعض وأجاز لغير المتوضئ مس المصحف، وذلك لبعض الشبه التي عرضت لهم، والله يتجاوز عنا وعنهم، وهم الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، وداود بن علي الظاهري.
احتج المجيزون لذلك ببعض الشبه، وهي:
1. أن المراد بالمطهرين في قوله تعالى: "لا يمسه إلا المطهرون"، الملائكة.
2. أن المراد بالآية الخبر وليس النهي، إذ لو كان ذلك نهياً لقال: "لا يمسّه"، أي بسكون السين المشددة وليس بضمها، لأنها حينئذ تكون مجزومة بلا الناهية.
3. وبقوله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن ليس بنجس".
4. وبكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهرقل، وفيه قوله تعالى: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" الآية، وهرقل كافر نجس وقد مس الكتاب.
5. وبأنه يباح للصبيان في الكتاتيب مسه ولو كان لا يحل مسه لما جاز لهم أن يمكنوا من ذلك.
6. وبأنه تباح القراءة من الحفظ لغير المتوضئ.
هذه أهم الشبه التي رفعها المجيزون لذلك.
ã
رد أهل العلم ودحضهم لها
قال ابن عبد البر رحمه الله: (وأما الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، فلم يختلف عنهما في إجازة حمل المصحف بعلاقته لمن ليس بطاهر، وقولهما عندي شذوذ ومخالفة للأثر، وإلى قولهما ذهب داود بن علي، قال: لا بأس أن يمس المصحف، والدنانير والدراهم التي فيها ذكر الله، الجنب والحائض؛ قال: ومعنى قوله "لا يمسه إلا المطهرون" هم الملائكة؛ قال: ولو كان ذلك نهياً لقاله "لا يمِسُّه"؛ واحتج أيضاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن لا ينجس".
قال أبو عمر: قد يأتي النهي بلفظ الخبر ويكون معناه النهي، وذلك موجود في كتاب الله كثير، نحو قوله: "الزاني لا ينكح إلا زانية أومشركة" جاء بلفظ الخبر، وكان سعيد بن المسيب وغيره يقول: إنها منسوخة بقول الله عز وجل: "وأنكحوا الأيامى منكم"، ولو لم يكن عنده في هذا الخبر معنى النهي ما أجاز فيه النسخ، ومثله كثير).5
وقال القرطبي رحمه الله: (اختلف في معنى "لا يَمَسُّه" هل هو حقيقة في المس بالجارحة أومعنى؟ وكذلك اختلف في "المطهرون" من هم؟ فقال أنس وسعيد بن جبير: لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب وهم الملائكة؛ وكذا قال أبو العالية وابن زيد: انهم الذين طُهِّروا من الذنوب كالرسل من الملائكة، والرسل من بني آدم، فجبريل النازل به مطهر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مطهرون.
إلى أن قال: وقال المهدوي: ويجوز أن يكون أمراً وتكون ضمة السين ضمة إعراب، ويجوز أن يكون نهياً، وتكون ضمة السين ضمة بناء، والفعل مجذوب.
إلى أن قال: وقد رُوي عن الحكم وحماد وداود بن علي أنه لا بأس بحمله ومسه للمسلم والكافر طاهراً أومحدثاً، إلا أن داود قال: لا يُجَوَّز للمشرك حمله؛ واحتجوا في إباحة ذلك بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وهو موضع ضرورة، فلا حجة فيه، وفي مس الصبيان إياه على وجهين، أحدهما المنع اعتباراً بالبالغ، والثاني الجواز، لأنه لو مُنِع لم يحفظ القرآن، لأن تعلمه حال الصغر، ولأن الصبي وإن كانت له طهارة إلا أنها ليست بكاملة، لأن النية لا تصح منه، فإذا جاز أن يحمله على غير طهارة ، جاز أن يحمله محدثاً).6
وقال النووي رحمه الله: (وعن الحكم، وحماد، وداود: يجوز مسه وحمله؛ وروي عن الحكم وحماد جواز مسه بظاهر الكف دون بطنه، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل كتاباً فيه قرآن، وهرقل محدث يمسه وأصحابه، ولأن الصبيان يحملون الألواح محدثين بلا إنكار، ولأنه إذا لم تحرم القراءة فالمس أولى، وقاسوا حمله على حمله في متاع، واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين"، فوصفه بالتنزيل وهذا ظاهر في المصحف، الذي عندنا، فإن قالوا: المراد اللوح المحفوظ لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، ولهذا قال يمسه بضم السين على الخبر، ولو كان المصحف لقال "يمسَّه" بفتح7 السين على النهي، فالجواب: إن قوله تعالى "تنزيل" ظاهر في إرادة المصحف، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح، وأما رفع السين فهو نهي بلفظ الخبر، كقوله: "لا تضارُّ والدة بولدها" على قراءة من رفع، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيعُ أحدُكم على بيع أخيه" بإثبات الياء، ونظائره كثيرة مشهورة، وهو معروف في العربية، فإن قالوا: لو أريد ما قلتم لقال "لا يمسه إلا المتطهرون"، فالجواب أنه يقال في المتوضئ مطهرومتطهر، واستدل أصحابنا بالحديث المذكور، وبأنه قول علي، وسعيد بن أبي وقاص، وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة، والجواب عن قصة هرقل أن ذلك الكتاب كان فيه آية، ولا يسمى مصحفاً، وأبيح حمل الصبيان الألواح للضرورة، وأبيحت القراءة8 للحاجة وعسر الوضوء لها كل وقت، وحمله في المتاع لأنه غير مقصود، وبالله التوفيق).9
ã
أقوال العلماء
قال ابن عبد البر في شرح قوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتابه لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" في الموطأ: (والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول والعمل، ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا طاهر على وضوء، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وطاوس، والحسن، والشعبي، والقاسم بن محمد، وعطاء.
ثم قال أبو عمر: وهذا يشبه مذهب مالك على ما دل عليه قول موطأه، وقال الشافعي، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد: لا يمس المصحف الجنب، ولا الحائض، ولا غير المتوضئ؛ وقال مالك: لا يحمله بعلاقته، ولا على وسادة إلا وهو طاهر، قال: ولا بأس أن يحمله في التابوت، والخرْج، والغرارة من ليس على وضوء، قال: وذلك أن الله عز وجل يقول: "لا يمسه إلا المطهرون"؛ قال: وهذا قول مالك وأبي عبد الله، يعني الشافعي رحمه الله.
قال أبو عمر: وإنما رخص مالك في حمل غير المتوضئ للمصحف في التابوت والغرارة لأن القصد لم يكن منه إلى حمل المصحف، وإنما قصد إلى حمل التابوت وما فيه من مصحف وغيره، وقد كره جماعة من التابعين منهم القاسم بن محمد10، والشعبي، وعطاء، من الدراهم التي فيها ذكر الله على غير وضوء، فهو لا شك أشد كراهية أن يمس المصحف غير متوضئ، وقد روي عن عطاء أنه قال: لا بأس أن تحمل الحائض المصحف بعلاقته).11
وقال القرطبي رحمه الله: (واختلف العلماء في مس المصحف على غير وضوء، فالجمهور على المنع من مسه لحديث عمرو بن حـزم، وهو مذهب علي، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعطاء،والزهري، والنخعي، والحكم، وحماد12، وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي، واختلفت الرواية عن أبي حنيفة، فروي عنه أنه يمسه المحدث13، وقد رُوي هذا عن جماعة من السلف منهم ابن عباس، والشعبي، وغيرهما، وروي عنه أنه يمس ظاهره وحواشيه وما لا مكتوب فيه14، وأما الكتاب فلا يمسه إلا طاهر؛ ابن العربي: وهذا إن سلمه مما يقوي الحجة عليه، لأن حريم الممنوع ممنوع.. وقال مالك: لا يحمله غير طاهر بعلاقة ولا على وسادة، وقال أبو حنيفة: لا بأس بذلك، ولم يمنع من حمله بعلاقة أومسه بحائل).15
وقال الإمام النووي رحمه الله: (يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء إن حمله بعلاقته، أوفي كمه، أوعلى رأسه؛ وحكى القاضي حسن والمتولي وجهاً أنه يجوز حمله بعلاقته وهو شاذ في المذهب وضعيف؛ قال أصحابنا16: وسواء مس نفس الأسطر، أوما بينهما، أوالحواشي، أوالجلد، فكل ذلك حرام، وفي مس الجلد وجه ضعيف أنه يجوز، وحكى الدارمي وجهاً شاذاً بعيداً أنه لا يحرم مس الجلد، ولا الحواشي، ولا ما بين الأسطر، ولا يحرم إلا نفس المكتوب، والصحيح الذي قطع به الجمهور تحريم الجميع، وفي مس العلاقة والخراطة والصندوق إذ كان المصحف فيه وجهان مشهوران أصحهما يحرم).17
قلت: إذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يلتفت لقول أحد كائناً من كان، وليس كل خلاف يستراح له ويعمل به، وإنما العمل بالدليل.
ã
تنبيهات18
1. أجمع أهل العلم على جواز القراءة من الحفظ من غير وضوء، والأفضل أن يتوضأ.
2. كتب تفسير القرآن إن كان القرآن فيها اكثر نحو كتب غريب القرآن يحرم مسها من غير وضوء، وإن كان القرآن فيها أقل جاز مسها من غير وضوء.
3. كتب القراءات حكمها كحكم كتب الحديث والفقه في جواز مسها وحملها من غير وضوء.
4. لا يشترط الوضوء لمس التوراة والإنجيل المبدلة، وكذلك ما نسخت تلاوته من القرآن وبقي حكمه.
5. حكم ما كتب على الألواح كحكم المصحف، قلَّ المكتوب أم كثر.
6. لا يجوز توسد المصحف ولا كتب التفسير، والحديث، والعلم، واللغة العربية، وإن خاف عليها السرقة.
7. لو خاف المحدث أو الجنب على المصحف من حرق، أوغرق، أووقوع في نجاسة، أوإتلاف جاز له أخذه وتحويله.
8. لا يجوز للمحدث حمل شيء من التعاويذ أو الحروز (الحجبات).
هذا بجانب عدم جواز استعمالها لغير المحدث، قال أبو عمر بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: (كتابة الحروز واستعمالها مكروه، وترك تعليقها هوالمختار، وقال في فتوى أخرى: يجوز تعليق الحروز التي فيها قرآن19 على النساء والصبيان والرجال، ويجعل عليها شمع ونحوه ويستوثق من النساء وشبههن بالتحذير من دخول الخلاء به، والمختار أنه لا يكره20 إذا جعل عليه شمعاً ونحوه لأنه لم يرد فيه نهي، ونقل ابن جرير الطبري عن مالك نحو هذا، فقال: قال مالك: لا بأس بما يعلق على النساء الحيض والصبيان من القرآن إذا جعل في كن كقصبة حديد أوجلد يحرز عليه).
9. يجوز للكافر سماع القرآن ولكنه يمنع من مسه، ولا يمكن من تعليمه ولا تمليكه إياه، ويحرم بيعه إليه أوإهداؤه.
10. لا تجوز المسافرة بالقرآن إلى بلاد الكفار.
11. تجب صيانة المصحف وإكرامه، ومن أهانه بأن ألقاه والعياذ بالله في قاذورة أوداس عليه فقد كفر.
12. يجوز بيع المصحف وشراؤه.
13. لا يجوز كتابة المصحف بشيء نجس.
14. يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله الحسنى.
15. لا يمكن المجنون ولا الصبي غير المميز من حمل المصحف لئلا ينتهكاه.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، وذهاب همنا وغمنا، اللهم وفقنا للعمل به، ولحفظه، وإكرامه.**************************************************
الصفحة الأخيرة