
جنان الجنة @gnan_algn
عضوة فعالة
الـــرضـــا عــن الله
الـــرضـــا عــن الله
إن الرضى من جملة ثمرات المعرفة، فإذا عرفته رضيت بقضائه، وقد يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي.
أما العارف فتقل عنده المرارات لقوة حلاوة المعرفة.
فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة، صارت مرارة الأقدار، حلاوة كما قال القائل:
عذابه فيك عذب ... وبعده فيك قرب
وأنت عندي كروحي ... بل أنت منها أحـب
حسبي من الحب أني ... لما تحـبّ أحـبّ
تأملت حالة عجيبة وهي أن المؤمن تنزل به النازلة فيعدو، ويبالغ، فلا يرى أثراً للإجابة.
فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه، فإن كان راضياً بالأقدار، غير قنوط من فضل الله عز وجل، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ لأن هناك يصلح الإيمان ويهزم الشيطان، وهناك تبين مقادير الرجال.
وقد أشير إلى هذا في قوله تعالى
(حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والذينَ آمنوا مَعَه: متى نَصْرُ اللهِ)
وكذلك جرى ليعقوب عليه السلام فإنه لما فقد ولداً وطال الأمر عليه لم ييأس من الفرج فأخذ ولده الآخر ولم ينقطع أمله من فضل ربه (أَنْ يَأْتِيَنِي بهم جَميعاً)
وكذلك قال زكريا عليه السلام( ولم أكنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً )
فإياك أن تستطيل مدة الإجابة وكن ناظراً إلى أنه المالك وإلى أنه الحكيم في التدبير والعالم بالمصالح، وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك، وإلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك إلى غير ذلك. وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس.
وكل واحدة من هذه الأشياء تقوي الظن في فضله وتوجب الشكر له إذ أهلك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله، وفقر المضطر إلى اللجأ إليه غنى كله.
من العجب إلحاحك في طلب أغراضك وكلما زاد تعويقها زاد إلحاحك.
وتنسى أنها قد تمتنع لأحد أمرين
إما لمصلحتك فربما معجل أذى.
وإما لذنوبك فإن صاحب الذنوب بعيد من الإجابة.
فنظف طرق الإجابة من أوساخ المعاصي.
وانظر فيما تطلبه هل هو لإصلاح دينك، أو لمجرد هواك ؟.
فإن كان للهوى المجرد. فاعلم أن من اللطف بك والرحمة لك تعويقه.
وأنت في إلحاحك بمثابة الطفل يطلب ما يؤذيه فيمنع رفقاً به.
وإن كان لصلاح دينك فربما كانت المصلحة تأخيره، أو كان صلاح الدين بعدمه.
وفي الجملة تدبير الحق عز وجل لك خير من تدبيرك، وقد يمنعك ما تهوى ابتلاء ليبلو صبرك. فأره الصبر الجميل تر عن قرب ما يسر.
ومتى نظفت طرق الإجابة من أدران الذنوب، وصبرت على ما يقضيه لك. فكل ما يجري أصلح لك. عطاء كان أو منعاً.
( ابن الجوزي )
5
775
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بطه151
•
جزاك الله خيرا


3OOSHA :
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتكجزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
تشرفت بمروركن إخواتِ وجزاكن الله خيرا مثله :)

صبحك الله بالخير ،، ورزقك كما يرزق الطير ،، ووسع لك جسر الصراط فلا تتعسر في السير ،، واجعل أول ما تراه في الجنة وجهه الكريم ،، ونهنئ بعضنا فنقول: فزنا ورب الكعبة ،، فهل بعد ذلك نعمة إلا أن نجتهد في الدعاء لا غير؟؟!!

الصفحة الأخيرة