الفتاة المسلمة و الاستقامة

ملتقى الإيمان

عزيزتي الفتاة المسلمة:

ما الذي يدعو الفتيات إلى استعراض ما لديهن ولفت الأنظار إليهن أحيانًا؟

ولماذا تسعى الكثير من الفتيات إلى اقتناء المجلات غير المحافظة؟

ولماذا تتابع الفتاة الأفلام والمسلسلات الغرامية فضلاً عن الإباحية؟

ولماذا تقوم بعض الفتيات بالمراسلات والمهاتفات والمعاكسات؟

ولماذا تتهاون كثير من الفتيات في أداء فريضة الصلاة وكذلك الالتزام بالحجاب الشرعي؟

وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة المتعلقة بنفسية الفتاة المراهقة وأفعالها.

تحليل ودراسة نفسية:

للإجابة على هذه الأسئلة لا بد أن نرجع إلى علماء النفس الذين يؤكدون أن المراهق يعيش تحولاً عضويًا وجسديًا لا يعي الكبار عنه إلا القليل، ومن ثم فإنهم لا يحسنون التعامل مع المراهق والمراهقة.

ـ إن المراهق يمر بمجموعة من التغيرات التي تحدث في نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، فالمراهقة تعتبر مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرشد.

ـ وتؤكد الدراسات الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورة مرحلة عواصف وضغوط بينما هي مرحلة نمو سريع فقط.

فترة المراهقة ليست فترة أزمات بالضرورة:

وسوف نلاحظ أن المجتمعات الإسلامية في عهودها الأولى قد تسامى فيها الشباب نحو أعمال البطولة والجهاد أو الدعوة أو العبادة، والعلم وأعالي الأمور، مما يؤكد أن فترة المراهقة ليست فترة أزمات بالضرورة وإنما قد تحولت إلى طاقات بناءة بسبب التربية العقدية والسلوكية تحت مظلة الدين الجديد'.
ـ إن علم النفس الحديث ينكر تمامًا أن مرحلة المراهقة مرحلة مصحوبة بمظاهر سلوكية تدل على الانحراف أو سوء التوافق ـ خلافًا للمعنى الشائع عند بعض الباحثين ـ بل يرى أصحاب علم النفس الحديث أن هذه الظاهرة ما هي إلا حالات عارضة تصاحب النمو السريع للمراهق.

وكل عجز عن التكيف أو اضطراب في السلوك أو تمرد هدام فإن أساسه ما يصادفه الفتى أو الفتاة من ظروف تسبب له هذا التوتر وعدم التكيف.

وذلك نتيجة لعوامل إحباطية قد يتعرض لها الفتى أو الفتاة في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع، وهذه العوائق وعوامل الكبت والإحباط هي التي تدعو المراهق عادة إلى العناد والسلبية وعدم الاستقرار والانحراف السلوكي في بعض الأحيان.

معادلة ولكنها ليست صعبة:

والآن نتساءل:

كيف توازن الفتاة بين هذه المرحلة العمرية وما يصاحبها من تطورات وتغيرات سريعة، وبين سعيها للاستقامة والبعد عن الحياة العابثة اللاهية؟

ـ الجواب الشافي لهذا السؤال يتجسد في هذه النصوص:

1ـ 'قل آمنت بالله ثم استقم'

2ـ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} .

3ـ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَأُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

عزيزتي الفتاة .. تعالى معي نغوص في أعماق هذه النصوص لنصل إلى الجواب الشافي لهذا السؤال.

1ـ عن أبي عمرو ـ وقيل أبي عمرة ـ سفيان بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله قلُ لي في الإسلام قولاً لا اسأل عنه أحدًا غيرك.

قال: 'قل آمنت بالله ثم استقم' .

استقم: أي على عمل الطاعات والانتهاء عن المخالفات.

قال العلماء: معنى الاستقامة لزوم طاعة الله تعالى.

قالوا: وهي من جوامع الكلم وهي نظام الأمور.

2ـ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} .

فالاستقامة: الاعتدال, والمعنى: على النهج دون انحراف، وهو في حاجة إلى اليقظة الدائمة والتدبر الدائم، والتحري الدائم لحدود الطريق، وضبط الانفعالات البشرية التي تميل الاتجاه قليلاً أو كثيرًا، ومن ثم فهي شغل دائم في كل حركة، من حركات الحياة'.

3ـ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَأُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

ربنا الله: ليست كلمة تقال، بل إنها ليست مجرد عقيدة في الضمير إنما هي منهج كامل للحياة يشمل كل نشاط فيها وكل اتجاه وكل حركة وكل خالجة، ويقيم ميزانًا للتفكير والشعور.

'ربنا الله' فله العبادة وإليه الاتجاه، ومنه الخشية وعليه الاعتماد.

'ربنا الله' فكل نشاط وكل تفكير وكل تقدير متجه إليه، منظور فيه إلى رضاه.

'ربنا الله' منهج كامل على هذا النحو، لا كلمة تلفظها الشفاه ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة.

'ثم استقاموا': وهذه أخرى ... فالاستقامة والاطراد والثبات على هذا المنهج درجة بعد اتخاذ المنهج ... استقامة النفس وطمأنينة القلب ... استقامة المشاعر والخوالج، فلا تتأرجح ولا تضطرب ولا تشك ولا ترتاب بفعل الجواذب والدوافع والمؤثرات ـ وهي عنيفة ومتنوعة وكثيرة ـ واستقامة العمل والسلوك على المنهج المختار.

وفي الطريق مزالق وأشواك ومعوقات، وفيه هواتف بالانحراف من هنا ومن هناك! وهؤلاء:

'فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ' الاستقامة ضمان لعدم الخوف وعدم الحزن.

'أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ'.

كلمة 'يعملون' تشير إلى أن هناك عملاً كان الخلود في الجنة جزاءه.

عملاً منبعثًا من ذلك المنهج 'ربنا الله'، ومن الاستقامة عليه والثبات.

ـ ومن ثم ندرك أن الكلمات الاعتقادية في هذا الدين ليست مجرد ألفاظ تقال باللسان، فشهادة أن لا إله إلا الله ليست عبارة ولكنها منهج.

ومن ثم ندرك القيمة الحقيقية لمثل هذه الشهادة التي ينطق بها اليوم ملايين ولكنها لا تتعدى شفاههم ولا يترتب عليها أثر في حياتهم.

عزيزتي الفتاة المسلمة:

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تتهاونين في الصلاة؟ .

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تؤجلين الحجاب؟ .

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تضيعين وقتك مع المجلات الهابطة والمسلسلات والأفلام الخليعة؟ .

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تستمتعين بالمعاكسات والمراسلات الغرامية؟ .

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تعقين والديك وتسيئين الأدب معهم؟ .

كيف تقولين: آمنت بالله ثم تجرين وراء الموضة وأحدث الصيحات وأدوات المكياج؟

عزيزتي الفتاة ... الحياة قصيرة مهما طال بها الوقت:

وإن امرؤ دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور

وإذا جلست مع نفسك فستجدي شيئًا ما يحيك في صدرك إنه إحساس المعصية وعدم الاستقامة على طريق الله.


فمن أراد حفظ قوة الإيمان فذلك بثلاث أمور:

الأول: امتثال أوامر الله .

الثاني: اجتناب النواهي .

الثالث: التوبة النصوح .

واعلمي عزيزتي الفتاة أن الشيطان يستعين بأمرين:

أحدهما: الغفلة ـ فإن غفل قلبك عن الله تعالى والدار الآخرة دخل لك الشيطان من كل مدخل.

والثاني: الشهوة ـ إذا زينت في قلبك وحسنت في عينك فقد فاز بك الشيطان وإنما أخرج آدم وحواء من الجنة بهذين المدخلين الغفلة والشهوة.

المعصية تنسى العبد نفسه:

قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، فعاقب سبحانه من نسيه عقوبتين:

إحداهما: أنه سبحانه نسيه: أي أهمله وتركه وتخلى عنه وأضاعه فيكون بذلك الهلاك أدنى إليه من اليد للفم.

والثانية: أنه أنساه نفسه ـ فهو إنساؤه لأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها.

والمعاصي تزيل النعم:

فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.

والمعصية تباعد بين العبد والملك: .

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَنَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} .

وقال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} .

فيقول له الملك عند الموت: 'لا تخف ولا تحزن وأبشر بالذي يسرك'.

ويثبته بالقول الثابت أحوج ما يكون عليه في الحياة الدنيا، وعند الموت، وفي القبر عند المسألة.

وهذا ليس منك ببعيد أيتها الفتاة وقد سمعت عن الكثير ممن ماتوا وهم شباب.

ولعل رسالة الأم التي تقول: مات ابني في عز الشباب ولم يُصلِّ تكون عبرة لشبابنا الذين يؤجلون طاعتهم لله والاستقامة على طريقه ـ سبحانه ـ بدعوى أنهم سوف يستقيمون عندما يكبرون.

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .

والعمر بيد الله وحده لا يدري الإنسان هل سيصل إلى مرحلة الشيخوخة أم سيقبضه الله وهو في شبابه أم أم .....

عزيزتي الفتاة المسلمة:

إن قلت آمنت بالله فعليك إذن بالاستقامة على تعاليم الله الذي آمنت به، وافخري واعتزي بهذا الإيمان وهذا الشرف العظيم أنك من عباد الله قال الشاعر:



ومما زادني شرفًا وتيهًا وكدت بأخمصي أطأ الثري

دخولي تحت قولك:ياعبادي وأن أرسلت أحمد لي نبيً
3
480

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

قمر الدين
قمر الدين
جزاك الله أختي خير الجزاء

وكتبه الله في ميزان حسناتك

موضوع قيم ومفيد ولكي الأجر في نشره

اختكم في الله
قمرالدين
رياحين الجنة
رياحين الجنة





©؛°¨°؛©]
جولـــيا
جولـــيا
قمر الدين

رياحين الجنة


مشكوررررررررين على اطلاعكم وعلى دعواتكم


:26: :26: