الإيمان هو المعرفة المبنية على نظر ومحاكمة واستدلال، على وجه المثال نقول:
لا يعدُّ مصدِّقاً بجريان التيار الكهربائي بسلك ما ولا هو بمؤمن حقّاً بجريان هذا التيار الساري رجل قالوا له قولاً: يجري في هذا السلك تيار كهربائي فأعاد القول وردَّده بلسانه كالأطفال دون أن يتحقَّق من وجود التيار بنفسه، وكل ما يتولَّد في نفسه من المعرفة عن طريق السماع إنما هو: {اعتقاد مبني على قول الآخرين}.
وهذا الاعتقاد قد يتطرَّق إليه الشك فتجد هذا الشخص يتردَّد بين الشك واليقين والتصديق والتكذيب. ولا يمكن أن يعدَّ مؤمناً ما لم يبنِ معرفته على نظر واستدلال. فإذا هو أشعل المصباح ورأى توهُّجه، أو فتح المفتاح وتحركت المروحة الكهربائية، أو ضغط الزر وسمع رنين الجرس فعندئذ يحكم حكماً فكرياً جازماً بوجود التيار وإن لم يره لأن الفكر بناءً على ما أدركته الحواس من الآثار يحكم بوجود المؤثِّر.
وهذا الحكم الذي يحكمه المرء بناء على مشاهدة الآثار وبناء على النظر والاستدلال إنما هو حكم جازم لا يتطرَّق إليه الشك وهذا هو الذي نُسمِّيه الإيمان.
وهكذا بين الاعتقاد والإيمان بون شاسع وفرق عظيم.
فالاعتقاد: يكون مبنياً على السماع من الآخرين.
والإيمان: إنما ينبثق في النفس من ذاتها بناءً على نظرها ومحاكمتها.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
ونفع بك الاسلام والمسلمين