القاتل والمقتول الحريص على قتل صاحبه سواء

ملتقى الإيمان



هذا منطوق للحديث الذي أخرجه البخاري وغيره عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا؛ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا الْقَاتِلُ؛ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ.
وقد بين صلى الله عليه وسلم أن المقتول وإن كان قد وقع عليه القتل؛ إلا أن له نصيباً من العقوبة في النار، وذلك أنه لو لم يقتله صاحبه لقتله هو، فاشتركا في العقوبة لكون نيتهما في ارتكاب ذلك الذنب العظيم واحد.
ولم يستفسر الصحابي الجليل أبي بكرة عن القاتل؛ لأن عقوبته معلومة مسبقاً، فلم يغب عن باله النصوص الشرعية التي عظمت حرمة قتل النفس بغير حق، كقوله تعالى: ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).
وغني عن البيان بأن هذا الوعيد لا يشمل قتال من أذن الشرع في قتاله كقتال الخوارج وقتال أهل البغي، لأن في قتالهم مصلحة أعظم من مفسدة ترك قتالهم، وقد رتب الشرع الأجر الكبير لمن قاتلهم، وسعى في إخماد فتنتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فَرْقٌ بَيْنَ الْهَمِّ وَالْإِرَادَةِ " فَالْهَمُّ " قَدْ لَا يَقْتَرِنُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ فَهَذَا لَا عُقُوبَةَ فِيهِ بِحَالِ، بَلْ إنْ تَرَكَهُ لِلَّهِ كَمَا تَرَكَ يُوسُفُ هَمَّهُ أُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أُثِيبَ يُوسُفُ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد : الْهَمُّ هَمَّانِ : هَمُّ خَطِرَاتٍ ، وَهَمُّ إصْرَارٍ، وَلِهَذَا كَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ أَنَّ يُوسُفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ذَنَبٌ أَصْلًا بَلْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ ؛ مَعَ مَا حَصَلَ مِنْ الْمُرَاوَدَةِ وَالْكَذِبِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَيْهِ بِالنِّسْوَةِ وَحَبْسِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يَكَادُ بَشَرٌ يَصْبِرُ مَعَهَا عَنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَكِنَّ يُوسُفَ اتَّقَى اللَّهَ وَصَبَرَ فَأَثَابَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا . { وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } .
وَأَمَّا " الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ " فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ فِعْلُ الْمَقْدُورِ وَلَوْ بِنَظْرَةِ أَوْ حَرَكَةِ رَأْسٍ أَوْ لَفْظَةٍ أَوْ خُطْوَةٍ أَوْ تَحْرِيكِ بَدَنٍ ؛ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ } .

4
369

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بسكوت قشطه
بسكوت قشطه
جــــــــزاك الله خيرا
استغفرالله العظيــــــــم التواب الرحيـــم لذنبي ولولدي وللمؤ منيـن والمؤ منات والمسلمين والمسلمات الاحيـــــاء منهم والا موات
حكايه صبر
حكايه صبر
جزاك الجناااااااان ومناااااازل الرحمن....والله يبارك لك فى عمرك...وجعله ربى فى موازين حسناتك...
السيدة ملعقة 2009
جزاك اللله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
الـحجاز
الـحجاز
الأخوة الأفاضل:
أشكركم على المرور الطيب
رعاكم الله