koketa @koketa
كبيرة محررات
القران والسنه وقايه من شبح الطلاق
أقامت ساقية عبد المنعم الصاوي ندوة مؤخرا حول تفاقم ظاهرة الطلاق في مجتمعنا العربي ، وكان ضيفها الدكتور سالم عبد الجليل مدير عام الإرشاد والدعوة بوزارة الأوقاف ، وتساءلت الندوة لماذا أصبح الطلاق ظاهرة شائعة في مجتمعاتنا ؟ وهل الطلاق حل لمشكلات أسرية أم بداية لها ؟ وماهي الأخطاء التي يقع فيها المسلمون وتؤدي بهم للسقوط في هاوية الانفصال؟ وماهي الآثار الناجمة عن الطلاق ؟.
استهل د. سالم اللقاء بقوله ان الطلاق هو نهاية رابط الزواج ، والزواج علاقة مقدسة سمح الله أن تنشأ في بيت من بيوته ولم يسمح لأي شركة أخرى لو جاز التعبير أن تؤسس في بيت الله ؛ فكونه في المسجد يعني أن الله قدس هذه العلاقة ويقول الحق في محكم تنزيله بسورة النساء " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا" ، وعقد الزواج هو الميثاق وتشهد عليه الملائكة . ورأى الدكتور سالم أننا نستطيع فهم الأسباب التي أدت بمجتمعاتنا إلى تفشي ظاهرة الطلاق إذا ما تبينا فهم الإسلام ونظرته للزواج ومقاصده ومتطلباته من الطرفين ومن هنا فالخلل في النظرة للزواج حتما تؤتي عواقب وخيمة .
وبنظرة للزواج نجد أنه فطرة لدى كل البشر وليس كل البشر فحسب بل في كافة المخلوقات الحية والغريب أنه ليس هؤلاء فحسب بل حتى الجماد يتوق بفطرته للزواج ، والدليل قوله تعالى فى سورة الذاريات " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " ، فالشحنة الموجبة في الذرة تقابلها شحنة سالبة وهما طرفي الحياة ، وإذا لم يكن الإنسان راغبا أصلا في الزواج فهو خارج عن الفطرة . حتى أن الأزهار في مكانها نجد أن الله ييسر لها من دون حركة التلاقح ونقرأ قوله تعالى في سورة الحجر " وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ" .
من جهة أخرى فعلاقة الزواج لا تنتهي بإنتهاء الدنيا عكس الشركات الأخرى فهي علاقة دائمة أبدية حتى يوم القيامة ، حتى إذا مات الزوج قبل الزوجة تأتي يوم القيامة وتطير بين أزواجها وتختار أحسنهم خلقاً، يقول تبارك وتعالى في سورة غافر " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ" . الزواج فطرة وآية ونظام ، ولا يوجد دين دعا للرهبنة ويقول الحق تبارك وتعالى في سورة الحديد " وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ".
ومن جهة أخرى فالزواج آية ويدل على القدر والقدرة ، فلم يختر أحدنا أبيه وأمه ، ويجعل الله رزق الفتاة في مال أبيها ثم يتحول بقدرة الله إلى مال زوجها ، إذن فالزواج مسألة قدرية بحتة والإنسان مع ذلك مأمور بالأخذ بالأسباب وصلاة الاستخارة قبل تقرير الأمور الهامة في حياته . يقول الحق تبارك وتعالى في سورة الروم "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ" ، وكذلك قوله فى نفس السورة " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" . ومن هنا نستدل على أن الزواج مسألة راجعة لقدرة الله .
أما كيف أن الزواج نظام ؟ فنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصح المسلمين : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ) ، فهذا جزء من النظام ومن جهة أخرى نجد ضمن التنظيم خاطب صلى الله عليه وسلم الرجل المسلم وقال : " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" .
ثم تكون المرحلة التالية وهي المتعلقة بأهل الفتاة نفسها ويرشدهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا : (إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه) وفي رواية: (دينه وخلقه). كما رغب الشارع الحكيم في الزواج يقول صلى الله عليه وسلم في التعليق على ما فعله ثلاثة من الرجال أحدهم كان لا يفطر والثاني لا يتزوج والثالث يقوم الليل أبداً : (أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني).
تصحيح مفاهيم الخطبة وعقد القران
ثم تجيء خطوة تالية وهي الخطبة وتعني إسلامياً مرحلة التعارف والتآلف والتحاب قبل العقد بين الزوجين ، وليست فيها أية تكليفات ، لأنه من حق أي من الطرفين أن يراجع نفسه إذا ثبت له عدم التوافق مع شريكه ، وهذا لا يعني أن الخطبة للتسلية إنما هي خطوة هامة لبناء الأسرة . وينبغي أن يعلم الشباب المسلم أن الخطبة في الإسلام لها حدود ، فمن الظواهر السلبية في مجتمعاتنا والتي تعد من أبواب الوصول للطلاق هو الاستهتار في مرحلة الخطوبة حيث تظن الفتاة والفتى وكأن الفواصل بينهما لم تعد موجودة ويحق لهما الخروج والدخول معاً والجلوس معاً في منزل الفتاة وخارجه دونما محرم معهما ، ودونما أن تستر الفتاة كافة بدنها من غير الوجه والكفين أمام الخطيب لمجرد أنه طلبها للزواج ، طبعا الفتاة لا تعي أنها تسقط من نظر الفتى وهي تفعل ذلك وربما شك في سلوكها إذا ما تجاوزت الحدود الشرعية وقت الخطبة.
ولا يكون معقولا في نفس الوقت تطبيق الرأي القائل بألا يرى الخطيب الفتاة غير ثلاث مرات الأمر الذي يوقعهما في حرج كبير فلربما اكتشفا متأخراً جدا أن ميولهما وأفكارهما غير متفقة ويكون التسرع والتعجيل في العقد سبباً من أسباب الطلاق، كمـا أن إطالة زمن الخطبة تزيد من المشكلات وتكون في غير المصلحة . ومن حق ولي أمر الفتاة أن يرفض المتقدم لخطبتها إذا لم تكن إمكاناته المادية تسمح بتكوين بيت وتوفير عيشة كريمة لإبنته ، استناداً لمفهوم الباءة الذي تحدث عنه الرسول في الحديث الشريف المشار إليه آنفا.
ننتقل للمرحلة التالية فإذا تقدم لكم يا أهل الفتاة المسلمة شاب لا تثقلوا كاهله بالطلبات المبالغ فيها ومن هنا نرى الشاب يضطر للقبول وهو مكره ، والنتيجة أنه يتزوج فتاته بعد جمعيات واستدانة ونتساءل كيف له أن يعيش سعيد مع هذه الضغوط؟ ، وفي نطاق الحديث عن الحقوق فليس من حق المقبل على الزواج اشتراط مساهمة عروسه في تجهيز مسكن الزوجية لان الأصل في الأمور أنها تأخذ مهرها لنفسها وتذهب ومعها حقيبتها فقط كما يقولون ، أما لو ارتضت المساهمة فلها ان تكتب كل ممتلكاتها هذه في القائمة ، وقد عسر الناس ما يسر الله لهم، وعقّدوا ما بسّطه الشرع، الشرع يرغِّب المسلم أن يتزوج من مسلمة، أن يذهب إلى أهلها ويطلبها و"أكثرهن بركة أقلهن مهراً" و"يسروا ولا تعسروا".
ويرى الإسلام أنه ليس على الخاطب أن يكلف حفلات للخطبة وما إلى ذلك ، وقد دعانا الرسول الكريم إلى إخفاء الخطبة بقوله " أخفوا الخطبة وأعلنوا النكاح" ويعني ذلك الاحتفال البسيط بالخطبة وعدم الإعلان إلا بعد العقد حتى لا يقع الخطيبان في حرج أمام المحيطين إذا ما حدث واضطرا لفسخ الخطبة لأي سبب كان . يجوز للعروسين إذا ما عقد قرانهما أن يجلسا معاً دونما وجود محرم معهما ولكن ليس في خلوة تامة ، كأن يخرجا للأماكن العامة سوياُ ، وإن حدث طلاق يتحمل الرجل نصف المهر الذي اتفق عليه مع والد العروس لأنها تحمل لقب مطلقة .
المودة والرحمة ...
قال ابن كثير رحمه الله : " وكان من أخلاقه (صلى الله عليه وسلم ) أنه جميل العشرة ، دائم البشر يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويوسعهم نفقته ، ويضاحك نساءه ، حتى أنه كان يسابق عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها ، يتودّد إليها بذلك . قالت : "هذه بتلك " ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ؛ ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها .
وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كتفيه الرداء ، وينام بالإزار . وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله ، يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام ، يؤانسهم بذلك ( صلى الله عليه وسلم ) . وقد قال الله تعالى فى سورة الاحزاب " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً " " .فما أحسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه ، وما ألطفه بهن وأحلمه عليهن وأكرمهن لهن صلى الله عليه وسلم .
الإسلام على الرغم من كونه أباح الطلاق عند الضرورة القصوى فإنه أظهر كم هو بغيض حيث يهتز له عرش الرحمن تبارك وتعالى لان الزواج ميثاق غليظ ، ومن الأمثلة الواردة في القرآن الكريم قول الحق تبارك في سورة النساء "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كثيرا" ، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" .
وإن زادت المشكلات بين الزوجين عن الحد لابد من تدخل حكم من الأهل من طرف الزوج والزوجة للوعظ وقد يكون إمام مسجد يحظى بثقة كليهما ، ويجوز للزوج من باب التأديب أن يهجر الزوجة فترة بسيطة ويكون هجراً في الفراش فحسب وليس للحجرة أو المنزل فتشعر الزوجة أن زوجها غاضب عليها ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة باتت وزوجها غاضب عنها باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح " ولكن ليس كل غضب للزوج تلعن فيه الملائكة الزوجة لأن المقصود هنا أن يكون الزوج على حق ، والخلاصة أن حياة الزواج في الإسلام تجعل الزوجين عبارة عن روح واحدة بين جسدين يقول تعالى في سورة الروم "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" .
دعونا نتأمل لماذا خلق الله حواء من آدم ولم يخلق لها طينة خاصة بها ؟ هذا إشارة واضحة لان المرأة جزء من الرجل لا يتجزأ عنه فكما يحافظ الرجل على بدنه وأعضائه يحافظ على المرأة ، لأن المرأة كائن حساس بطبيعتها وتحتاج للحب دوما ، وفي حديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ( إني لأعلم إذا كنت عني راضية , وإذا كنت علي غضبى ") قلت : بم تعلم يا رسول الله ؟ قال : إذا كنت علي غضبى فحلفت قلت : كلا ورب إبراهيم , وإذا كنت عني راضية قلت : كلا ورب محمد ) قلت : صدقت يا رسول الله , ما أهجر إلا اسمك ).
إذن السنة النبوية نقلت لنا العديد من الأمثلة على كيفية تعامل الزوج مع الزوجة وللأسف لا يتم التركيز على هذه المعاني كثيرا ، رغم أنها تعد من اسباب انهيار رباط الأسرة وبالتالي تؤدي للطلاق في أحيان كثيرة لا لشيء إلا لأن الزوج يعامل الزوجة بجفاء ولا يعتني بمشاعرها ولا يسعى للترويح عنها إذا ما احتاجت . وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى فى سورة البقرة : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ ) وينبغي أن تكون المرأة كذلك وهي الأولى بالاعتناء والاهتمام بالزوج ومشكلاته ويمكننا أن نستمع لجزء من نصيحة السيدة العربية الحكيمة لإبنتها قبل الزواج :
أي بنية إنك ذاهبة إلى قرين لم تألفيه، فكوني له أمة، يكن لك عبدا واحفظي له عشرا يكن لك ذخرا. /الخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع له والطاعة،والتفقد لمواضع عينه وانفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح والتفقد لوقت منامه و طعامه، والإحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير ولاتعصين له أمرا، ولا تفشين له سرا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره ثم إيّاك و الفرح بين يديه إن كان مهتما وإيّاك والكآبة بين يديه إن كان فرحا.
ومن الأمور التي يجب على الأهل الاهتمام بها لأنها كثيرا ما أدت للطلاق والمنازعات بين الزوجين هي عدم التدخل مطلقا في شأن الزوجين مهما كانت المشكلات ، ومن جانب العروسين ايضا يجب عليهما تصفية خلافاتهما بعيدا عن الأهل لأن أمك لن تنسى ما فعلته بك زوجتك على رغم أنك قد تنسى ذلك سريعاً وهذا إلا في حالات قليلة حينما تكون متأكداً من أنها حكيمة لا تحيدها شكواك من الزوجة عن حبها لها .
- أيضا يعلم الجميع أن الحياة دار ابتلاء ولسنا في الجنة ومن هنا يقع الفرد في حيرة وهم عظيمين إذا توهم أن الحياة الزوجية وردية على طول الطريق، ومن أراد أن تكون زوجته عائشة فليتساءل هل هو محمد؟ .
من أسباب هدم البيوت الإسلامية الاختلاط المتزايد بين الرجال والنساء في العمل والأماكن العامة ، وبعض النساء تظن أن زميلها هذا والذي يعاملها بلطف في العمل هو دائما هكذا ثم تبدأ المقارنة بين هذه المعاملة ومعاملة زوجها لها في البيت، وهي لا تدرك أن البيت هو مكان لراحة الإنسان ومن الطبيعي أن يكون الناس اكثر لطفا وتحفظا في التعامل مع الأغراب عن أهل البيت ، ونفس الحال ينطبق على الرجل الذي يرى الموظفة أو الزميلة في كامل رقتها والابتسامة لا تغيب عن وجهها في العمل ولا يعلم أنها قد تكون منشغلة مثل زوجته حينما تعود للمنزل الأمر الذي لا يجعلها دائما بنفس الروح المرحة مع أهل بيتها.
الطلاق بداية للأزمات
بالطبع لسنا في حاجة لسرد الآثار السيئة التي يخلفها الطلاق على الزوجين وعلى الأبناء، فمهما تظاهر الفرد بالسعادة سيظل تعيسا بعيدا عن زوجته أم أبنائه حتى لو تزوج غيرها ، أما الأبناء فمعاناتهم بلا حدود سواء بالابتعاد عن احد الأبوين وقد جعل الله لكل منهما وظيفة لا يقوم بها إلا هو في حياة الأبناء ، أو تحدث المصيبة الأكبر بزواج كلا من الأم والأب من جدد الأمر الذي يجعل الابن لا يشعر بالأمان لا في بيت الأب ولا في بيت الأم ، ومن جهة أخرى فإنه لو رجع لأي منهما سيظل يعيب في الطرف الآخر ويتهمه بأنه السبب في الانفصال وهذا على خلاف السلف الصالح من صحابة الرسول كان حتى إن طلق الرجل زوجته لم يتحدث عنها إلا بالخير.
ومن الأمور المثيرة للأسف والحزن أن يدعي الرجل على طليقته إدعاءات كاذبة حتى يكسب قضية ضدها في المحكمة بإيعاز من أحد المحامين أو الأصدقاء الذين لا يرعون الله ولا يخافونه ، والإسلام دين يدعو إلى الستر فما بالنا إذا لم تكن المرأة وعلى النقيض إذا لم يكن الرجل به الصفات التي يدعيها الطرف الآخر عليه كيف سيقابل المولى جل وعلا يوم القيامة !! . إذن الطلاق في الإسلام هو إحياء للأسرة وليس إماتة لها وأن يفترق الزوجان على المعروف أفضل من استمرارهما على بغيضة بينهما .
على هامش الندوة
وعقب الندوة دارت العديد من المناقشات مع الدكتور سالم حيث سألته إحدى الحاضرات عن تدريس مادة الثقافة الجنسية لكافة المراحل التعليمية للطلبة والطالبات ، ورد بأن ذلك مفيد بالفعل ولكن إذا تم وفق مناهج تتناسب مع المستوى العمري للطالب ويراعى فيها عدم اختلاط الطلبة والطالبات وقت هذه الحصص الدراسية ، إضافة لمراعاة الجدية في العرض بما لا يحول المادة إلى غير الهدف المنشود منها ، وعلى سبيل المثال يقول انه في الأزهر كان يدرس موجبات الغسل ، وأردف بأنه يجب أيضا أن يعي المسلمون فقه العلاقات الزوجية ، وكل هذا يمكن أن نجده في كتب جميلة من التراث الإسلامي ومن أبرزها كتاب " تحفة العروسين" والذي يتحدث بالتفصيل عن كافة الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق ومستقاة من السنة النبوية المطهرة ، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم "إنك مهما أنفقت عل أهلك ؛ فإنك تؤجر عليها ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك "
ورداً على سؤال آخر من إحدى الحاضرات حول موقف الزوج من الزوجة التي تشترط للبقاء مع زوجها أن يقطع علاقته بأهله نتيجة خلافها معهم ، يقول انه لا يجب عليه أن يطيعها في معصية الله وهو قطع علاقته بأهله ، ويجب أن يتعامل مع أهلها كأنهم أهله وتتعامل مع أهله وكأنهم أهلها حتى تنعم العائلة بالدفء الإسلامي .
تقول سائلة " ابنتي تقول لي أن العقد على الزوج هو زواج إلا ربع"..؟ ورد د. سالم بأنه بالفعل توجد الكثير من الأمور التي بيناها آنفا وتجوز للعاقد والمعقود عليها ولا تجوز وقت الخطوبة والذي اتفقنا أنه لمجرد التعارف ولا يترتب عليه شيء ومنها الجلوس في خلوة غير تامة والخروج سويا ، على أن الأم يجب عليها توعية فتاتها كيف تحافظ على نفسها حتى لا يقعا في المحظور ولا يضمن أن يدخل بها الزوج بعد ذلك ولربما حملت منه الفتاة قبل دخولهما.
سؤال آخر " هل أثر عمل المرأة في ارتفاع معدل الطلاق في عالمنا العربي؟" .. ورأى د. سالم بأن عمل المرأة لو لم تدع إليه الضرورة يكون في غير مصلحة البيت ولكن الخروج في الظرف الاقتصادي الضيق يكون من باب الضرورات التي تبيح المحظورات ، لأن المراة تكون محملة بالعديد من الأعباء الإضافية المضافة لأعبائها الطبيعية من حمل وولادة وتربية الأولاد ونظافة المنزل إضافة إلى أمر في غاية الخطورة وهو الإعتناء بنفسها وبأناقتها في المنزل والتزين لإبهاج الزوج ، خاصة في عصر الفضائيات والاختلاط بين الرجل والمرأة في العمل وكل النساء المسلمات العاقلات تفطن إلى تأثر أزواجهن بهذه العوامل ، وأن كثير من البيوت هدمت لأن المرأة تزينت للأغراب في الشارع ولم تتزين للزوج لأنه لم يعد لديها وقت ولا طاقة في رأيها لهذه الأمور .
من جهة أخرى فإن المرأة حينما عملت كان من النتائج أن كثير من السيدات يزداد راتبهن عن الزوج وهذا أحدث مشكلات سواء من جانب المرأة أو الرجل وخاصة أن قوامة الرجل مرتبطة بالإنفاق ، ولكن هذا لا يمنع أن هناك نساء فضليات لا يؤثر ارتفاع مستوى دخلها عن الزوج في تقديرها له ، وعلى رأسهن أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد والتي تزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكانت تتاجر وذات ثراء ، ومع ذلك كانت خير عون وسند لنبينا الكريم في حياتها وعاش الرسول صلى الله عليه وسلم وفيا لها ولذكراها حتى ان السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تغار من سيرتها إذا نطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موتها لمعرفتها بمدى حب الرسول لها .
أما عن الخلع فرفض د. سالم اعتباره خروجاً عن التعاليم الإسلامية لأن المرأة برأيه ليست أسيرة عند الزوج ، ورد على سؤال بأن مجرد الكره الشديد يكون سبباً كافياً لطلبها خلعه . وأخيراً جاء سؤال عن زوج الأم كيف تتعامل معه الفتاة المسلمة ؟ ورد ضيف الندوة بأنه محرم عليها وهي محرمة عليه حرمة مؤبدة وبالتالي يمكنها التعامل معه عموماً كأب ، ولكن الحرص مطلوب فعلى الأم العاقلة ألا تترك الإبنة في البيت وحدها مع زوج الأم ، وأن تنصح فتاتها بألا تبدي مفاتنها أمامه وأن تكون ملتزمة في مظهرها بما لا يثيره . وأخيرا وليس آخرا دعوة للتفكر في هذه الآية الكريمة من آيات الذكر الحكيم (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) .. مفردات لا يجيب أن تغيب من حياتنا سكن .. مودة .. ورحمة .
1
738
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ويعطيج العافية
:26: