
هل آلمك قريب ..؟
هل خذلك صديق ..؟
هل تحس بالوحشة ؟
هل تئن روحك من شعور الغربة ؟
هل طويت ضلوعك على لاعج الشوق وأنين الشكوى ؟
هل أطلقت عقيرة شكواك في وادٍ منسيٍّ..
فلم يرجع صداك؟
:
دعك إذن .. ممن لايستجيب...
وتوجه إلى الله ( القريب )
الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد ..
:
هو القريب الذي تأنس له الروح ..
ويطمئن بجواره القلب ..
وتطيب بقربه الحياة ..
فتذوق طعم مناجاته وراحة الشكوى إليه
في ليالي الوحشة .
:
الله تعالى بعظمته وجلاله ..
واستوائه على العرش ..
جدّ قريب مني .. ومنك ..
يسمع ويرى .. لاتخفى عليه منّا خافية ..
فإن دعوناه خاشعين متذللين متطلعين إليه وحده
استجاب لنا ..!
:
:
هذا ابراهيم بن أدهم العابد ..
يرى رجلاً ينظر متحيراً ملهوفاً .. هنا وهناك
فيسأله :مابك ؟
فيجيب : ضاعت دابتي ..
فيقف إبراهيم ويقول : ياالله ..
لن أمشي خطوة حتى تعيد لهذا دابّته .
فإذا بها تظهر من منحنى الطريق .
:
:
الله قريب ليس منّا فقط ..
ولكن من جميع مخلوقاته
وكيف لايكون قريباً من جميع خلقه وهو قيوماً عليهم ؟!
إنه تعالى لشدة قربه .. يسمع حتى دبيب النملة السوداء
على الصخرة الملساء ..
في الليلة الظلماء ..!
:
:
وقرب الله تبارك وتعالى قرب علم ..
وقرب سمع ..
وقرب بصر ..
وقرب إحاطة ..
لاقرب ذات ، فذاته العليا منزهة عن مثل هذا القرب .
:
:
من قربه تعالى أنه يتنزل في الثلث الأخير من الليل ..
إلى السماء الدنيا فيقول :
( هل من سائل فأعطيه
هل من داعٍ فأجيبه
هل من مستغفر فأغفر له ).
:
:
الله تعالى قريب من سائر الخلق عامة ..
يراهم .. من يقوم منهم له سبحانه عبادة وطاعة ..
ومن لايقوم..
ولكن للقائم في صلاته رؤية خاصة ..
فيها الحب والرعاية والقبول والاستجابة والمغفرة ..
( الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ).
فياله من أنس يحف قلب المؤمن ...
وهو يوقن أن الله يراه ويرعاه ..!
:
:
هذا يونس في بطن الحوت ينادي وقد بلغ منه الضنك مبلغه :
( لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ).
فإذا الصوت المحبوس في الظلمات ..
يشق الفضاء .. فتستمع الملائكة ..
لكنها لاتدرك من أين ..
والله وحده القريب يسمع ويرى ..ويعرف مصدره
ويستجيب له .. وينجيه من الغم ..
:
:
ولأن الله قريب ..
قرباً خاصاً لعباده المتقين
اتخذي إلى مزيد من هذا القرب سبيل ..
ففي زيادة الطاعات .. زيادة قرب..
وقبول .. وعطايا ..وهبات.. وإنعام..
ويذكر الحديث القدسي :
(إذا تقرب عبدي مني شبراً تقربت منه ذراعا
وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعا)
:
:
( وإذا سألك عبادي عنّي .. فإنّي قريب )
النفوس مفطورة على الإحساس بقرب الله ..
وأي إنسان يسألك .. عن ربك
فإن أول ماتصفي به ربك ..القرب ..
فتقولي : ربي هو الله ..القريب ..!
يسمعني ويراني ..
قريب إلى وجودي وروحي آنس بذكره ..
وأتقرب إليه بمراقبة نفسي فهو يراني ..
ومراقبة فعلي فهو لاتخفى عنه خافية مني ..
والتحفظ على قولي فهو يسمعني ..
أتقرب إليه بما يحبه .. لأستحق رضاه وحبه ..
قريب إلى درجة عدم الحاجة إلى من يوصلني إليه ..
يكفي أن يأتي ذكره على لساني ..
فأشعر بذاك القرب الحبيب ..!
:
:
( فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب )
وما أروع أن تستغفري عن ذنوبك ..!
وتتوجهي إليه تعالى مخلصة مستجيرة متضرعة ..
فيمنّ عليك بالمغفرة والرحمة ..
فتشعري بأحمال الذنوب وقد أزيحت عن كاهلك ..
فأصبحت خفيفة الكاهل ..
فيغمر ذلك الشعور قلبك بالغبطة ..!
هو الله سمعك ورآك فاستجاب لك .
:
:
إذا أيقنت أن الله معك فلن تجروئي على عصيانه ..!
إذا شعرت أن قربه تعالى قرب علم وقرب قدرة
فلن تتجاوزي أمره ..!
لأن اليقين بقرب الله منك ..
هو يقين بقدرته عليك ..
يقين بأن علم الله يطولك ..
فكيف تعصيه وأنت في قبضته ؟!
وقد قيل :
أفضل الإيمان أن يعلم المرء أن الله معه ..
حيث كان .
:
:
حينما أدى الحسن البصري واجب العلماء في التبيين
وبيّن سمع الحجاج بمقالة الحسن البصري
وغضب وأمر بقتله .. وجاء السيّاف .. وأرسل في طلبه
ودخل البصري المجلس ورأى السياف قائماً..
فحرك شفتيه واقترب من الحجاج ..
فإذا به يختلف أمره فيقف له ويرحب به ..
ويجلسه قريباً منه..
يسأله عن بعض القضايا ..
ويضيفه ويشيعه حتى باب القصر ..
صعق السياف والحاجب..
ثم مالبث أن تبعه الحاجب وخاطبه :
ياأبا سعيد ..!
لقد جيء بك بغير مافُعل بك
فماذا كنت تتمتم بربك ؟
:
قال :
قلتُ : ياملاذي عند كربتي ..
يامؤنسي في وحشتي ..
اجعل نقمته عليّ برداً وسلاماً ..
كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم .
💐💐
القرب من الله هو السعادة التي تغنيك ..
ولو فقدت كل شيء ..
وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
فكوني من أهل القرب .
كلمات رائعة ومبدعة يا فيض
جزاك الله خيراً وزادك علماً