fraternity88

fraternity88 @fraternity88

عضوة فعالة

القسم في سورة المعارج

ملتقى الإيمان

ومن ذلك قوله عز و جل { فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين } أقسم سبحانه برب المشارق والمغارب وهي إما مشارق النجوم ومغاربها أومشارق الشمس ومغاربها وأن كل موضع من الجهة مشرق ومغرب فكذلك جمع في موضع وأفرد في موضع وثنى في موضع آخر فقال { رب المشرقين ورب المغربين } فقيل : هما مشرقا الصيف والشتاء وجاء في كل موضع ما يناسبه فجاء : في سورة الرحمن { رب المشرقين ورب المغربين } لأنها سورة ذكرت فيها المزدوجات. وأما سورة ( سأل سائل ) فإنه أقسم سبحانه على عموم قدرته وكمالها وصحة تعلقها بإعادتهم بعد العدم فذكر المشارق والمغارب بلفظ الجمع،وأما في سورة ( المزمل ) فذكر المشرق والمغرب بلفظ الإفراد لما كان المقصود ذكر ربوبيته ووحدانيته وكما أنه تفرد بربوبية المشرق والمغرب وحده فكذلك يجب أن يتفرد بالربوبية والتوكل عليه وحده فليس للمشرق والمغرب رب سواه. وفي ربوبيته سبحانه للمشارق والمغارب تنبيه على ربوبيته للسموات وما حوته من الشمس والقمر والنجوم وربوبيته ما بين الجهتين وربوبيته الليل والنهار وما تضمناه ثم قال { إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين } أي لقادرون على أن يذهب بهم ونأتي بأطوع لنا منهم وخيرا منهم كما قال تعالى { إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا } وقوله { وما نحن بمسبوقين } أي لا يفوتني ذلك إذا أردته ولا يمتنع مني وعبر عن هذا المعنى بقولة { وما نحن بمسبوقين } لأن المغلوب يسبقه الغالب إلى ما يريده فيفوت عليه ولهذا عدى بعلى دون إلى كما في قوله { وما نحن بمسبوقين * على أن نبدل أمثالكم }. وقد وقع الأخبار عن قدرته عليه سبحانه على تبديلهم بخير منهم وفي بعضها تبديل أمثالهم وفي بعضها استبداله قوما غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم فهذه ثلاثة أمور يجب معرفة ما بينها من الجمع والفرق فحيث وقع التبديل بخير منهم فهو إخبار عن قدرته على أن يذهب بهم ويأتي بأطوع واتقى له منهم في الدنيا وذلك قوه { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } يعني بل يكونوا خيرا منكم قال مجاهد : يستبدل بهم من شاء من عباده فيجعلهم خيرا من هؤلاء فلم يتولوا بحمد الله فلم يستبدل بهم. وأما ذكره تبديل أمثالهم ففي سورة الواقعة وسورة الإنسان فقال في الواقعة { نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين * على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون }.قال كثير من المفسرين : المعنى أنا إذا أردنا أن نخلق خلقا غيركم لم يسبقنا سابق ولم يفتنا ذلك. قال المهدوي : قوما موافقين لهم في الخلق مخالفين لهم في العمل ولم يذكر الواحدي ولا ابن الجوزي غير هذا القول وعلى هذا فتكون هذه الآيات نظير قوله تعالى { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } فيكون استدلالا بقدرته على إذهابهم والإتيان بأمثالهم على إتيانه بهم أنفسهم إذا ماتوا
ثم استدل سبحانه بالنشأة الأولى فذكرهم بها فقال { ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون } فنبههم بما علموه وعاينوه على صدق ما أخبرتهم به رسله من النشأة الثانية
والذي عندي في معنى هاتين الآيتين وهما آية الواقعة والإنسان أن المراد بتبديل أمثالهم الخلق الجديد والنشأة الآخرة التي وعدوا بها وقد وفق الزمخشري لفهم هذا من سورة الإنسان فقال : وبدلنا أمثالهم في شدة الأسر يعني النشأة الأخرى.
وتأمل قوله تعالى في الواقعة { أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون * نحن قدرنا بينكم الموت } كيف ذكر مبدأ النشأة وآخرها مستدلا بها على النشأة الثانية بقولة { وما نحن بمسبوقين * على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون } فإنكم إنما علمتم النشأة الأولى في بطون أمهاتكم ومبدأها مما تمنون ولن نغلب على أن ننشئكم نشأة ثانية فيما لا تعلمون فإذا أنتم أمثال ما كنتم في الدنيا في صوركم وهيئاتكم وهذا من كمال قدرة الرب تعالى ومشيئته لو تذكرتم أحوال النشأة الأولى لدلكم ذلك على قدرة منشئها على النشأة التي كذبتم بها فأي استدلال وإرشاد أحسن من هذا وأقرب إلى العقل والفهم وأبعد من كل شبهة وشك ؟ وليس بعد هذا البيان والاستدلال إلا الكفر بالله وما جاءت به الرسل والإيمان
وقال في سورة الإنسان { نحن خلقناهم وشددنا أسرهم } فهذه النشأة الأولى ثم قال { وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } فهذه النشأة الأخرى ونظير هذا { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى * وأن عليه النشأة الأخرى } وهذا في القرآن كثير جدا يقرن بين النشأتين مذكرا للفطر والعقول بإحداهما على الأخرى وبالله التوفيق
فلما أقام عليهم الحجة وقطع المعذرة قال { فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون } وهذا تهديد شديد يتضمن ترك هؤلاء الذين قامت عليهم حجتي فلم يقبلوها ولم يخافوا بأسي ولا صدقوا رسالاتي في خوضهم بالباطل ولعبهم . ثم ذكر سبحانه حالهم عند خروجهم من القبور فقال { يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون } أي يسرعون والنصب العلم والغاية التي تنصب فيؤمونها وهذا من ألطف التشبيه وأبينه وأحسنه فإن الناس يقومون من قبورهم مهطعين إلى الداعي يؤمون الصوت لا يعرجون عنه يمنة ولا يسرة كما قال { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له } أي يقبلون من كل أوب إلى صوته وناحيته لا يعرجون عنه. ثم قال تعالى { خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة } فوصفهم بذل الظاهر وهو خشوع الأبصار وذل الباطن وهو ما يرهقهم من الذل خشعت عنه أبصارهم وقريب من هذا قوله { ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة } ونظيره قوله { وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما } وضد هذا قوله تعالى { إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى } فنفى عنه الجوع الذي هو ذلك الباطن والعري الذي هو ذلك الظاهر. وضده أيضا قوله : { ولقاهم نضرة وسرورا } فالنضرة عز الظاهر وجماله والسرور عز الباطن وجماله. ومنه قوله { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون } فجمع لهؤلاء بين جمال الظاهر والباطن ولأولئك بين تسويد الظاهر والباطن ومنه قول امرأة العزيز { فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } فوصفت ظاهره بالجمال وباطنه بالعفة فوصفته بجمال الظاهر والباطن فكأنها قالت : هذا ظاهره وباطنه أحسن من ظاهره وهذا كله يدلك على ارتباط الظاهر بالباطن قدرا وشرعا والله أعلم بالصواب
2
545

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

امل باكر
امل باكر
جزاك الله خير
صيغة الصلاة على الرسول :

(اللهم صلَ على محمد وعلى ال محمد كماصليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد)
(وبارك اللهم على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد)
( اللهم صلَ على محمد وعلى ازواجه وذريته كما صليت على ال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ازواجه وذريته كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد )

الدال على الخير كفاعلة
تألمت لكن ماتعلمت
الله يجزاك كل خير