القصد فى الطعام خير وقاية للاجسام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شدني هذا الموضوع قريت عنه فى احد الكتب وحبيت انقله لكم واتمنى انه يعجبكم
القصد في الطعام خير وقاية للأجسام
لابد للجسم اذا أريد حفظ حياته ودوام بقائه ,من الغذاء,يعتاض به عما يفقده في حركته , ويعيد به *مادثر*((امحى وذهب)) من جوهره وأكل من مادته , صونا لشخصه من الفناء, وتكميلا لبنائه من النقص , فالغذاء هو المادة التي يتناولها الحي , للتعويض بها عما يفقده بسبب الاعمال الحيوية التي يقوم بها 0 وهو الذي يجدد المادة , ويولد باحتراقه الحرارة اللازمة للجسم , ويتكفل برجوع القوة اليه ودوامها فيه , وقد قيل : ان الانسان لايعيش بدون هواء الا ثلاث دقائق , وبدون ماء الاثلاثة أيام , وبدون طعام الا ثلاثة اسابيع . وهو قول تقريبي وقد يختلف في كثير من الناس غير انه من الواضح ان ضرورة الطعام للحياةكضرورة الهواء والماء ومثله كمثل الوقود والماء للالة البخارية فكما انها لاتعمل بدونها لاتقوم الحياة الابالطعام هذا شأن كل كائن حي من انسان وغيره غير ان الحيوان الاعجم انما يعيش لياكل ويطعمه صاحبه لينتفع به ويستغل ثمرة حياته ولايقصد من بقائه اكثر من هذا اما هذا المخلوق الكريم الذي سخر الله له مافي الارض جميعا وجعل كل مافي الوجود طوع امره يستخدمه في بلوغ اغراضه ويستعين به على قضاء ماربه فان حياته ثمينة ومطالبه منها عالية فهو انما ياكل ليعيش ويجعل غذاءه وسيلة لقضاء حياته وقيامه بما خلق من اجله ولئن كان مضطرا إلى الطعام فهو في شديد الحاجة إلى القصد منه والاكتفاء منه بما يقيم صلبه ويمسك عليه *رمقه*((الروح)) من غير افراط ولاتفريط ان الغذاء- وان كان قوام الجسم وبه تجديد قواه – سبب عظيم من اسباب ضعفه والحاح السقم عليه ان الافراط فيه هو اصل كل داء ومنبع كل شقاء *ومامني*((ابتلى به واصيب)) جسم الانسان باضرمن ادخال الطعام على الطعام وازدحام المعدة بما لاتقدر على هضمه فالمعدة بيت الداء وقل ان يجد الباحث في دواعي الاسقام داعيا شرا من الغذاء.
فان الداء أكثر ماتراه يكون من الطعام او الشراب
وما ملا ابن ادم وعاء شرا من بطنه . وقد قال بعض الحكماء ((اذا كنت نهما فعد نفسك من *الزمنى))*((جمع زمن او زمين وهو المصاب بعاهة)) . والشبع الزائد داعية إلى *البشم*((التخمة)) والبشم داع إلى السقم والسقم داع إلى الموت ومن مات هذه الميته فقد مات ميتة لئيمة لانه قاتل نفسه وقاتل نفسه الام من قاتل غيره . ان الشراهة النهم لابد له من احد حالتين اما ان يكون ذا معدة تهضم *ماتكتظ*((تمتلىء)) به من ذلك الطعام الكثير واما ان تعيا معدته بهضمه فان كانت على هضمه فانه لايلبث ان تظهر عليه *قطيفة*((ظهرت عليه قطيفة من نسيج اضراسه أي عليه السمن بمعنى أي ظهر عليه اثار من اللحم والشحم نسجته له اضراسه لكثرة اكله )) من نسج اضراسه. ينشا عن ذلك سمن مفرط قد يعوقه عن الحركة ويثقل بدنه حتى يستولى عليه الكسل ولاينشط إلى عمل . ان ذلك ليحول بين الانسان والانصراف إلى معاشه والقيام بما يرجى منه ويجعله بالحيوان الاعجم أشبه منه بالانسان العاقل وقبيح بالمرء ان يجعل نفسه بهيمة وقد جعله الله انسانا ان مثل هذا ان قدر له ان يمتد اجله كمثل منزل *ينبو*((نبابه المنزل:لم يوافقهولم يلائمه سكناه)) بكل ساكن ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب .هيهات ان يكون لصاحبه عقل مفكر او اثر محمود (( منزل عامر وعقل خراب )) . وعن ذلك السمن المفرطالبغيض تنشأ ادواء فاتكة *كالنقرس*((ورم ووجع في مفاصل الكعبين واصابع الرجلين )) وداء النقطه *والاستسقاء*((حرارة في الجوف تجعل المصاب بها يكثر من شرب الماء)) والقرح الجلدية ثم لايلبث الجسم ان يضعف فيه كل عضو ماخلا الدورة الدموية . واذا ضعف الجسم ضعف العقل فيضعف من الانسان النبه والذكاء ويظلم سراج العقل وينطفىء منه نور الحكمة ويصير جسما بلا حلم والغالب ان المفرطين في السمن يفقدون مضاء الذهن وان كان لذلك شواذ مشهورة . هذا والسمان كالنحاف عرضة للامراض الحادة غير ان النحاف اقدر منهم على مقاومة المرض واحتمال الاصابة ويغلب فيهم – ان لم تكن نحافتهم مفرطه وليدة الاسقام والعلل – ان يكونوا امضى ذهنا واحد ذكاء ولقد صدق القائل :
ان الفتىضخم المعالي** فليس يضره الجسم النحيل
تراه من الذكاء نحيف جسم **عليه من توقده دليل
على ان *البادنين*((البادن والبدين الجسيم السمين )) لايستطعون ان يحافظوا على صحتهم طويلا لان فرط السمن يجعل الرياضة متعذرة فتفضي هذه الحال بالسمين إلى ارتخاء عضلاته وضعف تغذيتها . ثم ان تجمع الدهن في الصدر والبطن قد يعوق حركة الاحشاء إلى درجة الخطر واقرب شاهد على ذلك تجمع الدهن حول القلب وعرقلة حركته حتى يفضي ذلك إلى المرض *العضال .*((داء عضال ومرض عضال أي مرض شديد )) والسمن زيادة تجمع الدهن تحت الجلد وحول الاحشاء ولابد لكل جسم صحيح سوي من مقدار من الدهن كثيراو قليل لقضاء وظائفه ولاستكماله شروط الحسن والجمال . وقد يكون الشخص سمينا ومع ذلك تراه صحيح الجسم نشيطا خفيف الحركة كبير الهمة فلا يحسب السمن مرضا الا اذا زاد زيادة سريعة مفرطة .
اعيذها نظرات منك صادقة**ان تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
والسمن طبيعي في بعض الافراد والامم تبعا للمزاج والسن فرب شخص يقبل جسمه النماء واخر لايكون بدنه مستعدا له . وقد يكون السمن وراثيا في بعض الاسر فلاينجح فيه احتياط ولاعلاج . على ان بعض العادات قد يزيد السمن. ومما يزيده غالبا ترف المعيشة وقلة الحركة والافراط في النوم واكل المواد النشوية والسكرية وراحة البال وخلو النفس من الاكدار .
وربما افادت الحمى او بعض الامراض الشديدة القصيرة المدة ذوي السمن لانها تذهب بما في اجسامهم من فضل الدهن الذي يزيد على الحاجة فتساعدهم بذلك على استخدام الوسائل الكثيرة النافعة التي تمنع تجمع الفضول الدهنية مرة ثانية (( وربما صحت الاجسام بالعلل )) انك اذا علمت ذلك فهمت سر قولهم : ((*البطنة*(( الامتلاء الشديد من الطعام )) تافن الفطنة )) لان كثرة الطعام تقضي كثرة ورود الدم إلى المعدة والامعاء فيقل وروده إلى الدماغ مقر القوى العقلية فيقل تقوية الدماغ ويضعف عمله . بهذا يعلل لما يعتري الانسان احيانا من بلادة الفهم عقب الاكل وقبل ان يتم هضم الطعام ومايرى من مضاء عقله في الصباح وحين يتم هضم طعامه . والى هذا اشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ناهيا عن الافراط في الطعام والشراب : ((ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن ادم أكلات يقمن صلبه فان كان لامحالة فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه )). ذلك إلى مايصيب الا كول *الحطمة*((الكثير الاكل )) من المضار الادبية اذيصبح همه بطنه وتصبح شراهته عالية على ارادته . وحسب الانسان نقصا ان يكون حظه من الحياة الطعام وان ياكل كما تاكل الانعام . ومن اضل ممن ضعفت ارادته وخبا*((خبت النار خمد لهيبها)) زنادفكره حتى اصبح من *سقط المتاع*((الردىء منه وما لاينتفع به )) ؟
لهذه المضار الخطيرة التي يسوق اليها الافراط في الطعام نصح الخليفة الحكيم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فقال:(اياكم والبطنة فانها مكسلة للصلاة ومفسد للجسم ومؤدية إلى السقم . وعليكم بالقصد في قوتكم فهو ابعد من السرف واصلح للبدن واقوى على العبادة).
وفي الحديث الشريف:(من السرف ان تاكل ماشئت) . وطالما كانت شهوة الانسان بالشره داعية إلى صغره في النفوس *وازدراء*((عابه واحتقره واستهزابه)) العيون له وجعله عرضة للتهكم والسخرية حتى كان ذلك لكثير من الناس سبة لزمهم عارها ولصق بهم *شنارها*((العيب والعار )) هذا كله اذا قويت المعدة على الهضم . والضرر الاكبر والخطب الفادح حين تعجز المعدة عن ذلك ولا تستطيع اليه سبيلا : وهذا هو الغالب فيمن حمل معدته بما لا طاقة لهابه ولم يرفق بها لان المعدة – مع كونها اشد الاعضاء تعبا واكثرها قياما بالعمل – ضعيفة الاجزاء رقيقة الانسجة لطيفة التركيب فاذا اجهدت وحملت فوق قدرتها اسرع اليها العطب واصابها الالتهاب وقد يعقب ذلك غيره من الامراض الاخرى واخصها المغص المعدي او التهاب الامعاء او الكبد اوغير ذلك من الادواء الخطيرة التي تنشا عنها وتتفرع منها والتي تنهك القوى وتكدر صفو الحياة وتهدم بناء الجسم وتدني اليه اجله وتحصد زرع الشباب قبل ان يستوي على سوقه وتقطف ثمرة الحياة قبل ان تينع . وان قدر للمريض طول عيشه كان الموت خيرا له من الحياة اذ تذوي نضرته وتذبل زهرته ويبدل من النعيم شقاء ومن الصحة داء . ولاخير في حياة تنغصها الاسقام *وترنق*((كدره ورنق الماء كفرح ونصر أي تكدر)) صفوها الالام . ومن حرم نعمة المعافاة في بدنه فقد حرم السعادة كلها. والتفريط في الغذاء والاقلال منه إلى حد لايكفى البدن ولايرد اليه مثل مايفقد منه يؤدي إلى مرضه وضعفه . فما اشبه الجسم بمورد ماء سائغ اذا كثر وارده ولم يجده الغيث ولم تمده السماء بأمطارها *نضب*((الماء غار قي الارض)) معينه وجف ماؤه.
واذا كان الغذاء مادة الحياة والحافظ لكيان الجسم كان الاستغناء عنه مستحيلا وكان عدم الاكتفاء بالقدر اللازم منه ضارا . واذا كان الطعام غير كاف لتغذية الجسم ضعفت قوة الدماغ بضعف تغذيته. ان الذين لاينالون كفايتهم من الطعام لاينتظر منهم ان يقوموا باعمال عقلية كثيرة. واذا اجدب الجسم ولم يحسن صاحبه تعهده والقيام عليه فهيهات ان يجني منه ثمرة طيبة . ومن اشتد جوعه كان ضيق الصدر فقير النفس. ولوانك غرست نبتة في اصيص ليس به من الطين مايكفي غذاءها لوجدتها بعد قليل من الزمن قد فارقتهاالنضرة واصابها الذبول فاصفرت اعضاؤها ويبست اوراقها وعريت اوراقهامن زينتها *وعطلت*((تجردت)) من حليتها ذلك لان المواد الغذائية في تراب ذلك الاناء غير كافية لسد حاجتها. والحيوان مثل النبات لابد له ان يستوفي حظه من القوت ويمد بما يكفيه منه والا *شحب*((تغير واصفر)) لونه وهزل بدنه ووهت قوته وعجز عن القيام بما يرجى منه. فاحمد الحالات ان يقصد المرء في غذائه. فلايسرف فيه ولايقتر تقتيرا بل يكون بين ذلك *قواما*((معتدلا)) وقدقرر الاطباء قديما وحديثا ان الاعتدال في الغذاء هو الحصن الحصين لمقاومة الامراض *والحرز*((الموضع الحصين)) الحريز لاتقائها. واذا كان لاحدهما فضل على الاخر فالاقلال من الطعام خير من الاكثار منه. وقد حث الاطباء والحكماء فى كل زمان ومكان على الاقلال منه وكرهوا الافراط فيه وليس غرضهم من ذلك ان *يجحف*((ينقص)) الانسان بحق بدنه فلايمده بما يجب له بل يريدون الامساك عن غاية الاكثار والابقاء على البدن عند اشتداد الرغبة واحسن ماياخذ الانسان به نفسه ان يتعهد بدنه فلايخلي الممعدة *ولايكظها*((كظ المعدة ملاها حتى لايطيق النفس )) فقد جعل الله لكل شي قدرا. والقصد في ذلك يجمع إلى صحة البدن ذكاء الذهن والى صفو العيش صلاح الدين والدنيا فمن احب الحياة فهذه سبيلها
ملاحظه \
المفرده وضعت عليه اشارة * ومعناه دار ماداره (( ))
4
1K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
العفو حبيبتى
الله يجزينا وياك كل خير
بالتوفيق اجمعينا ان شاء الله
يسلموووووووووو
الله يجزينا وياك كل خير
بالتوفيق اجمعينا ان شاء الله
يسلموووووووووو
الصفحة الأخيرة
والله يوفقج يارب