القلب عالم زاخر .. حافل .. بلا حدود ..
ووسيلتنا في التفاعل والتعايش مع العالم الخارجي
فهو المتلقي والواهب ..
وهناك نوافذ تفتح عليه ..
وروافد تصب فيه ..وترد منه ؟!
فيتفاعل معها سلباً أو إيجاباً ..
يؤثر فيها ، ويتأثر بها..!
لتشق طريقها إلى العالم الخارجي ..
على هيئة فعلٍ أو قولٍ ؟
تلك النوافذ هي أربع :
▫️▫️🌼▫️▫️
أبعدها أثراً وأصغرها حجماً ..
اللسان..~
فبه نجاة المرء وفيه هلاكه..
وبه يعرف الإنسان خلقاًوطبعاً ..
أو ليس المرء يقاس بأصغريه ؟!
[ فخالفي قلبك إن حبب إليك قول السوء
واحفظي لسانك وحاذري من عثراته لئلا تجرح غيرك
فـ جراحات السنان لها التئامُ
ولا يلتام ماجرح اللسان..!
وكم من دور عُمرت ، وكم من بيوت خربت باللسان !
وقيل في المثل :
لسانك حصانك ، إن صنته صانك ، وإن خنته خانك ..
حاذري أخيتي أن يجتمع إقرار قلبك وقول لسانك عليك
فيوردانك النار ..
▫️▫️🌼▫️▫️
والرافد الثاني الذي يصب في القلب ..
الأذن ..~
فموجاتها تلتقط لغتي : الحق والباطل ..
وتلقي به إلى القلب ..
والقلب يقرّه ويتبعه ..أو يعرض عنه ..!
فحذاري لقلبك مما تلتقطه أذناك ..
عودي قلبك أن لايصدق كل مايسمعه
فما بين الحق والباطل أربع أصابع ..
كما الفرق بين ماترين بعينك وما تسمعين بأذنك ..
أغلقي سمع قلبك عن الباطل ..
وما يتبعه من وزر ..!
ووجهيه إلى الحق ..تفلحي .!
▫️▫️🌼▫️▫️
أما العين وهي ثالث معبر يفتح على القلب ..
فهي إن تركت لهوى القلب دون رادعٍ زنتْ ..
ولذا عُدّ النظر السبب الرئيسي ..
في إعاقة سير العبد إلى ربه وانشغاله عن العبادة
فاحكمي لجام قلبك وسوسيه في النظر ..
كي لايجمح بك ويلقيك فريسة الحرام .
▫️▫️🌼▫️▫️
أما العقل رابع وصلة للعالم الخارجي ..
فمخالط للقلب ..
وقد قيل أن القلب مضغةٌ جعل الله فيها تعقل ..
فببياضها يعرف الحق ويعقل ..
وبسواد ها يزيغ المرء عن الحق ويجهل ..
فمثلاً:
إذا هممت بمعصية وأعددت العدة لها .
ولكن شعرت في الوقت ذاته بتأنيب ضميرك
ثم قامت النفس اللوامة بدورها ترفع سوط الحذر ..
يأتي هنا القلب ليحسم الأمر ..
فإن تعقل القلب لجم الذات..
وصور عاقبة اللذات
أما إذا تابع القلب هواه ..
فقد جهل وصار أمره فرطا..
▫️▫️🌼▫️▫️
تأملي كيف نظر القرآن إلى
آليَّة التعقّل عند بني الإنسان..
يقول تعالى:
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا
أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
العقل ،السمع ، البصر كلها مرتبطة بالقلب ..
فالقلوب هي التي تسمع
وهي التي تبصر
وهي التي تعقل ..
فلنحرص على سلامة وبياض قلوبنا !.
إن أشرف الموجودات وأنورها وأعلاها وأوسعها
عرش الرحمن ! لذلك صلح لاستوائه عليه ..
وكل شيء كان أقرب من عرشه تعالى ..
كان أنزه وأشرف وأرقى من الأبعد ..!
ولذا كانت جنة الفردوس في قمة مراتب الجنان
وأشرفها وأبهاها وأجلّها لقربها من العرش
إذ هو سقفها ...!
🌼▫️🌼
القلوب خلقها الله تعالى محلاً لمعرفته..
ومحبته وإرادته فهي عرش المثل الأعلى
يقول تعالى :
( للذين لايؤمنون بالآخرة مثل السوء
ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ).
فهذا من المثل الأعلى وهو مستوٍ على قلب المؤمن
فهو عرشه ..
وفيه ذخائر الخير والنور والفرح وكل معاني الفضيلة
🌼▫️🌼
وإن لم يكن أطهر الأشياء وأنزهها وأطيبها..
وأبعدها عن كل دنس وخبث ..
لم يصلح لاستواء المثل الأعلى عليه..
معرفةً ومحبةً وإرادةً ..
🌼▫️🌼
أما القلب الذي اتبع هواه...
فهو استوى عليه مثلُ الدنيا الأسفل ،
ومحبتها، والتعلق بها ..
وهو عرش الشيطان ففيه الضيق والظلمة..
والموت والحزن والغم ..
هو في كل الأحوال يحمل الهموم ..
إن كان فرحاً خشي ان لايدوم فرحه
فتراه مهموماً مفكراً بما يأتي ..
وإن كان حزيناًغرق في حزنه ..
كأن حاله هذا ليس له نهاية ..
🌼▫️🌼
ولكي يستنير عالم قلبك وتسعدي ~
ولأجل أن يصلح القلب للتدبر ، وينعم بالتعقل ..
يجب أن يكون عارفاً بالحلال والحرام ..
سائراً على خطى الرحمن ..
مستضيئاً بنور القرآن ...
ومن الأمورالتي تجلو القلب..
وتزيد من الله القرب :
🌼▫️🌼
{ الإخلاص~
إنَّ أي عملٍ لا يراد به وجه لله تعالى يخالطه الرياء
ويشوب قلب صاحبه بالسواد ..
فإذا مابقي على ذلك كان مرتعاً للطَّمع والجشع ..
فيقلُّ إدراكه،ويصبح كالذين لهم قلوب لا يَعقِلون بها
وأمَّا إذا جعل الإخلاص سبيله في عمله..
نَعِم قلبه بالرضا والبياض والفهم والبركة
في عمله وسائر أموره.
🌼▫️🌼
{الصبر والثبات ~
نحتاج في كل أمور حياتنا ..
في عملنا ، وفي تحصيل علومنا إلى الصبر ..
وإلى المثابرة وإلى اليقين ..!
كذلك نحتاج الثبات والصبر في مجاهدة أنفسنا ..
ولن نحصل هذا إلا إذا استشعر القلب الأجر ..
وحيث يكون اليقين بجمال الوعد الأخروي ..
نستمرئ الصبر ونستلذ المجاهدة ..
فكأن الصبر وقود للقلب يحركه ويدفعه إلى الأمام .
🌼▫️🌼
{ الاستغفار وجملة الأذكار ~
وفي كلام ابن الجوزي في ( صيد الخاطر )
مايهدي القلوب إلى منافع التذكار :
{من أفرَغَ على قلبه كثرةَ الاستِغفار والأذكار
حَبَاه الله ما نفَع مِن أفكارٍ،
فسارتْ بها الرُّكبان،
وانتَفَع بها عددٌ كبيرٌ مِن الأنام،
فأكثِرْ مِن الاستِغفار تَنل البركةَ في العقل،
ويُرشِدك الله لما صَحَّ من النقل }.
🌼▫️🌼
أخيراً~
لكي تحافظي على انسجام عالم قلبك ..
وتعيشي حياة متوازنة
توازناً يجمع مابين الاعتبارات المادية والنفسية
والعاطفية والروحية في وحدة متناغمة..
تحتاجي إلى نقطة ارتكاز ثابتة ..
لاتتغير بتغير الزمان والمكان والظروف ...
تركني إليها وتلوذي بها ..
لكي تتمكني من التوفيق بين العناصر المتنافرة في حياتك ..
والمرتكز الوحيد هو الله جل جلاله.. ..
الملاذ الآمن في الحياة
وسفينة النجاة في بحرها المتلاطم الأمواج..
فوجهي قلبك لله ..
والسلام عليكم ورحمة الله .
*****
وبهذا تنتهــي رحلات القلب الســبع
التي جابت بحــــــار أحوالـــــــــه ..