القنوط

نزهة المتفائلين

المؤمن يعلم أنه إن وضع اليوم؛ فغدا يرفعه الله !
وإن تألم اليوم؛ فغدا يسعده الله !
وإن نقص عليه اليوم؛ فغدا يكمله الله!
وإن ضاقت عليه الدنيا بما رحبت؛ فغدا يوسع عليه الله !
غدا تتعدل الأحوال، ويتسع الضيق، ويبرأ المريض ،ويعود الغائب !
هذا الأمل يجعل الإنسان يرى أفعال الله ورحمة الله !
إن أخوف ما نخافه في المضائق هو أن نفقد الرضا عن الله،
لذلك يجب حتما تقوية الإيمان باليوم الآخر ،وتغذيته حتى يسري في العروق!
الإيمان باليوم الآخر يثلج الصدور، ويسهل الأمور.
الأمر لا يتحمل أن تطمع في الدنيا؛ فالدنيا تدور بأسرع مما تستطيعه خطواتك، وحتى لو تمهلت لك لتتحلى بشيء من بريق زخرفها، أو ترشف شيئامن رحيق زهرتها؛ نغصته عليك بفنون المنغصات؛ لتخبرك أنها الدنيا ، وأنك ماخلقت للدنيا !
بل إن الذي تعيش الآخرة في قلبه يخاف إن أخذ شيئا من حظوظ الدنيا أن ينقص أجره في الآخرة !
أزمة المؤمنين اليوم أنهم رغم حبهم للدين والاستقامة؛ إلا أن
تفكيرهم يدور حول الأخذ في الدنيا، وهي حقا أزمة تؤثر على أساس عيش الحياة.
نعم سنحصل في الدنيا؛ ولكن ليس (زينتها ) ؛ بل نحصل انشراح الصدر....، نحصل أهم مافي الحياة، وهو: فهم أفعال الله !
تزول عنا الأمية تجاه معاملته لنا، وكرمه علينا، وبره بنا !
كل الناس تحب أن تعرف القراءة؛ فما بالنا لا نحسن قراءة معاملة ربنا لنا ، ولا نسعى إلى ذلك؟!
افتح عينيك، وكحل جفنيك بتلك المنازل التي أنزلك الله بها:
عبد ضعيف قد فتح له الباب ليبقى يناجي ربه في دخوله وخروجه، والله الذي لا يشغله شأن عن شأن لا ينشغل عنه بشاغل!!
أي شيء هذه المنزلة؟!
عبد ضعيف يعيش في الأرض؛ وصمده رب السموات السبع ورب العرش العظيم؛ ما إن يحتاج إلا ويفزع إليه؛ فيجده نعم المؤوي !!
أي شيء هذه المنزلة ؟!!
إن أعظم متع الحياة :
أن يخاف الخائفون وعندك ملجؤك الذي تلجأ إليه!
أن يفتقر الخلق وعندك الغني الذي تأوي إليه!

أن يمرض المرضى وعندك الشافي الذي تفزع إليه!
هذه حصيلة الإيمان: أن تعيش الدنيا على ما أنت .. على ماأعطيت..
لكنك تعيش مطمئن الفؤاد ،تفهم ماهي الحياة !!
تفهم كيف تزن الأمور لأنك تعرف الميزان !

ميزان الآخرة يقول:
إن كان الخوف هنا سيؤمنني هناك فمرحبا به !
وإن كان المرض سيرفعني هناك فمرحبا به !
وإن كان الحرمان يساوي العطية هناك فمرحبا به !
نحن لا نطلب الخوف والحرمان؛ فالصحة والأمن من أهم الأشياء التي نعبد بها ربنا؛ لكن المقصود إذا وقع هذا؛ فلا تفكر بالعوض هنا بل فكر بالعوض هناك !
اصبر على هذا هنا لتقدم هناك !
الدنيا ممر، ولابد فيها من تضحيات ،وفقد لمحبوبات ،
وفي الآخرة يسبق من صبر أكثر ،ويسبق من ثبت أكثر !
كلما زاد إيمانك كلما زادت مطامعك بالآخرة ،وإن كنت ممن يريد كل العوض في الدنيا؛ فقد ضيعت مجهودك !
حين توعدنا إبليس بالغواية؛ أجابه الله عنا بأن المتقين الذين يتقون تزيينه للدنيا في (جنات وعيون) !
لم يجبه بأنه سيعطي عباده المتقين زينة الدنيا!
لم يعدنا ربنا بزينة الدنيا ،ولم يجعل جائزة صبرنا في الدنيا، وما كان لشيء لا يساوي عنده جناح بعوضة أن يكون جزاء للذين آمنوا به !
إن المؤمنين أكرم على الله من ذلك! !
🔺الله يريد منا أن نجعل الدنيا شاهدا على عظمته، وليس أن نجعل الدنيا مكانا للتنافس.
الاستاذه اناهيد السميري
0
407

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️