إن النفس تشرد..
وإن القلب يغفل ..
لو تركناهما دون متابعة مستمرة ..
وستتراكم علينا الذنوب من جراء إهمال مراقبة وتقويم أنفسنا ..
ويميل بنا هوى القلب إن لم نصلحه ..
ولذا علينا أن نلتزم بهذه الوصايا التي تحتويها الكلمات الخمس :
المشارطة.. المراقبة ..المجاهدة..المحاسبة ..
المعاتبة والمعاقبة.
:
يقول الغزالي في مسألة مراقبة النفس ومحاسبتها :
عرف أرباب البصائر من جملة العباد
أن الله تعالى لهم بالمرصاد ،
وأنهم سيناقشون في الحساب ويطالبون بمثاقيل الذر
من الخطرات واللحظات ،
وتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الاخطار
إلا لزوم المحاسبة وصدق المراقبة..
فمن حاسب نفسه قبل ان يحاسب خف في القيامة حسابه
وحضر عند السؤال جوابه
وحسن منقلبه ومآبه..
ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته ..
وطالت في عرصات القيامة وقفاته ..
وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته ،
قال الله تعالى :
( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا
وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها
وكفى بنا حاسبين ) الانبياء
:
فتعالي بنا لنتبين معنى الوصايا الخمس :
:
١/ المشارطة ~
ترى .. ماهي ؟
هي أن تبيني لنفسك سبل نجاتها ونجاتك ..
تقولين لها : يانفس !
إن رأس مالنا العمر ، وأدواتنا الجوارح في تجارتنا مع الله
فدعينا نحصل على أكبر مانستطيع من الربح ..وهو الجنة
خذي رأس المال والجوارح وأعطيني بهما الجنة ..
قد توافقك نفسك ، وقد تخادعك ،
وقد تميل إلى أن ترفض شرطك
فعليك الآن بمراقبتها .
:
٢/ المراقبة~
الآن كوني رقيبةً على نفسك.. وعلى تصرفاتها ..
لاتدعيها تفلت في غفلة منك ..
الجوارح التي تملكيها نفسك مسؤولة عنها..
حاذري من تسيّبها وإمارة السوء فيها ..
احمليها على أن غض طرفك وحفظ بصرك ..
وعن النطق في لسانك بالعيوب ..
وامنعيها وسائر جوارحك وخطرات قلبك عن الذنوب.
:
٣/ المجاهدة ~
من أشق الأمور وأشدها ..
حمل نفسك على المجاهدة والمكابدة ..
حتى تستقيم تماماً ..
ولذا سمي جهاد النفس ( الجهاد الأكبر )
والمجاهدة يعوزها الصبر ..
وقسر النفس على الثبات وكسر موجة طغيانها
وتخويفها بما ينتظرها من عذاب ..إن عصت ..
وتذكيرها بما ينتظرها من نعيم إن أطاعت .
:
٤/ المحاسبة ~
يقول الله سبحانه وتعالى :
( إنا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ماقدمت يداه)
النبأ
ياترى ..!
من الذي سوّل لك سوء عملك فرأيتيه حسناً ؟
ومن الذي أملى لك الخير .. فاتبعته فكنت من الفائزين ؟
هي نفسك بالطبع ..!!
إذن حاسبيها قبل أن تحاسبي ..
قولي لها :
اتحبين يانفس أن تقابلي ربك بصحيفة أعمالك هذه ؟
هل تحسبين أنك ستأخذي كتاب أعمالك ..
باليمين أم بالشمال ؟
هل أعمالك هذه تدخلك الجنة ام تلقيك في النار؟
هل أنت راضية عن كل أعمالك أم لا؟
لاتقولي راضية إلا إذا كانت هذه الأعمال ستؤهلك إلى
نيل رضا الله ..
إن كانت فنعما هي ..!
وإلاٌ ..! فانزجري وتوبي .. قبل سوء المآل .
:
٥/ المعاتبة والمعاقبة ~
والحديث لك :
نفسك بين جنبيك ..
أنت مسؤولة عنها .. وهي مسؤولة فيك ..
عاتبيها ولوميها إن أخطأت ..
كوني يقظة معها وراقبيها ..
فإن تراجعت عن الخطأ بعد اللوم فياحبذا من نفس
أصلحت ذاتها وأدركت خطأها..واستقامت ..
فإن عاودت وعاودت عاقبيها ..وعاقبيها !
احرميها من بعض المباحات تأديباً لها ..
كما يحرم الطفل من شيء يحبه إن أخطأ ..
افرضي عليها الاستغفار الآف المرات ..
تصدقي إذا خطر على لسانك ذكر أحد بالسوء
أو إذا نظرت لما لايحل ..
عقاب النفس ليس قسوة بها وليس كراهية فيها
ولكن تأديباً لها .. وحباً بها ..وخوفاً عليها وعليك
أنت التي تحملينها بين جنبيك ..
:
أختي المؤمنة :
بعد تعويد النفس على ترك مايشينها ويؤدي بها إلى الهلاك
وبعد استقامتها على طريق الفلاح ..
قوديها قوداً جميلاً إلى مزيد من الطاعات :
صلاة الضحى ..قيام الليل ..المحافظة على الأذكار ..
دوام ذكر الله وحضوره في القلب وعلى اللسان ..
:
وما هي إلا أيام ويهل علينا شهر رمضان ..
فليستقر في نفوسنا أنه مع عقد نية الصيام عند الفجر ..
نكون في عبادة طوال النهار ..
فكأننا قد دخلنا الصلاة بتكبيرة الإحرام ..
فلا ننصرف بقلوبنا عن هذه العبادة ..
ولندعو الله أن يعيننا على إصلاح نفوسنا ..
ويشملنا بعفوه ومغفرته ..
ويدخلنا برحمته ..
في جنة رضاه .
