الكولا.. بين التحريم والتجريم
سحر الرملاوي ..... من جريدة الرياض
الخبر القادم من عمان، الذي يؤكد أن العنصر الرئيس للبيبسي والكولا، مأخوذ من أمعاء الخنازير ودمها، (نُشر في «الرياض» الأحد الماضي)، أثار هلعاً كبيراً وضيقاً في نفوس من قرؤوه أو سمعوا عنه، وهو من الأخبار التي لا يمكن أن تمر مرور الكرام، فهذه المشروبات - للأسف الشديد - أصبحت جزءاً أصيلاً من الغذاء اليومي، لنصف سكان المعمورة على الأقل، وإذا كنا قد سمعنا كثيراً عن مضار البيبسي والكولا، وقرأنا عن تجربة الأسنان التي تذوب فيه، أو استخدام المشروب مثل ماء النار، لتنظيف الحمامات، فإن هذه الأخبار مع نداءات المقاطعة الصاخبة - تارة، والهادئة أخرى - لم تمنع مدمنيها من شربها.
غير أن مسألة أحشاء الخنازير ودمها، تخرج بالقضية من إطار الاختيار والذوق الخاص، إلى التحريم والتجريم، تحريم هذا المشروب على المسلمين كوننا ممنوعين شرعاً من التعاطي مع الخنازير، لحوماً، وشحوماً، ودماً، وتجريم من عبث بثابتة من ثوابت ديننا، وفرض علينا مشروباً محرماً، أصبح على مر السنين عند كثيرين من لوازم كل وجبة..
ولهذا فإن الخبر ينبغي ألا يمر، ولا نقبل أن يكون مجرد خبر من دون أن نسمع من وزارة الصحة، ووزارة التجارة، وكل جهة ذات علاقة ما، يفيد صحة الخبر، أو كذبه، وبشكل قاطع لا لبس فيه.
فإذا كان الخبر يقول: « إن رئيس جامعة نيودلهي للعلوم والتكنولوجيا د. مانغوشادا أصدر بحثاً علمياً، أثبت بموجبه أن العنصر الرئيس للبيبسي والكولا مأخوذ من أمعاء الخنازير ودمها.. وأن مادة البيبسي تسبب السرطان للمعدة والقولون، والبروستاتا، والمرارة، والبنكرياس، والفم، والبلعوم، والكلى، والمثانة، وهذا هو التفسير العلمي لارتفاع أعداد الوفيات بأمراض السرطان في العالم».. فلابد أن تقوم مختبراتنا المعتمدة بدورها في تأكيد هذا الخبر، أو نفيه، وينبغي مراسلة د. مانغوشادا والإطلاع على البحث المذكور، وتعضيده بأبحاث محلية على المشروبات التي نُشربها هنا، فالأمر ليس لعبة، إنه يمس بشكل مباشر ديننا وصحتنا، وإذا ثبت فعلاً ما نشره الدكتور المذكور فإن مساءلة جادة جداً ينبغي أن تجرى مع مستوردي المادة الخام للمشروب، تحدد مسؤوليتهم عن تضليل أمة مسلمة عشرات السنين، على أن يتم كل هذا بنزاهة تامة تراقب الله، وتضع مصلحة المجتمع في الدرجة الأولى، فلا نريد أن نقرأ بعد قليل كما هو متوقع خبراً ينفي الخبر الأول من دون تمحيص ومن دون أسانيد علمية حقيقية ظاهرة، وجلية، ومتاحة، وحتى يتم ذلك فلن أشرب الكولا أو أدخلها بيتي.
sahar@alriyadh.com
نقلا عن مقال بجريدة الرياض يوم الاربعاء 29 رجب
محبتكم رتونه
رتونه @rtonh
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
والله يكفينا شر الحرااام