أعتذر مقدما ... فقد لا يروق الكلام للبعض -
أما قبل ... فلن أتكلم عن الحكم الشرعي في :
- حلق اللحية كاملة .
- أو أخذ ما زاد عن القبضة منها .
- أو أخذ ما انتشر منها .
- أو تشذيبها بعمومها .
- أو الأخذ منها بما يسمى الماكينة على درجات لا تخفى .
فهذه المسائل سبق النقاش حولها ، ويمكن البحث عنها في هذا الملتقى ، وليست هي محور الموضوع .
ما أريد الحديث عنه ... هو نتيجة تأمل ... أعقبها عَجبٌ ، وتعجّب :
فأنا أعجبُ من نفسي ... ومن بعض إخواني عندما تتغير عندنا بعض الأحكام - فضلا الفتاوى - !!.
في السابق كان لدينا مسلّمات وثوابت في بعض القضايا والرؤى .... فضلا عن الأحكام الشرعية ... !!.
لا أدري ... لماذا تغيرت مع الزمن ... وتبدلت مع الوقت ؟!.
لا أدري :
- هل التغير بسبب البحث في بطون الكتب ، واستقصاء الأدلة ، والقراءة في ذيول القضية ، والاطلاع على أقوال العلماء ... حتى تبين لي ولك أن ما كنّا عليه في السابق لم يكن هو الصواب ... وأنه قول مرجوح ... وأن الراجح هو ما نحن عليه الآن ؟!.
- هل التغير بسبب غياب دليل ... لم نقع عليه فيما مضى ... وقد حصلنا عليه الآن ... فتبدل الحال ، وتغير المقال ؟!!.
- هل التغير بسبب التوجه الكلي لطلب العلم ، وملازمة العلماء ، وثناء الركب بين أيديهم ، فبدا لي ولك ... ما لم يبدو لنا سابقا ؟!!.
- أم أن التغير بسبب ضغط الواقع ، وعدم تحملنا له ، وإتيان الشيطان لنا بمداخل لا يمكن عدها وحصرها لنتقبل التغيير ... ونبادر إليه ؟!.
- أو أن التغير بسبب الوظيفة ، وتأثير الزملاء في العمل ، وتغير المجتمع الذي يلزم معه ومنه تبديل ما كنا عليه سابقا ؟!.
- أم أن التغير حصل بسبب الزوجة ، والضغط الدائم منها في تبديل المسلمات ، واقتحام المباحات .. وتقليد الآخرين .... وما يعقبها مما لا يخفى ؟! .
- أم أنه بسبب الاستحياء من المظهر ، وضرورة تبديله ... توافقا مع الوضع العام ، وحتى لا نقع في التميّز الذي يلزمنا ببعض الواجبات ... التي نوهم أنفسنا بأننا لا نقدر على حملها ؟!.
- أم أنه بسبب تقصيرنا في بعض الواجبات ، واتباعنا لما يمليه الشيطان علينا بأننا لسنا أهلا لأن نكون من الصالحين ، وأن هذا نفاق ظاهر ، وأن فاعله مراءٍ ... إلخ .
- أم أنه بسبب بعدنا عن الصحبة الصالحة التي تعيننا ، وتنصح لنا ، وتبين لنا ما قد يخفى علينا من أخطاء ... وذلك بسبب انشغالنا بالأهل والأولاد المال والوظيفة ؟!.
- أم أن التغير بسبب اقتحامنا للمشتبهات ... وبعض المحرمات ... فانطمست بعض القلوب بسبب أكل الحرام .... أكلا للربا أو ... أكلا لأموال الناس بالباطل ؟؟!!.
كل منا أعرف بنفسه ... وسبب تغيره ... أصلح الله أحوالنا
أعود فأقول - ويحزنني ما سأقول - /
أنني تأملتُ فرأيتُ أن أول ما يبتدئ به الشاب عندما يتغير بسبب بعض الأسباب المشار إليها أعلاه أو غيرها ...
أن يبدأ بـ ( اللحية المسكينة ) ....فيضحي بها أو ببعضها ....
وهي مع التأمل في حالها مع صاحبها ... ( مسكينة ) ...
ومع هذا يصدق أن أسميها ( القلعة ) ....
فلماذا ( اللحية ... مسكينة ؟؟) ...
وكيف تكون ( اللحية ... القلعة ) ؟.
الوقفة الأولى /
لستُ هنا ألمز أحدا ... أو أشير إلى أحد ...
قبل البدء ... لنتأكد جميعا :
أن غالب الإخوة الذين بدأو بالنخفيف من لحاهم - بعد أن كانت من الكبائر عندهم - ... لم يدُر في خلدهم يوما أن يأخذ من لحاهم شعرة واحدة - فضلا عن التخفيف - ....
ولو عدنا معهم - جدلا - إلى صفحات سابقة من صفحات حياتهم ... ثم سألنا أحدهم :
هل تتوقع أن تكون في تاريخ 8/8/1429هـ مخففا من لحيتك ؟.
لقال بلسانه ، وبقلبه ، وبجوارحه : لا ... وألف لا ... وأعوذ بالله أن يأتي اليوم الذي ألمس فيه لحيتي !ّ.
أليس كذلك ؟!..
لماذا تغيرت مظاهر بعض الإخوة ؟!!.
مشايخ ، وطلبة علم ، وأئمة مساجد ، ومؤذنون .... وناس كما في اللهجة العامية ( عليهم الشرهة ) بدأو بالتخفيف من لحاهم !!....
لماذا ؟...
وما السبب ؟...
وهل ما يفعلونه صواب ؟.
وهل قيامهم بهذا الأمر فتنة لهم ؟.
عرفتُ ... بعد أن تأملتُ في حال بعض إخواننا .... معنى دعاء الأئمة في رمضان : ( الاستعاذة بالله من الفتن ... وطلب الثبات حتى الممات ... وأن يقبضنا غير مفتونين ) .
عن حذيفة رضي الله عنه قال :
" إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا ، فلينظر : فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما فقد أصابته الفتنة ، و إن كان يرى حراما كان يراه حلالا فقد أصابته " .
هنا
أصلح الله أحوالنا .
الوقفة الثانية /
مما يحزّ في النفس ... ويكدر الخاطر ... أن البعض يتجمل بالتخفيف من اللحية ... وتشذيبها ...
وسبحان الله ... أول من ينتقد الذي يخفف من لحيته هم العامة ... فيقولون : وش فيه فلان ... تغير ... وترك الطوع ...
أما إخوانه ... فيقولون : سبحان الله ... فلان ... انتكس ؟!.
وسبحان الله ... ما أشدها من عبارة ... وما أقساها من كلمة ... ( فلان انتكس ) ....
أعوذ بالله أن يأتي اليوم الذي تقال فيه هذه الكلمة عني وعنك .
التخفيف من اللحية له أسباب ، من أهمها :
ضعف العلم الشرعي :
هذا الأخ أطلق لحيته ... لأن من حوله من إخوانه أطلقوا لحاهم ... !!.
هو لا يدري .... لماذا يجب إطلاق اللحية ...!!.
وهو لا يعرف أدلة وجوب إطلاق اللحية ..!!.
وهو لا يعرف الخلاف في وجوب إطلاق اللحى ... ولا يعرف أدلة الفريقين والراجح منهما ...!!.
هو بصورة أوضح : عامي ... بلحية !!.... فقط .
بدأ بتخفيف لحيته ... لأنه لا يعرف لماذا أطلقها أصلا ..!!.
مع الزمن .... أصبحت اللحية - بالنسبة له - همّا ثقيلا ....!!.
لا يستطيع أن يخرم مرؤته .... بسببها .
يريد أن يذهب إلى بعض الأماكن العامة ... فلا يستطيع بسببها .
يريد أن يسافر إلى بعض البلدان ... فلا يستطيع بسببها .
يريد أن يحضر بعض المواقع التي لا تليق بالملتحي .... فلا يستطيع .
يريد أن يجالس بعض زملائه في العمل أو الاستراحة وفيهما ما لا يليق ... فلا يستطيع .
لحيته .... تمنعه عن كثير من الأماكن ، والمواقع ، والأعمال التي لا تليق شرعا أو عرفا ...( وسيأتي الكلام عن اللحية ... القلعة بإذن الله ) .
لو دخل أو سافر أو خالط أو جالس ... لقال الناس بلسان حالهم ... قبل مقالهم : شف المطوع ... وش جابه ؟!.... ( شكله نصاب ) .
هذه الكلمة .. تحرقُ نفسَه .. وقلبَه ... ( مطوع نصاب ) ...
وما أكثر ما أسمع هذه الكلمة عن بعض إخواننا ممن يتساهل في إرضاء الناس في معصية الله ... فيأتي غضب الناس عليه واحتقارهم له ... بقولهم : ... ( مطوع نصاب ) .
سبحان الله ... فلان يحرص على إرضائكم ، واستجلاب محبتكم ... فتقولون له : نصاب !!... عجيب أمره - والله - .... قبل أمركم .
الشاهد /
أن ضعف العلمي الشرعي - غالبا - ما يكون سببا من أسباب التخفيف من اللحية .
عاش أحدنا عمره على أن حلق اللحية حرام .... تخفيف اللحية حرام ... نص على ذلك علماء أجّلاء من المتقدمين والمتأخرين ....
وقد ثبت لدينا هذا الأمر ثباتا لا يُظن أنه يتزعزع ...
ثم رأيناه .... يتهاوى ... بكل يسر وسهولة .... عند أدنى أدنى شبهة !! ....
هل عرفنا الآن .... أهمية العلم الشرعي ؟؟!!.
ما إن أتى كتاب يرى فيه مؤلفه - الذي لم يسمع به المُخَفِفُ من قبل - حتى بادر إلى المقص ... وشذب .. ورتب ...
سبحان الله ... فلان ... ماذا دهاك ؟؟!!
فيرد عليك - بلسان الواثق الذي وقع على ما لم يقع عليه من قبل - : أما قرأت كتاب الجديع ؟!.
عجيب !! ... يترك الأدلة الصحيحة الصريحة ... ويترك أقوال أهل العلم المعتبرين من المتقدمين والمتأخرين ....
ثم يذهب إلى اتباع قول مؤلف لا يعرفه ... ولم يقرأ كتبه ... بل لم يسمع به من قبل ....!!
أهذا هو الدين الذي أمرنا أن نأخذه من أهل العلم ؟!... ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) .
نعم ... هو لا يقول : أخذتُ من لحيتي ... لأن الإمام فلان ، والعالم فلان ، والشيخ فلان ... نصوا على الجواز ....
هو يقول : الجديع يقول يجوز .... لذلك أخذ من لحيته !!.
أعود للكتاب /
تسأل صاحبنا : وهل قرأت الكتاب ؟.
فإن قال لك : لا ... سمعت فقط ... - وهذا الأغلب - ... فهذه مشكلة ... واتباعُ الهوى فيها ... ظاهرٌ جلي .
وإن قال : نعم ... - وهذا الأقل - ... فتسأله : وهل قرأت ردود أهل العلم عليه ؟.
فإن قرأ ، وميّز ... وكان أهلا للتمييز بين أقوال العلم ، فأمره إلى الله .... وهؤلاء أقل من القليل .
وإن كان غير ذلك ... فليراجع كل امرء منا نفسه ....
ويوم القيامة سيظهر من اتبع الهوى ممن اتبع الدليل ....
فلنُعدّ للسؤال جوابا
الوقفة الثالثة /
محاولة التجمّل بالأخذ من اللحية ....
يأتي الشيطان أحدنا ابتداءً في المباح فيقول له :
لو حلقت شعر الرقبة ... فستشعر بالراحة ... فجرب ... فهو جائز ومباح .
ثم يقول :
لو أزلت شعرات الخدين ... فهي ليست من اللحية ... وسيكون مظهرك جميلا بدونها .
ثم يقول :
لو حففت وخففت العنفقة ... فهي على الراجح ليست من اللحية ... فخففها ... وسيكون مظهرك أجمل .
ثم تجده ... قد حاصر اللحية من فوق ... ومن أسفل ... ومن الخدين !!.
ثم يقول الشيطان له :
الخلاف في اللحية معروف ... فلماذا لا تأخذ مازاد عن القبضة ؟.
وقد تكون لحيته أقل من القبضة ...!!.
فيأخذ من هنا للتجمل ...
ويأخذ من هنا للتزين ...
ويأخذ من هنا للتخفف ...
ويأخذ من هنا على فتوى من يجيز ...
ويأخذ من هنا بسبب خطأ الحلاق !!.... والذي يخطأ - هداه الله - باستمرار .
وهذه شعرات سقطت بسبب الهم والغم .
وهذه شعرات سقطت بسبب مرض جلدي ... ونسأل الله أن يعافيه .
وهذه شعرات سقطت بسبب العبث باللحية .... أثناء التفكير !!.
وقد يكون بعضها حق ... وبعضها غير ذلك ... والمحاسب هو الله تعالى .
أعود فأقول - وأتكلم عن أهل الجزيرة - كوني من أهلها :
ليت الأمر يتوقف عند ... مايفتي به بعض الفضلاء ( لأنه غالبا لا يعرف أقوال العلماء في المسألة ) ...
الأمر - فيما رأت عيني - لا يتوقف عند هذا ...
سُئل أحدهم : لماذا تأخذ من اللحية ؟.
فقال : تتساقط ... وانظر إلى سيارتي لترى الشعرات ... ثم أصبحت الماكينة رقم ( 2 ) و ( 3 ) ... لاتفارقه .
وأحدهم سُئل : لماذا تأخذ من لحيتك ؟.
فقال : أبدا ... أنا لا آخذ ... هذه هي لحيتي ... ثم مع الزمن رأيته قبل أشهر وقد حلقها كلها .
وأحدهم سُئل : لماذا تأخذ من اللحية ؟.
فقال : حلقت الرقبة والخدين فقط ... ثم مع الزمن أصبحت كما تسمى ( سكسوكة ) .
---
وآخر هذه الوقفة /
دعوة لمحاسبة النفس فقط .... وسؤالها ( النفس ) هل الأمر توقف عند التخفيف ... أم جاء ما بعده ؟.
حكاية حال لبعض من يأخذون من لحاهم :
دخل صاحبنا إلى الحلّاق ... فسلّم ... ثم جلس على الكرسي ، وقال :
صديق ... سوي ... تخفيف لحية !! ... بس ما فيه زيادة ... عشان ... هذا حرام !!.... شوي ... شوي .
ثم جلس يصفُ له كيف يخفف لحيته ، فقال :
صديق ... شوف :
شيل الشعر من الخدين ... ، وبعدين شيل الشعر اللي في الرقبة ... وبعدين ... سوي تخفيف بسيط .... شوي من هنا ... وشوي من هنا ... وشوي من هنا ... لكن ما فيه زيادة ... عشان ... هذا حرام !!.
فأخطأ العامل ... هداه الله ...
ولسان الحال : الحمد لله أنه أخطأ ... وكما يقال جت منك يا حلاق ...
ولسان المقال : غضبٌ ، وزمجرة ... وكلام لا ينبغي قوله !! ... لكن قاله للحلاق ... لزوم المشهد !!.
قابله صاحبه :
فلان ... الله يهديك ... وين اللحية ؟؟!!.
فيجيب مباشرة :
الحلاق ... الله يهديه ... أخطأ فأخذ من شعر اللحية ... بس ... والله تكلمت عليه .... وخليته ما يسوى ( كما قلت : لزوم المشهد !! ).
----
هذا مشهد ... يتكرر في بدايات الإقدام على تخفيف اللحية ... إلى أن يصبح الأمر - بالنسبة له - أمرا عاديا ، طبيعيا ، مألوفا ، لا نكارة فيه !!...
فيكون في البداية ... تخفيف مقص ...( اللي أخطأ فيه الحلاق !!) .
ثم يكون ماكينة رقم ( 4 )... ثم رقم ( 3 ) .... ثم رقم ( 2 ) ...
ثم خلاص ... تعود الناس على الوجه ... بدون شعر ...
فلا مانع من مواجهتهم بالحقيقة ... وإكمال الحلقة الأخيرة من مسلسل الهزيمة .... !!!.
هذه بدايات الأخذ من اللحية وتخفيفها ...
----
ذكرني هذا المشهد بقصة طريفة ... لا مانع من إدراجها في هذا المشهد المحزن ، والمؤسف :
أحد الأفاضل ... بدأ بتخفيف شاربه بنفسه ... فأخذ من اليمين قليلا ... ومن الشمال قليلا ...
ثم قال :
لا .... اليمين أكثر ... فلعلي آخذ منه قليلا ... فنظر وإذا شاربه لم يتوازن ... فأخذ من الشمال ... ثم اليمين ... ثم الشمال ... حتى أصبح شاربه ... مثل شارب أو شنب ( هتلر ) ... فكنا إذا رأينا شارب هتلر ... قلنا مازحين : ( هتلر يقلد صاحبنا :) .
---
أخيرا /
سبحان الله ... لو ما يأتي من جمال الرجل بتركه لحيته على ما هي عليه ... إلا جمال اتباع السنة .... لكفى .
قد يكون من أبرز أسباب الأخذ من اللحية - مع اعتبار ما مضى في المقدمة - :
1- فتنة المال ... (المساهمات العقارية ، الأسهم ، التجارة ، غيرها ) .
2- فتنة الشهرة ... ( الظهور في القنوات ، الكتابة في الصحف ، ونحوها ).
3- فتنة النساء ... ( وهذه نتيجة المال أو الشهرة أو غيرهما ).
م ن ق و ل
^^الهاشميه^^ @alhashmyh_13
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة