** اللهم أحسن خاتمتنا **

أنه يمشي للأمام ، ينظر للخلف ..



يكثر الالفتات .ويعاجل النظرات ..



يغلق الأبواب ، ويحكم النوافذ ، ويرخي الستور ، ويرهف الحس ، ويصغي السمع ، ويسد الثغرات !



قلبه يخفق في عجل ..



وأطرافه ترتعش ارتعاشة الخائف الوجل ..



التفت إلى اليمين .. أعقبها بنظرة خاطفة للشمال ..



أرسل طرفه للأمام .. استدار للوراء ..



االعجيب .. أنه لم ينظر إلى السماء !



أخذت تسكن أنفاسه اللاهثة ، وتهدأ أعصابه الخائفة ..



تنفس الصعداء ..



أخذ يحادث نفسه في صمت: لاأحد !



لم يرني أحد !



الآن يمكنني أن أباشر ماأريد بعيداً عن أعين الرقباء !

يصرخ فيه إيمانه (أنه واعظ الإيمان في قلب كل عبد مسلم ) : ماذا تفعل أيها العبد العاصي ؟!

أتبارز ربك بالذنوب ؟!

أتحارب مولاك بالسيئات ؟!

أتتبغض إلى خالقك بالموبقات ؟!

يجيب في حسرة :

إنها نفسي الضعيفة ! وشيطاني المريد !

ولماذا تكثر الالتفات وتنظر من طرف خفي ؟!

ـ حتى لايراني أحد ، فينكشف وزري بين الخلائق ، ويفتضح خبري عند الناس ، وتنكشف سوءتي بين الملأ ..

إنني أخشى الفضيحة الفظيعة !!

يهتف فيه أيمانه : وأين أنت عن يوم الفضائح ؟!

يوم ينكشف ستر الله عنك في يوم العرض الأكبر على الله تعالى : (يومئذ تعرضون لاتخفى منكم خافية ) .

فتفضح بين الخلائق أجمعين ؛ المستقدمين والمستأخرين !

ليعلم الناس أي ذنب كنت ترتكب ؟ وأي جرم كنت تصنع ؟

وأي وزر كنت تقارف؟!

فإذا أعلنت أمراً حسناً فليكن أحسـ، منه ما تسر
فمسر الخير موسوم به ومسر الشر موسـوم بشر

هكذا أيها الأحبة ..

ينبغي أن يحاسب العبد نفسه ، ويراقب قلبه ، ويعاقب همة السوء فيه ..

يتذكر فضيحة القيامة .. يوم يجتمع الخلق كلهم على صعيد واحد ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر فينكشف الغطاء عنهم ، وتظهر الحقيقة لهم ، ويبدو ما توارى في الدنيا عن الأنظار ، واستتر عن الأبصار ..

يوم يمضي العبد وقد عاقبه الله تعالى بجنس عمله ، والخلائق ترقبه ، والملائكة ترمقه ، وأهل الموقف ينظرون إليه ، فالجزاء من جنس العمل !

ولايهلك على الله إلى هالك !

والمرء يبعث يوم القيامة على مامات عليه في الدنيا ..

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله يقول : (يبعث كل عبد على مامات عليه ) .

فيا لهف نفسي ! أي فضيحة تنتظر من مات على معصية الله تعالى ، يوم ينشر ويحشر على هيئته التي قبض فيها وصورته التي مات عليها ؟!

فيالها من فضيحة قبيحة ! يوم ينكشف الستر المسدول ، وينحسر الغطاء المسبول ، فإذا بالخلائق تشاهد الشنائع ، وتبصر مساوئ الصنائع ..

فاللهم سترك الجميل ! وحمايتك من المرد المخزي الوبيل !

أسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة ، وأن يتفضل علينا كما ستر ذنوبنا أن يغفرها لنا ، وأن لايعاقبنا بها إن ربنا حيي ستير ، وعلى كل شيء قدير ، نعم المولى ونعم النصير .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

منقول من موقع الحصن