إن نسيت فلن أنسى
( 12)
الوالدة أم سليمان ( جدتنا لأمنا ) – رحم الله الجميع – تحكي موقفا من مواقف بر الوالدة أم صالح بها فتقول :
كانت أم صالح – رحمها الله – حنونة كريمة جوادة .. قوية في عزمها جريئة في قرارها ... وكانت عظيمة البر بي ... أحكي لك موقفا واحدا من برها بي ..
كانت أم صالح - رحمها الله – في بيتي فترة نفاسها بوليدها الثاني .. ( وكانت في ذلك الوقت لاتزال صغيرة السن )
دخل والدك - رحمه الله – ليزور أمك في بيتي ويطمئن على صحتها في أوائل نفاسها وصحة المولود الصغير ..
تكمل جدتي حديثها : غادرتُ أنا الغرفة لبعض شأني .. وظل أبوك بعض الوقت ثم غادر بيتنا دون أن ألحظ ذلك ...
في تلك الأثناء أتت امرأة لها علي دين .. وقد حل موعد سداد الدين .. ولم أكن أملك شيئا لأعطيها .. فرجوتها واستعطفتها أن تؤجله بعض الوقت .. لكنها أصرت على أخذ حقها ..
ثم رجوتها رجاءا آخر .. أن تخفض صوتها لئلا تسمع ابنتي النفساء فيتكدر خاطرها .. !! ( وكانوا يحسبون لخاطر النفساء حسابا وشأنا )
بعد قيل وقال .. وكلام وسجال انصرفت الدائنة – جزاها الله خيرا – على وعد مني أن أتدبر سداد الدين .. !! دارت بي الدنيا .. ورحت أقلب أفكاري : كيف لي أن أفي بوعدي وأسد ديني ..
عدت حيث ابنتي النفساء ووليدها والهم أطفأ لون وجهي ..
فإذ بها تفاجئني : .. من بالباب يا أمي ؟
حاولت أن أصرف انتباهها عن الموضوع ..
لكن أمك - رحمها الله – أصرت : لقد كنت أسمع صوتا عاليا .. فمن كان بالباب ؟
أيضا جهدت في مشاغلتها ..
لكن إلحاحها الشديد ، وحرصها على معرفة الأمر وعزمها القوي .. كل ذلك .. مع عجزي الذي أوهنني وهمي بالدين الذي أكربني ... كل تلك الضغوط جعلتني أبوح لابنتي التي جهدت أن أنأى بها – خاصة في نفاسها – عن الهم والضيق .. وهكذا .. هزمت في هذا الموقف وتكشف سري على لساني ..
أتدرين يا ابنتي ماذا حصل حين علمت أمك بالخبر ؟؟
قالت أمك : إذن أنت مدينة !! والدائن يطرق بابك !!!
... أكملت جدتي أم سليمان : طأطأت رأسي .. ولم يرعني إلا أن مدت أمك يمناها بلفافة وقلت : خذي هذا يا أمي سدي به بعض دينك ...
قلت لها : ما هذا يا نورة ؟!
قالت : هذا أعطانيه أبو العيال الآن في زيارته لي لأتدبر به أمر نفاسي* ..
قلت لها : يا بنيتي هذا لك والنفساء لها غذاؤها الخاص واحتياجاتها الخاصة ..
قالت لي جدتي : لكن أمك - رحمها الله رحمات واسعة – أصرت بعزمها القوي .. قائلة : تحرم علي يا أمي لقمة منه إن لم أوف بها دينك !! و والله لا أسترجع منها شيئا إلا ما فاض منها بعد سداد دينك !!
قالت جدتي أم سليمان - رحمها الله – : أخذت اللفافة على استحياء ، وألزمتني الحاجة ، وثقل الدين أوهن مقاومتي .. وعزم أمك غلبني !!!
قالت جدتي أم سليمان - رحمها الله – : فتخت اللفافة .. فإذ بها أربعون ( روبية ) هي كل ما علي من دين !!
أسرعت بها لدائنتي .. سددت بها ديني ... ودعوتي التي لازمتني منذ ذلك اليوم " رب فك رقبة بنيتي كما فكت عني ديني ...
رب اعتق رقبتة ابنتي من النار كما أعتقتني من ذل وهم الدين ... اللهم آمين "
__________
*
كان الرجل سابقا يعطي زوجته قدرا من المال حال إقامتها في بيت أهلها فترة النفاس لشظف العيش في ذاك الزمان حتى لا تثقل على أهلها- بظنه -
هذا الموضوع مما اقتبسته من كتابات طيبة اليحيى:26:

أم باسمة @am_basm_4
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

قمـرهم
•
الله يعيينا على برهم يارب ويحفظ لي والديني وكل مسلم ويرحم موتانا وموتي المسلمين ..


الصفحة الأخيرة