سعيد بن جبير
وهربه لمدة 12 سنة من الحجاج بن يوسف الثقفي
أن انتصر فاسق بني ثقيف (المُبير) الحجاج بن يوسف الثقفي على ابن الأشعث أراد الانتقام من كل مَنْ ساند ابن الأشعث على الخروج عليه وهو الظالم الباطش الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (لو جاءت كلُّ أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لرجحنا)، وقال عنه الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء: (الحجاج أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً وكان ظلوماً جباراً ناصبياً خبيثاً سافكاً للدماء وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله فنسبه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله وله توحيد في الجملة ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء).
أما سعيد بن جبير رحمه الله فقال عنه الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء : (سعيد بن جبير بن هشام الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد أبو محمد ويقال أبو عبد الله الأسدي الوالبي مولاهم الكوفي أحد الأعلام).
وقال عنه ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: (سعيد بن جبير الأسدي الوالي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله الكوفي المكي من أكابر أصحاب ابن عباس كان من أئمة الإسلام في التفسير والفقه وأنواع العلوم وكثرة العمل الصالح رحمه الله وقد رأى خلقا من الصحابة وروى عن جماعة منهم وعنه خلق من التابعين.
يقول الذهبي رحمه الله في السير: (طال اختفاؤه فإن قيام القراء (أي العلماء) على الحجاج كان في سنة اثنتين وثمانين وما ظفروا بسعيد إلى سنة خمس وتسعين السنة التي قلع الله فيها الحجاج).
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: (مقتل سعيد بن جبير رحمه الله قال ابن جرير: وفي هذه السنة (أي سنة 95هـ) قَتلَ الحجاجُ بن يوسف سعيدَ بنَ جبير وكان سبب ذلك أن الحجاج كان قد جعله على نفقات الجند حين بعثه مع ابن الأشعث إلى قتال رتبيل ملك الترك فلما خلعه ابن الأشعث خلعه معه سعيد بن جبير فلما ظفر الحجاج بابن الأشعث وأصحابه هرب سعيد بن جبير إلى أصبهان فكتب الحجاج إلى نائبها أن يبعثه إليه فلما سمع بذلك سعيد هرب منها ثم كان يعتمر في كل سنة ويحج ثم إنه لجأ إلى مكة فأقام بها إلى أن وليها خالد بن عبد الله القسري فأشار من أشار على سعيد بالهرب منها فقال سعيد والله لقد استحييت من الله مما أفر ولا مفر من قدره وتولى على المدينة عثمان بن حيان بدل عمر بن عبد العزيز فجعل يبعث من بالمدينة من أصحاب ابن الأشعث من العراق إلى الحجاج في القيود فتعلم منه خالد بن الوليد القسري فعين من عنده من مكة سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبر وعمرو بن دينار وطلق ابن حبيب ويقال إن الحجاج أرسل إلى الوليد يخبره أن بمكة أقواماً من أهل الشقاق فبعث خالد بهؤلاء إليه ثم عفا عن عطاء وعمرو بن دينار لأنهما من أهل مكة وبعث بأولئك الثلاثة فأما طلق فمات في الطريق قبل أن يصل وأما مجاهد فحُبس فما زال في السجن حتى مات الحجاجُ وأما سعيد ابن جبير فلما أوقف بين يدي الحجاج...وذكر القصة)
وأنقل هنا حوار سعيد بن جبير ولكن من كتاب وفيّات الأعيان لابن خلكان رحمه الله يقول:
قال الحجاج: ما اسمك؟، سعيد: سعيد بن جبير.
الحجاج: بل أنت شقي بن كسير، سعيد: بل كانت أمي أعلم باسمي منك.
الحجاج: شقَيت أمك وشقيت أنت.، سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
الحجاج: لا بد لك بالدنيا نارا تلظى.، سعيد: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها.
الحجاج: ما قولك في محمد؟.، سعيد: نبي الرحمة وإمام الهدى.
الحجاج: ما قولك في علي, أهو في الجنة أم هو في النار؟. سعيد: لو دخلتها وعرفت من فيها, عرفت أهلها.
الحجاج: ما قولك في الخلفاء؟.، سعيد: لست عليهم بوكيل.
الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟. سعيد: أرضاهم لخالقي.
الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟ سعيد: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم.
الحجاج: أحب أن تصدُقَني.، سعيد: إن لم أحبك لن أكذبك.
الحجاج: فما بالك لم تضحك؟.، سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين, والطين تأكله النار!!.
الحجاج: فما بالنا نضحك؟.، سعيد: لم تستو القلوب.
ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والزبرجد والياقوت, فجمعه بين يديه، قال سعيد: إن كنت جمعت هذا لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت, ولا خير في شيء من الدنيا إلا ما طاب وزكا.
ثم دعا الحجاج بالعود والناي, فلما ضرب بالعود ونفخ بالناي بكى سعيد.
فقال: ما يبكيك؟ أهو اللعب؟.، قال سعيد: هو الحزن, أما النفخ فذكرني يوماً عظيماً يوم ينفخ في الصور, وأما العود فشجرة قطعت من غير حق!! وأما الأوتار فمن الشاة تبعث يوم القيامة!!.
قال الحجاج: ويلك يا سعيد.، فقال سعيد : لا ويل لمن زحزح عن النار وأدخل الجنة.
قال الحجاج: اختر يا سعيد أي قتلة أقتلك؟.، فقال: اختر أنت لنفسك فوالله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة.
قال: أتريد أن أعفو عنك؟. فقال سعيد : إن كان العفو فمن الله, وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه, فلما خرج ضحك فأخبر الحجاج بذلك فردوه إليه.
وقال: ما أضحكك؟.، فقال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك.
فأمر بالنطع فبسط، وقال: اقتلوه، فقال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.
قال الحجاج: وجهوا به لغير القبلة.، قال سعيد: فأينما تولوا فثمّ وجه الله.
قال الحجاج: كبوه على وجهه.، قال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج: اذبحوه.، قال سعيد: أما أنا فأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله, خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة, اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي).
***************************
منقووووووووول]
قرة العينين @kr_alaaynyn
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة