إِنَّــــنـــي لـــــــَكَ أَضـــــــــــــــرَعُ وَإِلــــــــى بابِــــــــكَ أَلـــــــجـــــــَأُ
وَهــــــوَ لِـــكــــــــُلّ مَـــــفـــــــزَعُ أَحـــيِـــنـــي لَــــكَ مُــــســلِـــــمــــاً
مِــنــــكَ أَخشـــــــى وَأَخـــــضــــَعُ

ورد هذا الاسم العظيم «الإله» في مواضع كثيرة في القرآن والسنة مطلقًا ومقيدًا، ففي القرآن قوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ" . ، وقوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ" . ، وقوله: "قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" . ، وقوله: "إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ" . ، وقوله:"وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ" . ، وقوله: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ" . .
وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ لِى غَيْرُكَ" (1).
وبوب البخاري باب مَا يُذْكَرُ فِى الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِى اللَّهِ وَقَالَ خُبَيْبٌ وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ . فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالَى ، وهو ينبه على قصة خبيب المشهورة، وأبياته التي قال فيها:
وَلَســـْتُ أُبــَالِى حِـــينَ أُقــْتَلُ مُسْلِماً
عَلَـى أَىِّ شــِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَــصــْرَعِى وَذَلِــــكَ فِــى ذَاتِ الإِلَــهِ وَإِنْ يَـــشَأْ
يُبَــارِكْ عَلَــى أَوْصــَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
وقد دعا يونس عليه السلام ربه بهذا الاسم العظيم دعاء مسألة في قوله سبحانه: "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ". فذكر اسم الإله في دعائه وتضرعه لخالقه.
وفي الترمذي عَنْ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْوَةُ ذِى النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِى بَطْنِ الْحُوتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِى شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ" .
وعند البخاري من حديث شَدَّاد بْن أَوْسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم "سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى، اغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ".
ومن دعاء الله بهذا الاسم مقيدًا ما رواه ابن ماجه عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ". فَدَخَلَ عَلَى ابْنٍ لِعَمَّارٍ فَقَالَ: "اكْشِفِ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ إِلَهَ النَّاسْ" .
وفي صحيح مسلم عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ . أَنْتَ رَبِّى وَأَنَا عَبْدُكَ" .
أنــا يــا إِلهـــي عـــندَ بابكَ واقِــــفٌ
لا أَبـتَـــغــي عنــهُ الزَمــانَ عُـــدولا عَــظَّمــتُ آمــالي وَصـَغَّرتُ الوَرى
مـــَن ذا لَــها إن لَـــم تَكُ الــمَأمــولا إنّــي لِيُعجـــِبني وُقـــوفــي ســـائِلاً
إن كــنـتَ أنــتَ الـسَيِّدَ المَـــســـئولا
فالإله سبحانه هو جامع نعوت الكمال والجلال ؛ فدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى ولذا كان المختار من القول أن الله أصله الإله، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى.
فهو سبحانه إلهنا وربنا وملكنا لا مفزع لنا في الشدائد سواه ولا ملجأ لنا منه إلا إليه، ولا معبود لنا غيره، فلا ندعو ولا نخاف ولا نحب ولا نخضع إلا له سبحانه، فهو الإله الحق إله الناس , لا إله لهم سواه فمن كان ربهم وملكهم وإلههم فهم جديرون أن لا يستعينوا بغيره ولا يستنصروا بسواه ولا يلجئوا إلى غير حماه, فهو كافيهم وحسبهم, وناصرهم ووليهم ومتولي أمورهم جميعًا بربوبيته وملكه وإلهيته لهم, فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل إلى ربه ومالكه وإلهه!!
إِلهَ الخَـــــلــقِ يــا رَبـــاهُ يـــا مــَن
إِلَيـــهِ مُشــتَــكى بِثــــي وَحـــُزنـــي وَيــا ذا الفــَضـــلِ يا جــــَم الأَيـادي
وَمـــِن إِحســــــانِهِ لِـــلعَـــبدِ يُغنـــي وَمِــن نُعــــمــاهُ لا تُحـــصــى بِعـــَدٍّ
وَمــِن جـــَدواهُ فـــي أُنــسٍ وَحُــسنِ إِلهــي ســـَيِّدي مـــَولايَ حــــُلمـــــاً
فَــمــا لــي غَـــيرُ حُلمِــكَ مِن مُـجَنِّ أَتَـــيتـُــكَ هــارِبــاً مِن عِبءِ وِزري
وَتَقـــصــيري وَمــا قَد كُنــتُ أَجــني أَضــَعــتُ العـــُمــرَ فـــي قـيلٍ وَقالِ
وَأَرخـيــتُ الـــعَــــنانَ بِكـــــُلِّ فَـــنِّ إِذا استــــذكـــرت يَوماً ســوءَ فِعـلي
عَضـــَضت أَنامـــِلي وَقَرَعــتُ سِنّي ومــــالـــي حيـــلـــة إلا اطـــراحي
ببــابك يـــا كــريم وأنــت ركنــــــي
(1) صحيح البخاري (7385)، وصحيح مسلم (769).
د سلمان العودة
وجعله في موازين حسناتك