الله المتكبر

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

عرفنا الله تبارك وتعالى أنه المتكبر في قوله <( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) >

والمتكبر العظيم ذو الكبرياء المتعالي عن صفات خلقه،المتكبر على عتاتهم ، والكبرياء العظمة والملك ،وقيل :هي عبارة عن كمال الذات ،وكمال الوجود،ولا يوصف بها إلا الله .

وقال أبو سليمان الخطابي ( المتكبر :المتعالي عن صفات الخلق ،ويقال :هو الذي يتكبر على عتاه خلقه إذا نازعوه العظمة ،فيقصمهم ،التاء في المتكبر تاء التفرد ،والتخصص بالكبر ،لا تاء التعاطي والتكليف) .

ويفقه مما سبق ان اسم الله (المتكبر )يعني ما يأتي :
أولا: الله سبحانه وتعالى هو الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله ،لذا فإنه يستحق وحده الاتصاف بصفة الكبر والعظمة ،ولذلك كان واحداً لا شريك له ،ولا مثيل، ولا نظير قال تعالى <( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً )> .
ومن اجل ذلك استحق سبحانه الكبرياء وهي العظمة في السموات والأرض وليس لأحد أن يتصف بهذه الصفه وقال تعالى <( وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)> .

ثانياً: صفاته تعالى لا تشبه صفات خلقه ,إذ هي صفات كمال وجلال ولا بد أن يتصف خلقه بصفات نقص مهما عظمت صفاتهم ، ولذا فإن الله يتكبر ويتعالى ويتقدس سبحانه عن الاتصاف بالعجز والقصور والنقص التي اتصف بها الخلق كالجهل والعجز والضعف والنوم والفقر والتعب ونحوها من الصفات التي يتصف العباد بها ،ومن هنا وجب على العبد أن يستحضر دائماً وأبداً أن صفات الله التي وصف الله نفسه بها صفات كمال ،ولا يقذر عقله وقلبه بأن صفاته توهم التشبيه فيبادر إلى نفيها،ليخلص من قذر التشبيه، بل عليه أن ينفي التشبيه بمجرد ذكر صفاته ،ويعتقد أن صفاته تناسب كماله وجلاله ،فكما انه سبحانه كامل في ذاته ووجوده،فكذلك هو كامل في صفاته سبحانه.

ثالثا: لا يجوز لغير الله أن يكون متكبراً لأن الله وحده هو الذي يصح أن يتصف بصفة الكبر ويتسمى باسم المتكبر فلا يجوز لغيره من المخلوقات الاتصاف بهذه الصفة ولا التسمي بهذا الاسم لأمور :
1_ نهي الله عباده عن ذلك ،ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل : ( الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري من نازعني واحداً منهما أدخلته النار ) .
وقد أعلمنا الله في كتابه أن مثوى المتكبرين النار فقال تعالى <( ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) .
وبئس المثوى مثواهم وبئس المصير مصيرهم فقال تعالى <( قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِين) > .

2_ هذه الأسماء مختصة به دون غيره كما دل على ذلك الحديث السابق ،وكما دل عليه قوله تبارك وتعالى <( وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)> .
ووجه اختصاصه بهذه الصفات أنه وحده مالك الملك الذي له ملك السموات والأرض وما فيهما ،وما بينهما وهو وحده الذي له الخلق والأمر ولا راد لقضائه ولا مبطل لحكمه وقضائه أما العباد فهم مربوبون مقهرون وملكهم عرض زائل وعارية مسترجعة.

3_ دل على أنها صفات ذم تنزيه الله عباده الصالحين عن الاتصاف بالكبر والجبروت فمن ذلك تنزيهه نبيه يحي وعيسى عليهما السلام عن الاتصاف بصفة الجبروت فقال في يحي عليه السلام <( وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً )> وقال في عيسى عليه السلام <( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) > .
وذم الله أقواما قال تعالى <( وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ )> ، و حكم الله على الجبارين بالخيبة والخسران .

4_ الكبر والجبروت والقهر تفسد نفوس العباد وتدسيها ،فيزول عن هؤلاء الصلاح والعدل والخير والمعروف ’ولذلك فإن الله يطبع على قلوب الجبارين فيغشيها الران قال تعالى <( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)> .
وأما الله فإنه مع جبروته وكبريائه وقهره متصف بالرحمة والعدل والعفو والغفران .

وقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى بآثار الكبر الذي اتصف به أراذل الخلق فقد صدهم الكبر عن اتباع الحق والإيمان برب العالمين <( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )> .

تمجيد الرسول صلى الله عليه وسلم ربه بكبريائه :
صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمجد ربه في ركوعه في الصلاة قائلاً : (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة )
0
529

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️