الله يغار ان تعلقتي بشيء غيره

الأسرة والمجتمع

ما الفرق بين غيرة الله عز وجل وبين غيرة المؤمن ، الله سبحانه وتعالى يغار على عبده أن يعصيه ، لذلك مما يدل على غيرة الله عز وجل أن العبد إذا عصاه ساق له من الشدائد ما يجعله يعود إليه راشداً غانماً .
الله سبحانه وتعالى يغار أيضاً أن يرى عبده يعتمد على مخلوق مثله ، من علامة غيرة الله عز وجل أن هذا المخلوق الذي اعتمد العبد عليه يخذله ، هذه علامة ثانية . إذا اعتمدت على عبد من عباد الله ، وعلقت عليه الآمال يغار الله عز وجل ، إذا تذللت أمام فلان وفلان عبد مثلك لا يملك شيئاً ، لا يقدم ولا يؤخر ، يغار الله عز وجل ، فيجعل الإساءة عن طريق هذا الذي اعتمدت عليه ، إذا التفت إلى ما سواه يغار الله عز وجل ، حتى أن بعضهم يفسر أن سيدنا إبراهيم عليه أتمّ الصلاة والتسليم حينما التفت إلى ابنه إسماعيل وهو نبي كريم غار الله عز وجل ، فأمره أن يذبح ابنه . لما يركن المؤمن لشيء مما سوى الله عز وجل ، إذا ركن المؤمن لزوجته ، وظن فيها سعادته لابد من أن تسيء هذه الزوجة ، لأن الله يغار خلقتك من أجلي ، لم أخلقك من أجلها .
إذا تعلق الإنسان بأي جهة من الجهات ، ورأى فيها خلاصه فإن الله يغار ، هذه غيرة الله ، من غيرة الله عز وجل أن العبد إذا بقي شارداً عن الله ، ملتفتاً إلى الدنيا بعث إليه شيئاً يذكره بالله ، حتى يسمع صوت عبده .
أي إذا إنسان زوج ابنه ، كان يأتي إليه كل يوم مرة ، بعدما زوجه لم يعد يأتيه بالشهر مرةً ، يتألم الأب ، أنسيتنا ؟ . .
الأب زوج ابنه ، النفقات على الأب ، هو اختار له إياها ، لما رآها نسي الأب . الأب يغار ، والله سبحانه وتعالى إذا رأى عبداً مؤمناً ، في الشدة ملتفت إليه ، فلما آتاه الدنيا نسيه ، يغار ، يسلبها منه . إذا أحب الإنسان ألا يسلبه الله النعم فلا يتعلق بها ، إذا تعلق بها سلبها الله منه ، هذه غيرة الله عز وجل ، أما غيرة المؤمن :
(( وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حُرم عليه ))

وروي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ما أحد أغير من الله ، ومن غيرته حرم الفواحش ))

لأن الله يغار حرم الفواحش ، أي أن يتعلق إنسان بغير زوجته الله يغار ، وهذا محرم ، زوج يميل إلى غير زوجته ، زوجة تميل إلى غير زوجها ، يصير استلطاف ، إن الله يغار ، هذا لم يسمح الله به عز وجل ، سمح لك بالزوجة ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ﴾

(( ما أحد أغير من الله ، ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وما أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل ، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه ، وما أحد أحب إليه العذر من الله عز وجل ومن أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ))
للشيخ ابو راتب النابلسي










161451: هل يوصف الله عز وجل بالغيْرة ؟ وهل يقال " يغار الله على أنبيائه وأوليائه " ؟السؤال: هناك قصيدة نظمها أحد الشعراء في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ورد فيها: قد غار ربي في حليلة أحمد .. وأنا على عرض النبي أغار فهل يجوز مثل هذا الكلام في حق الله عز وجل ؟ وكذلك هناك بعض القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أحس أنها لا تليق ، مثلاً : " طيفك يداعب خيالي " وهي أنشودة منتشرة في الأسواق ، فهل يجوز مثل هذا ؟ . وبارك الله فيكم .
تم النشر بتاريخ: 2011-02-17
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
منهج أهل السنَّة والجماعة في باب صفات الله تعالى قائم على أمور ، من أهمها :
1. أنها صفات توقيفية لا يجوز لأحد أن يُثبتها من غير الكتاب والسنَّة ، فلا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
2. أن لها من المعاني ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ، فتُعلم معانيها ويُجهل كيفياتها .
3. أنه يؤمن بمعانيها من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل .
وانظر جوابي السؤالين ( 72318 ) و ( 39803 ) .

ثانياً:
ثبتت صفة " الغيْرة " لله تعالى في صحيح السنّة ، ومما جاء في ذلك :
1. عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) رواه البخاري ( 4925 ) ومسلم ( 2761 ) .
2. عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) .
رواه البخاري ( 6980 ) ومسلم ( 1499 ) وعنده زيادة بلفظ ( وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ ) .
3. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيراً ) .
رواه البخاري ( 1044 ) ومسلم ( 901 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ? رحمه الله - :
" وغيْرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه ، وغيْرته أن يزني عبدُه أو تزني أمَتُه ... .
الغيْرة التي وصف الله بها نفسه : إمَّا خاصة وهو أن يأتي المؤمن ما حرَّم عليه ، وإما عامة وهي غيرته من الفواحش ما ظهر منها وما بطن" . انتهى من " الاستقامة " ( 2 / 9 ? 11 ).
وقال ابن القيم ? رحمه الله - : " الغيرة تتضمن البغض والكراهة ، فأخبر أنه لا أحدَ أغير منه ، وأن من غيْرته حرَّم الفواحش ، ولا أحد أحب إليه المِدْحة منه ، والغيْرة عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية ، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية ؛ فيستحيل وصفه عندهم بذلك ، ومعلوم أن هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً ، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً ؛ فإن الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشة وتركها : مذموم غاية الذم مستحق للذم القبيح " انتهى من " الصواعق المرسلة " ( 4 / 1497 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز ? رحمه الله - :
" المحال عليه سبحانه وتعالى وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق ، وأما الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى فلا يستحيل وصفه بها ، كما دل عليه هذا الحديث وما جاء في معناه ، فهو سبحانه يوصف بالغيْرة عند أهل السنَّة على وجه لا يماثل فيه المخلوقين ، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا هو سبحانه ، كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب وغير ذلك من صفاته سبحانه ، والله أعلم " . انتهى من تعليق الشيخ ابن باز على " فتح الباري " لابن حجر ( 2 / 531 ) .
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان ? حفظه الله ? في التعليق على حديث ( وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ) - : " ومعناه : أن الله يغار إذا انتهكت محارمه ، وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله ؛ لأن انتهاك المحارم فعل العبد ، ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره .
وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها ، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق ، بل هي صفة تليق بعظمته ، مثل الغضب ، والرضا ، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها ، وقد تقرر أنه تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ، فكذلك في صفاته ، وأفعاله " . انتهى من " شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري " ( 1 / 287 ) .

ثالثاً:
إذا عُلم معنى الصفة العظيمة المتصف بها ربنا تعالى وهي الغيرة : يتبين أن استعمالها فيما سأل عنه الأخ السائل صحيح ، وفي سياق حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه فإن الغيرة " تتضمن الغضب لانتهاك الحرمة ، والله سبحانه يبغض ما حرم ، ويغضب إذا انتهكت حرماته " ? كما جاء في " تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري " رقم ( 55 ) - ، ومما لا شك فيه أن التعرض للنبي صلى الله عليه وسلم في عرضه بالطعن بقذف زوجته الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها ، هو من أعظم الذنوب التي يغار الله تعالى لأجلها ، والله تعالى يغار على رسله الكرام عليهم السلام ولذا لم يتعرض لهم أحد إلا خُذل وقُصم ، ويغار على أوليائه وأصفيائه ولذا فإنه تعالى قال ( مَن عَادى لي وَلِيّاً فَقَد آذَنْتُه بِالحَرْب ) ، ويغار الله تعالى على شرعه وعلى محارمه أن تُنتهك ولذا فإنه تعالى توعد العصاة بالعذاب وتعجل عقوبة بعضهم في الدنيا ليكونوا عبرة لغيرهم ، وكل ذلك من الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى .
وقول الشاعر " غار فيها " هو بمعنى " غار لها " ، وحروف الجر تتناوب عند طائفة من أئمة العربية ، وقد استعمل مثلها أئمة الإسلام من أهل السنَّة .
قال الإمام ابن كثير ? رحمه الله - :
" ولما تكلم فيها أهل الافك بالزور والبهتان غار الله لها فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تتلى على تعاقب الزمان " انتهى من " البداية والنهاية " ( 8 / 99 ) ، وينظر : ( 3 / 334 ) .
وأما بخصوص جملة " طيفك يداعب خيالي " المقولة في حق النبي صلى الله عليه وسلم فلم نر فيها ما يُنكر ، وإن كان غيرها أحسن منها ، والبعد عنها أولى ، لئلا يختلط الأمر بكلام العشاق وأشباههم ، فهي أشبه بذلك ، وأقرب إليه .
وانظر في أقسام مدح الرسول صلى الله عليه وسلم جواب السؤال رقم ( 112152 ) .

والله أعلم
33
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زوزو نبيل123
زوزو نبيل123
، حتى أن بعضهم يفسر أن سيدنا إبراهيم عليه أتمّ الصلاة والتسليم حينما التفت إلى ابنه إسماعيل وهو نبي كريم غار الله عز وجل ، فأمره أن يذبح ابنه . لما يركن المؤمن لشيء مما سوى الله عز وجل

مش عارفة حاسة انه هالكلام محتاج مراجعة

على العموم جزاك الله خير
عزوف_
عزوف_
، حتى أن بعضهم يفسر أن سيدنا إبراهيم عليه أتمّ الصلاة والتسليم حينما التفت إلى ابنه إسماعيل وهو نبي كريم غار الله عز وجل ، فأمره أن يذبح ابنه . لما يركن المؤمن لشيء مما سوى الله عز وجل مش عارفة حاسة انه هالكلام محتاج مراجعة على العموم جزاك الله خير
، حتى أن بعضهم يفسر أن سيدنا إبراهيم عليه أتمّ الصلاة والتسليم حينما التفت إلى ابنه إسماعيل وهو...
http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=3700
ارجعي هنا لكلام العلامة ابو راتب النابلسي
وجزاك الله خير
زوزو نبيل123
زوزو نبيل123
جزاك الله خير اللهم لاتعلق قلوبنا بغيرك
عزوف_
عزوف_
وهذا قول الشيخ بن باز نقله الشيخ المنجد
https://islamqa.info/ar/161451
عزوف_
عزوف_
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
اللهم آمين