حدثتني أمي عن جدتي عن أمها يوما أن طفلا فقيرا أراد أن يأكل حبة " لوبة " فمنعته بنت في عمره لتأكلها مقابل اعطائه دجاجة تبيض
بيض من ذهب , و تتابع أحداث القصة ليتحول الطفل الفقير إلى غني بين ليلة وضحاها . القصة جميلة جدا لطفل في مقتبل عمره تحفّز
فيه جانب الأمل وأن الحظ في الحياة سيأتي يوما ما ليحوّل كل فقير غنيا ولو بماكينة خياطة من نوع سنجر , وجاء اليوم الموعود ودبَّ
الله الحياة في الأسد والفراشة وحتى الخروف الذي إعتقدت جازما بأن الله قد أماتهم قبل مائة عام , فقطعة من الخردة عفى عليها الدهر
صُنعت في أوائل القرن الماضي جاء زمن " الهشّك بشّك " إقتصاديا وإجتماعيا ومن جميعه ليعيدهم إلى الحياة مجددا , فبعد عمليات
النصب الكبرى في أسواق الأسهم الخليجية والعربية وهوامير " سوا " والصفقات الوهمية لشركات لا أساس لها , والمخططات العقارية
الزائفة , بعد أن استنفذ " النصّاب " كل طرق إحتياله لم يجد سوى مكائد العصور الوسطى , نعم أحسست وأنا أسمع خبر كهذا وكأننا
رجعنا إلى ما قبل التاريخ إلى " ميتافيزيقيا " غريبة بل وما وراء وراءها وما وراء أصل الطبيعة أصلا إلى عالم من الخيال الوهمي إلى
عالم حُيك بقصص الأساطير إلى عالم مكون من ملوك الجان تحرس أكوام من الذهب الروماني العتيق ومفتاح تلك المغارة هو
" افتح يا سنجر " !
عجيب هو هذا الزمن , زمن غدت فيه الشائعة تنتشر إنتشار النار في الهشيم , زمن إما أن تكون إمعه أو أن تكون إمعه , زمن ندرة
الصدق وشحه , زمن الغرائب والعجائب , زمن لا نحكّم فيه عقولنا حتى غدا من المعيب أن تقول : " أنا لا أصدق ذلك " فكل ما يُسمع لابد
أن تصدقه وإن لم تصدق , أجابوك : أين أنت من الموقع الإنترنتي الشهير – الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه - ؟ وأين أنت
من تلك الفضائية الأشهر ؟ عندها سألتزم الصمت فحمدا لله على رجاحة العقل .
لست متخصصا بشؤون الزئبق الأحمر , كل ماعرفته عنه لا يتعدى حلقات للإعلامي يسري فوده على قناة الجزيرة قبل قرابة العقد من
الزمان , أول مرة سمعت به آنذاك ورأيت كيف يتم التعامل معه وبتجّاره بمنتهى الحذر وكيف يتم نقله من مجاهل أفريقيا إلى أوروبا وإلى
الكيان الصهيوني ليتم تصنيع قنبلة نووية بحجم فاكهة البرتقال . قرأت في هذين اليومين الشيء القليل عنه فخشيت كثيرا على أمهاتنا
الفاضلات الخوض في رجس عوالم عصابات المافيا , وخفت كثيرا على تلك الأم العزيزة الحاملة لماكينة خياطتها لتحيك بعض ثيابها من
" هاشمي " وغيره أن تداهم شيلتهاالكريمة فرق تفتيش الأمم المتحدة أو أن يكون محمد البرادعي ضيف ثقيل لدينا يقوم بتفتيش مكائن
خياطتنا القديمة " طبعا الطريقة حدث ولا حرج : أن تقوم بتمرير جهازك المحمول حول إبرة الخياطة فما أن تختفي إشارات البرج على
شاشة جوالك حتى تأتيك تباشير الثراء بأن ماكينتك من النوع المطلوب دوليا لدى متخصص ألماني بوسيط عربي أردني " - والمصدر
العلمي في القصة السابقة هو الإشاعة -
اذن لنحزم حقائب مكائننا ولنغدو إلى عالم الثراء الفاحش فقطعة حديد لا فائدة لا تُرجى سعرها لا يتجاوز الخمسون ريالا غدت اليوم من
التحف النادرة والنادرة جدا فقفز سعرها إلى خمسون ألفا وإلى ثمانون ألف ريال وحسب خبير إقتصادي فقد أخبرني بأن نقطة الدعم
والمقاومة عند250000 ريال نعم عند 250000ريال , فقم ياسيدي القارئ الكريم وانفض الغبار عن آلة خياطة أمك القديمة واسعى
وراء رزقك وامتلك بيت الأحلام بيت العمر أو امتلك سيارتك الفارهة وتمتع بحياتك . فلنقم سويا إلى سوق واقف بل لننشئ حراج
متخصص ولنسميه سوق المكائن السعودي , اشتري اليوم وبع في الغد , اشتري وبيع قبل أن تعض أصابع يديك بل وأرجلك ندما ,
فالطفل الفقير أصبح اليوم غنيا .
والآن اتركوني إخوتي فقد " أصبح عندي الآن ماكينة "

شربة عسل @shrb_aasl
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

شربة عسل
•
.........................
الصفحة الأخيرة