المخرج من الفتن

ملتقى الإيمان

المخرج من الفتن 1-2




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين.

ما هو المخرج من الفتنة ؟

إذا كان الله سبحانه وتعالى قد بين لنا في كتابه أحوال الفتنة وأخطارها، كما أن رسوله- صلى الله عليه وسلم- وهو لا ينطق عن الهوى بين لنا في أحاديث كثيرة أنواع الفتنة وأخطارها، وكل ذلك إنما هو للتحذير من أن نقع في هذه الفتن حتى نخرج من هذه الدنيا سالمين، وحتى تنتهي بنا حياتنا إلى نهاية سعيدة يختم لنا فيها بالدنيا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، مخلصين بها مستيقنين، وفي الآخرة بالسعادة برضوان الله سبحانه وتعالى.

هذه لمحات في المخرج من الفتن.

المخارج من الفتن:

أولا: التعوذ بالله من شر الفتن:

إن من أهم المخارج من الفتن التعوذ بالله سبحانه وتعالى من شرها والمؤمن ليس له في كل أوقاته وأحواله إلا الله سبحانه وتعالى فكيف به إذا وقع في الفتن على مختلف أشكالها وصورها أنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كيف كان يدعو عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ومن فتنة القبر وعذاب القبر ومن فتنة النار وعذاب النار ومن شر فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة الفقر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد)) رواه البخاري.

وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم و أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات )).

إن المؤمن يجب عليه أن يتضرع إلى الله سبحانه وتعالى في كل أوقاته وأحواله داعيا ربه أن يعيذه من كل شر وفتنة.

ثانياً :الحذر من الانتكاسة:

الحذر من الانتكاسة في الفتنة لأن الانتكاسة تؤدي إلى انتكاسة القلوب حتى يصبح القلب مظلما لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا.

هذا الحديث الذي جرى بين الصحابيين الجليلين عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما- روى مسلم في صحيحه عن حذيفة- رضي الله عنه- قال: كنا عند عمر- رضي الله عنه- فقال أيكم سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه، قالوا فقال لهم عمر لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره، قالوا أجل، قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن التي تموج كموج البحر، قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا، قال لله أبوك وهي كلمة مدح معتادة أي لله أبوك حيث أتى بمثلك قال حذيفة- رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا)) .

أي: كما ينسج الحصير عوداً عودا: ((فأيما قلب أشربها نكت في قلبه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض والآخر أسودا مربادا)) .

أي: بياض يسير فيه سواد كالكوز مجخيا أي: منكوسا: (( لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه)) .

الحذر من أن تصل قلوبنا إلى مثل هذه الحالة حين ينتكس القلب فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا إلا ما كان من هواه و دنياه إلا ما كان من مصالحه الشخصية المادية فهذا هو الذي يعرفه قلبه أما ما يتعلق بدينه هو وعقيدته وقلبه فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا.

الأمر الثالث: الحذر من طريق المنكر:

الحذر من السير في ركاب المنكر لأن الكبراء رضوا به روى مسلم في صحيحه عن أم سلمه- رضي الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ((ستكون أمراء ستعرفون وتنكرون فمن عرف فقد برء ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع قالوا يا رسول الله أفلا نقاتلهم قال : لا ما صلوا)) .

قال الإمام النووي- رحمه الله تعالى-: "قوله من عرف فقد برء معناه: من عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيديه أو بلسانه فإن عجز فلينكرها بقلبه ثم قال: وقوله ولكن من رضي وتابع: أي ولكن العقوبة والإثم على من رضي وتابع، إن من المؤسف حقاً أن نشاهد بعض المسلمين يسير في المنكر لأن الكبراء ساروا به، أو قالوا به، وهذه والله انتكاسة خطيرة، وأن تكون معرفة المنكر من عدمه ليس ميزانها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما لأن الكبراء قالوا بها، ألا ما أعظمها من فتنة تعرض على القلوب ومن فتنة تكون في المجتمع.

الرابع: التمسك بالجماعة:

من المخرج من الفتنة أن يسير الإنسان في وقتها في ركب جماعة المسلمين وإمامهم، واسمعوا إلى حديث حذيفة- رضي الله عنه- قال: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهليةٍ وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد هذا الشر من خير قال نعم وفيه دخن أي: فيه كدر قلت وما دخنه ؟ قال قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر، قلت فهل بعد ذالك الخير من شر ؟ قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت فما تأمرني إن أدركني ذالك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ؟ قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) رواه البخاري وغيره.

انظروا الصفة الأخيرة للحالة الأخيرة التي خشي هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه أن يصل إليها ما هي صفاتهم ؟

الصفة الأولى:

((دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها )) .

تأملوا أحوال الأمة الإسلامية اليوم ما أكثر الدعاة على أبواب جهنم، دعاة بشتى الوسائل والطرق والأساليب، يدعون إلى المنكر وينهون عن المعروف، وقفوا يدعون الناس يريدون منهم أن يتركوا دينهم الحق، وأن يسيروا في ركابهم، فهم دعاة على أبواب جهنم.

الصفة الثانية:

أن هؤلاء الدعاة إلى الباطل ليسوا عجماً، ليسوا يهودا ولا نصارى، ليسوا من بلاد بعيدة وإنما هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، هذه أعظم المصائب حينما يتحول من بيننا ومن جلدتنا ومن قبائلنا، ومن رجالاتنا، وممن يتكلم بلغاتنا، ولكن يتحولوا ويكونوا دعاة إلى المنكر يدعون إلى نار جهنم ألا ما أعظم الفتنة في مثل هؤلاء.

ما المخرج منها ؟ يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- لحذيفة: (( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) .

نعم الجماعة القائمة بالحق والإمام الشرعي تلزمه ولا تعدل عنه، لأن الحق مع هؤلاء الثابتين على طريق مستقيم، لكن إن لم يكن للمسلمين جماعة ولا إمام فلا يجوز للإنسان أن يخوض وأن يتصرف وإنما يترك الفرق كلها، لأنها ضالة منحرفة ولو كان فيها فرقة صالحة في بلده أو في وقته أو نحو ذلك لوجب عليه أن يلزمها.

فلزم جماعة المسلمين وإمامهم حتى تكون ممن نجا من الفتنة.

خامساً: التأصيل العلمي الصحيح:

ومن المخارج التأصيل العلمي الشرعي القائم على منهج الكتاب والسنة، وهذا لابد منه في وقت الفتن لأن كثيراً من الناس يخوض بغير علم، فيؤدي بهم هذا إلى أنواع من البلاء والتصرفات الطائشة وغيرها، إن مما يؤسف له أن تنتشر الخرافات والقصص والحكايات الموضوعة متى وقت الفتنة، ولهذا كانت تكثر القصاص حينما تكون فتنة.

روى ابن حبان في صحيحة عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- قال: (( لم يكن يقص في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان إنما كانت القصص زمن الفتنة)) .

والقصص معناها: الروايات الموضوعة، فيتعلق الناس بهذه الروايات غير الصحيحة، فيؤدي بهم هذا إلى نهج غير المنهج الحق.

إن التأصيل الشرعي لابد منه لأمور:

1) أن الوصول إلى الحق والصواب لا يتم إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.

2) أن هذا التأصيل يحمل الاجتهادات التي تمليها الظروف والأهواء، ويرجع الأمور إلى أصولها الصحيحة.

3) أن سرعة الأحداث في الفتن تؤدي ببعض الناس إلى سرعة التعامل معها ومن ثمة أصحابها، والحالة هذه أحرى أن يستبطئ التعامل معها في هدوء وروية وهذا ما يحتاجه الجانب الشرعي.

4) أن الإنسان تتغير أحواله وقت الفتنة، فهو بأشد الحاجة إلى قسر نفسه على الحق ولو كان مرا، وانظر إلى تحذير الرسول- صلى الله عليه وسلم- من فتنة الدجال، فإن الرسول حذر منه حذراً شديدا، حتى إن الصحابة خافوا أن يكون خرج عليهم في وقتهم ومع ذلك قال- صلى الله عليه وسلم-: ((من سمع منكم بالدجال فلا يأته)) .

فإن الرجل يسمع بالدجال فيقول في نفسه هذا هو الدجال الكذاب أنا أعرفه من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (( فلا يزال به الأمر حتى يأتي إليه فإذا أتى إلى الدجال فتن به واتبعه)).

إن التأصيل الشرعي لابد منه خاصة أوقات الفتن.

المصدر : شبكة نور الاسلام
3
459

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

Muslima
Muslima
المخرج من الفتن 2-2




سادساً: التزام الطائفة المنصورة:

التزام الطائفة المنصورة التي لا تضرها الفتنة، والتي يتكون أفرادها ممن وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم الغرباء فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر: (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى)) .

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء )) .

أي إن هذه الطائفة بوعد الرسول صلى الله عليه وسلم قائمة إلى قيام الساعة ووعده حق وصدق نعم إنها قائمة مهما أظلمت الفتن، ومهما تغيرت الظروف، ومهما ادلهم واقع المسلمين، ومهما حاصر المسلمين أعدائهم، إن هذه الطائفة قائمة منصورة..

صفات الطائفة النصورة:

أنها قائمة بالحق صادعة به لا تهاب في الله ولا تخاف فيه، ولا يضرها من خالفها ولا من خذلها.

أنها سالكة مسلك السلف الصالح في نهجها العقدي والشرعي، فهي لا ترتكب بدعة ولا تلتزم منهجاً غير نهج المسلمين الصادقين.

أنها مجاهدة في سبيل الله.

أنهم غرباء يصلحون إذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس، فعلى المؤمن في كل وقت وفي وقت الفتن خاصة أن يسعى لأن يكون من هذه الطائفة الناجية المنصورة.

وقد يصل بالمسلمين في بعض البلاد أو في بعض الأزمنة أن تستحكم الفتنة فلا يجد الإنسان إماماً شرعيا، ولا يجد طائفةً قائمةً بالحق فماذا يصنع ؟

ومثل هذه الحالة قد وقعت في بلاد الأندلس، مثلا لما هاجم النصارى المسلمين أيام نهاية دولة الإسلام في الأندلس، ووقع أيضا في بلاد المسلمين فيما كان يسمى بالإتحاد السوفيتي، وفي شرق أوربا حين امتحن الشيوعيون المسلمين حتى أصبح الواحد غريباً بين أهله وبين أقاربه، أيضا ماذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا، يقول عليه الصلاة والسلام: (( العبادة في الهرج كهجرة إلي)) .

والهرج هو استحكام القتال غير الشرعي، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يكون خير مال المؤمن أن يكون خير مال المؤمن غنم يتتبع بها شعب الجبال يفر بدينه من الفتن)).

ويقول- صلى الله عليه وسلم-: (( بادروا بالأعمال الصالحة فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافرا ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا )) .


سابعا:ًمعرفة الفتنه وتميزها:

أن تميز الأمور وأن لا تختلط الأوراق كما اختلط على المسلمين اليوم مصطلح الفتنة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه الصلاة والسلام، بيان لأنواع الفتن وأسبابها، والمخرج منها، وتعالوا نذكر جوانب من هذه الفتن التي وردت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن أشرنا إلى بعضها فمنها.

فتن ذكرت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

1ـ فشو المنكر وعدم إنكاره:

فشو المنكر وعدم إنكاره نعم، دعاة على أبواب جهنم وهذه فتنة وأي فتنة، ومنها التفرق والاختلاف القائم على البدع والأهواء وشهوات الدنيا، وأي فتنة أعظم من هذا.

2ـ وجود الأئمة المضلين:

ومنها أيضا وجود الأئمة المضلين الذين خافهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته فقال: (( إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين)).

حينما يكون هناك أئمة دعاة يضلون الناس ويدعونهم إلى المنكر وينهونهم عن المعروف فأي فتنه أعظم من هذا.

3ـ انتشار القتل:

ومن ذلك أيضاً حين يكون القتال لأجل الدنيا لا في سبيل الله تعالى، فأي فتنه أعظم من هذه حينما تزهق النفوس وتبحث عن الأسباب فلا تجد سبباً شرعياً وإنما تجد قتالاً على الدنيا، قيل لأحد الصحابة رضي الله عنه ألا تأتي فتقاتل وقت الفتنة ؟ قال هذا الصحابي الجليل نحن قاتلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، وأنتم تريدون منا أن نقاتل حتى تكون فتنة ؟ لأن القتال كان للدنيا.

4ـ فتنة الأموال والأولاد:

ومن ذلك فتنة الأموال والأولاد والنساء:

أخطر الفتن:

أولاً: فتنة الشرك بالله:

ألا وهي فتنة الشرك بالله والكفر به، والصد عن دينه، وهذا الشرك سواء كان بالكفر بالله وعبادة غير الله، أو برفض الحكم بما أنزل الله أو باستحلال المحرمات، أو غير ذلك، هذه من أعظم الفتن فكيف نحذرها أيها الإخوة المؤمنون؟ كيف نحذرها أيها الإخوة المؤمنون؟

ثانياً: مولاة الكافرين:

أن تقع مولاة من جانب المؤمنين للكفار دون المؤمنين، أن تختلط أوراق الولاء والبراء فلا تكون هناك مولاة بين المؤمنين، وإنما تكون هناك مولاة للكافرين ومعاداة للمؤمنين، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ )) (المائدة:52،51).

قال ابن جرير رحمه الله تعالى: ، فيكون بنا إليهم حاجة أيها الإخوة المؤمنون، إن مولاة الكفار من دون المؤمنين فتنة بنص كتاب الله تعالى، يقول الله تبارك تعالى في كتابه العزيز بعد أن ذكر المولاة بين المؤمنين: (( وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ )) (الأنفال:73) .

ماذا يقول المفسرون يقول الطبري رحمه الله تعالى: عن ابن إسحاق " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير: أي يوالي لا المؤمن إلا المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به تكن فتنة في الأرض، أي شبهة في الحق والباطل ومرور الفساد في الأرض بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن.

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى أي: "إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت الفتنة في الناس وهو التباس الأمر، واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض ".

تأملوا هذه الآية وتأملوا أقوال الشيوخ المفسرين فيها، وقارنوها بأحوال الأمة الإسلامية اليوم، وكيف انعكس الولاء والبراء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!! كيف انعكس الولاء والبراء فصارت الموالاة للكافرين والمعاداة للمؤمنين، اسمعوا وسائل الإعلام من أولها إلى آخرها، كيف ترون أن هذا المصطلح تحول إلى عداوة للمؤمنين في كل بقعة، وإلى ولاء للكافرين، ولاء للكافرين باسم السلام، ولاء للكافرين باسم المصالح المشتركة، ولاء للكافرين بأسماء شتى، وعداوة للمؤمنين باسم الأصولية والإرهاب وغير ذلك، وهي من أعاجيب مواقع الفتنة ومعانيها، وقد وردت في كتاب الله تعالى يقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام والذين معه: (( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (الممتحنة: 4،5 ) .

ما معنى الآية الأخيرة: (( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا )) .

يقول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: ذكره مخبرا عن إبراهيم خليله والذين معه يا ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، بل جحدوا وحدانيتك وعبدوا غيرك بأن تسلطهم علينا، فيروا أنهم على حق وأنا على باطل، فتجعلنا بذلك فتنة لهم] ،ثم روى عن قتادة قال: "لا تظهرهم علينا فيفتنوا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق ٍهم عليه.

انتبهوا كيف صارت الفتنة وكيف تحولت الفتنة إلى أن يكون حال المسلمين حينما يرضون الهوان، ويتركون الجهاد في سبيل الله، فيتسلط عليهم الأعداء كما هو واقع الأمة الإسلامية اليوم، كيف يتحول هذا إلى فتنة تختلط فيها الأوراق، ويظن الكفار أنهم على الحق وليس الأمر يقف عند هذا الحد بل يتحول إلى أن يفتن بعض المسلمين، نعم والله إن بعض المسلمين لما رأى أهل الباطل منتصرين وأهل الحق متخاذلين قال في نفسه وربما قال بلسان مقاله، قال: لو كان هؤلاء مسلمين على حق لانتصروا، ولو كان أولئك على باطل لم يهزموا ولكن هؤلاء انتصروا، وهؤلاء واقعهم على تلك الحال، وهكذا تختلط الأحوال وتختلط الأمور، تدبروا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واحذروا مداخل الفتن، واعملوا بمخارجها، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
***ذات الذنوب***
جزاك الله كل خير وجعل هذا العمل في موازين حسناتك ونفع بك
اللهم اعصمنا من جميع الفتن ماظهر منها ومابطن اللهم احسن خاتمتنا في الأمور كلها
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم آمين
Muslima
Muslima
جزاك الله خيرا علي الرد و الدعاء
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه و يرضاه