
المرأة سياج من الحرمة والطهارة ، يجري الرجل خلفها لأنه يحب دائما أن يجري ، فمتى ما رأت المرأة نفسها رخيصة ، لأن نداء الشيطان يدعوها لذلك الرجل الأجنبي ، فإنها بذلك تسقط أمام نفسه ، وأمام الرجل ، وأمام الجميع ، لأنها لم تحافظ على مكمن العزة فيها !
على عهد العباسيين ... وفي أحد شوارع بغداد ، كانت شابة رائعة في ذلك الزمن ، تسير في عصر يوم عائدة إلى بيتها ، ومع جمالها وروعتها ، كانت مراعية في مشيتها ولباسها العفة والحياء ، ولم يكن في حركاتها ما يستهوي العيون الزائغة المسعورة ، ولا القلوب المريضة .
لكنها ُرصدت من قبل شاب مراهق الأخلاق معوج الطبع ، يظن أن جميع النساء رخيصات ، أو بلا عقل ،
لحظها الشاب بنظرة شيطانية ... ونزعة النفس الشريرة ، والشهوات البهيمية ، ما شجعه على أن يجري خلفها ، غير أن اتزان الفتاة وهدوءها لجماه عن التحرش بها ، وفيما هما سائران ، الواحد خلف الأخر ، إلتقى بهما فتى آخر شده ما رأى فأحب أن يتقصى الأمر - وهذا شأن طبع عليه الإنسان - فمشى وراءهما ليرى ما يبتغي الشاب من الصبية !
وما زال الثلاثة في تقدمهم حتى اقتربوا من مفترق طرق حيث تخطى الشاب الأول الفتاة ، وقال دون أن يجرؤ حتى على الالتفات إليها : رحم الله عليا بن الجهم ثم تابع سيره ، معللا النفس بأن الفتاة ستفهم مراده وتلحق به ، غير أنه سمعها تقول : ( رحم الله أبا العلاء ) ثم انحرفت إلى طريق آخر !
تعجب الفتى الآخر مما سمع ومما رأى ، ولكنه عزم على استجلاء الأمر ، وخوفا مما قد يلحق به من ضرر فيما لو اتبع خط سير الشاب الأول ، فإنه آثر أخفّ الشرين واتبع الفتاة
وبعد قليل استجمع قواه وجرأته وخاطبها ؛ قائلا : عفوا .
الشاب : أيتها الآنسة إن في أمركما لعجبا ، سرت أنت أمامه ، وسار هو وراءك من غير أن يكلم أحدكما الآخر حتى حصل ما حصل ، فبالله عليك ما معنى كل ذلك ؟!
الفتاة : لقد حاول الشاب أن يستميلني وأنا العفيفة ، فأراد أن يختبر حقيقة عفتي ، وعزتي بنفسي وإيماني ، فرمى إلي بورقته الأخيرة قائلا : ( رحم الله عليا بن الجهم ) يريد أن يذكرني بقصيدته التي فيها :
عيون المها بين الرصافة والجسر *** جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري .
وظن أنه يغويني ويستولي عليّ ويميل قلبي إليه ، ففاجأته بقولي : رحم الله أبا العلاء !
وأنا أعني قوله :
فيا دارها بالحيف إم مزارها *** قريب ولكن دون ذلك أهوال .
فعرف قدره ، وذاق عاقبة أمره ، وانسل ناجيا بروحه ، وهل ظن أني رخيصة إلى هذا الحد ، وغير شريفة كي أضيع إيماني وسمعة أهلي ، وأنساق له بالحرام فأكون عنده أيضا أرخص من سقط المتاع ؟!
... انتهى
كم هو جميل لو أن فتياتنا كلهن بمثل هذه الشيمة والعزة والإيمان التي تتحلى بها تلك الفتاة ، ولكننا للأسف نجد البعض منهن العكس تماما فهن من يغري الشاب بنوعية اللباس والعطر والمشية ، حتى غدت الأسواق كرنفالات وحفلات تستعرض فيها النساء جمالهن !
ومتى ما فقدت الفتاة ثقتها بنفسها ، راحت تبحث لها عن مصدر يعوضها تلك الثقة المسلوبة ، ولو من شاب مخادع ليقول لها : ما أروعك يا فاتنتي الجميلة !
المرأة سياج من الحرمة والطهارة ، يجري الرجل خلفها لأنه يحب دائما أن يجري ، فمتى ما رأت المرأة نفسها رخيصة ، لأن نداء الشيطان يدعوها لذلك الرجل الأجنبي ، فإنها بذلك تسقط أمام نفسه ، وأمام الرجل ، وأمام الجميع ، لأنها لم تحافظ على مكمن العزة فيها
م ن اي
مل
ي
اللهم احفظ فتياتنا و شبابنا يا رب العالمين
اللهم احفظهم من الفتن ما ظهر منها و ما بطن
بارك الله فيك