عندما أقول فتش عن المرأة فلا أعني بالتأكيد أنك لن لخدها، ولكن أعني أنك ستجدها في كل مكان، فأينما اتجهت فهي هناك، والمرأة هنا ليست المرأة الغربية ولا الشرقية، إنها المرأة المسلمة في هذا البلد الطاهر، فلقد صارت حاضرة بشكل فعال في السوق وهو ليس سوق الأقمشة والمجوهرات والأحذية وحسب، بل حتى سوق المفروشات والثلاجات والغسالات وحتى سوق الخضار واللحوم، فهل دخلت سوق (عتيقة) ولم تجد امرأة؟!
إن الأمر تعدى إلى ما هو أعظم، فتلك تجوب محلات بيع الأجهزة الكهربائية هي وزوجها لتشتري برادة ماء!!! حسب الذوق، والأخرى تذهب مع أبنائها إلى الحلاق (صالون الرجال) لأنها تريد أن تصف له قصة الشعر التي ترغب فها فهي لا تتق بزوجها في هذه الناحية، وتلك بين كل فترة وأخرى تنزل إلى محلات بيع (الملابس الداخلية للرجال) لتقتني لزوجها وأبنائها مجموعة منها. فالمرأة المسلمة اليوم صارت في كل مكان، في المطاعم العائلية التي عم بها البلاء حتى وصل إلى الخيرات والأخيار ، في البقالات تجد المرأة تشتري
و تساوم (خبز، نواشف..) في الصيدليات تشتري (رضاعة حليب) لابنها أو مثبت روج أو... في محلات بيع الأثاث لتختار لأبنائها دولاباً أو شماعة، في الأسواق المركزية التي غصت بها الأحياء تدفع بين يديها عربة تملؤها من السوق ما تحتاج وما لا تحتاج وكأن زوجها أو وليها لن يستطيع شراء (الجبن) الذي تريده أو (العجينة) التي ترغب، حتى في أسواق بيع الجملة التي غالباً لا يتعامل معها إلا الرجال وأصحاب المحلات صرنا نسمع أن المرأة اقتحمتها، فماذا بقي؟!! سوق البطحاء الذي يعج بالعمال من كل مكان والذي لا تجد فيه موطئ قدم لك، فيه امرأة تتبضع !!
أنا لا أعتب على المرأة لأنها تخرج، ولكن لأن خروجها مما لا داعي له ولا ضرورة تقتضيه، فربما اضطرت المرأة إلى الخروج للسوق لقضاء حاجتها اللازمة وحاجة أبنائها أو للخياط أو حتى محلات المفروشات والأثاث ولكن حتماً ليس اضطراراً أن تذهب إلى سوق الخضار تتأبط ذراع زوجها أو تمشي بجانبه تتبضع من هنا وهناك. ويحز في النفس أن تكون امرأة محتشمة خيرة وزوجها عليه سيما الصلاح، فمثلاً تلك التي لفت ودارت حتى تشتري برادة!!! هل كان هذا لزاماً عليها، ألا يغني زوجها عنها في هذا المجال؟!! والأخرى التي تذهب مع أبنائها إلى الحلاق هل هذا ضروري.
إن المرأة المسلمة مأمورة بالقرار في البيت بنص كتاب الله سبحانه قال تعالى: {وقرن في بيوتكن} فقرارها هو الأصل وخروجها للضرورة وعلى قدر الحاجة، فكثرة خروجها مدعاة لزوال الكلفة بينها وبين الرجال وسقوط الحاجز بينهما، قال سبحانه: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} وفيه ازدياد مهمتها من متاع الدنيا الفاني فلا يعد يرضيها القليل وكلما دخلت محلاً طمعت في آخر أقل منه سعراً أو أجود بضاعة فلكي تشتري غرفة نوم مثلاً تمكث أسبوعا أو أكثر تمر فيها على محلات الأثاث كلها تقارن وتفاضل، وكان يكفيها مرة واحدة ولو قلنا بالتورع لكان يكفيها الاطلاع على (الكاتلوجات) الخاصة بالمحل لتختار منها ما تشاء، وهناك نساء كثيرات رضين بذوق أزواجهن في هذه الأمور، وهن يعشن سعيدات لا ينقصهن شيء.
والسبب في كثرة خروج المرأة في هذا الزمن تلك المجلات النسائية الهدامة أو وسائل الإعلام التي أزعجتنا (بالمرأة العصرية) التي تدير البيت وهي في الشارع، فهي تشتري الكوسة من محل الخضار لأنها تعرف أيها يصلح للحشو وأيها للسلق، وهي التي اختارت كل قطعة في أثاث البيت لأنها تعلم ما يناسب كل غرفة من الألوان والأثاث وغيرها، وهي أيضا تشتري الثلاجة لأنها تختار ذات السعة المناسبة لعدد أفراد الأسرة وهكذا..
لكن أين الرجل وما دوره؟!! هو فقط يدفع الحساب!!! والعتب أولاً وأخيراً على الصالحات اللاتي سرعان ما ينجرفن وراء هذه التفاهات وتغريهن القشور وينسين أوامر الله سبحانه ويتهاون في الاستجابة لها فيرافقن أزواجهن إلى المطعم والبقالة وغيرها.
إن العلماء والدعاة كانوا يحذرون دائماً من كثرة خروج المرأة إلى السوق أو الخياط لما في ذلك من فساد دينها وأخلاقها وفتنتها والافتتان بها، فهل من وقفة من قبلهم إزاء هذه الظاهرة الخطيرة التي لم يسلم منها إلا القليل ممن عصم الله سبحانه. إن للمرأة حدوداً يجب ألا تتجاوزها وهناك أماكن يجب ألا تخترقها، ولكن من يوقفها عندها ويبين لها حدود الله؟!
بعد الختام: تقول بعض النساء أن سبب خروجها إلى كل مكان أن زوجها لا يحسن الاختيار، أقول: بالإمكان مثلاً عرض بعض قطع الأقمشة التي تصلح للأثاث والستائر أو قطع المكيت (السجاد الأرضي) والتي غالباً توجد عند المحلات على شكل كتيبات (كاتلوج) على أهل البيت وعند الاختيار يتم الشراء دون التعرض لما يسخط الله سبحانه، أما الأماكن الأخرى التي لا ينبغي للمرأة ارتيادها فيجب أن تلزم نفسها بذلك وتعودها عليها طالبة رضا الله مؤثرة هواه على هواها لتثق أنها لن تخسر شيئاً إن لم تتذوق كل الأجبان والعصائر الموجودة في السوق أو لم تعرف أنواع المعاجين والشامبو وغيرها مما تغص بها هذه الأسواق، ولقد قالت إحدى الفاضلات إنها كانت تخرج إلى مثل هذه الأسواق ولكنها حكمت شرع الله وتركت الخروج إليها وصارت تكتب كل ما يحتاجه البيت في ورقة وتسلمها لزوجها فيحضرها وربما زاد عليها أيضا. قالت: والله ما نقص مني شيء ولم أر من حولي أفضل مني، بل أدركت أن المرأة كلما خرجت كلما زاد جوعها للخروج أكثر.
هذا ما بدا لي في هذا الموضوع راجية أن تتجاوب معه أقلام القراء ومساعي الدعاة والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
مجلة الدعوة – العدد 1545 – 27محرم 1417هـ – 13 يونيو 1996 م
نصر @nsr_1
محرر في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️