radwwaa @radwwaa
عضوة جديدة
المراهقة ثورة الأبناء وقلق الآباء
المراهقة
ثورة الأبناء وقلق الآباء
استطلاع نعيمة الزيداني
مجلة فرح
يعيش الآباء والأمهات في حيرة وقلق بالغين بمجرد دخول أبنائهم مرحلة المراهقة خصوصا أن عليهم استيعاب حاجياتهم النفسية والعقلية لتجاوز الاضطرابات والمشاكل التي يتعرضون لها، فشخصية المراهق تتسم بالثورة والتمرد والرغبة في فرض استقلاليته الشخصية، وقد عبر أفلاطون عن ذلك بقوله "أن المراهق يميل إلى الجدل من أجل الجدل في كل صغيرة وكبيرة."
ليس غريبا إذن أن يتحول البيت الهادئ إلى ساحة للمعارك، الكبار يشتكون والصغار يحتجون، وتساؤلات كثيرة تطرح نفسها:
ما سبب كل هذه التغييرات المفاجئة؟ لماذا فجأة أصبحت عدوا لابني أو ابنتي؟ لماذا هذه الثورة وهذا السلوك العدواني؟؟؟
المراهقون والمراهقات: أبي كن صديقي، أمي كوني صديقتي قبل فوات الأوان
مروة 16سنة من الإسكندرية بمصر تقول:
لا أحد يفهمني، أحس أني وحيدة في عالم خاص بي، أبي مشغول بعمله وأمي بصديقاتها ومشاويرها التي لا تنتهي...وإذا حدث والتفت أحدهما إلي فإنه يوجه لي ما بجعبته من نصائح ويمضي دون أن يستمع إلي أو يحاورني، لا يعترفان أن لي شخصية مستقلة ورغبات خاصة، إنهما يحاولان توجيهي كما لو كنت جهازا يعمل بالريموت كنترول.
آخر مرة دخل أبي غرفتي، مزق صور نجومي المفضلين، وقال لي "التفتي لدروسك" دون أن يحاول فهمي كأني لا إحساس لدي ولا مشاعر، كأني لازلت طفلة صغيرة لا إرادة لها.
أمي تتجمل كما تشاء لكنها ترفض حتى أن أغير من شكل حواجبي مع أني رأيت صورها حين كانت في سني، كانت تضع الماكياج وطلاء الأظافر وترتدي ما تريد أما أنا فتريد الحجر علي وتقول أني مراهقة، هذه الكلمة تجرحني، لست مراهقة، أنا إنسانة واعية وأعرف جيدا ما أريد...
رفيقي الوحيد هو جهاز الكمبيوتر الخاص بي والذي لم أعد استطيع مفارقته فعن طريقه أتواصل مع أصدقائي الذين يستمعون إلي ويفهمونني خصوصا أعضاء مجموعتي على الفيس بوك.
رانيا 22سنة من سوريا تتحدث بحسرة بالغة عن مراهقتها التي كانت صعبة، وتتذكر كيف كانت منذ ست سنوات مهووسة بشكلها الخارجي، دائمة البحث عن الترفيه والتسلية على حساب الدراسة، وكان همها الوحيد هو لفت نظر الشباب والرقص والسجائر التي كانت مظهر مباهاة بالنسبة لها.
تقول: والداي يتحملان النصيب الأكبر من المسؤولية فأبي كان يعمل بالإمارات، وحين عاد للعيش معنا كان يقابلني بالسب والشتم والضرب أحيانا، ولا يعرف الحوار أبدا، وأمي كانت منشغلة عني بأخي الصغير، ودائما تحاول ستر تصرفاتي السيئة وحجبها عن أبي حتى لا يتهمها بالتقصير في تربيتي.
مروان 18 سنة من الرباط بالمغرب يقول: إنها فعلا مرحلة حرجة فهناك من أصدقائي من بدأ مراهقته بالتعاطي للمخدرات، وهناك منهم من أصبح إنسانا عابثا ضائعا لا يبالي بدروسه ولا يفكر في مستقبله، وهناك من انشغل بعلاقات عاطفية مع الفتيات، أما بالنسبة لي فقد تجاوزت مرحلة الخطر بفضل والداي اللذين أجدهما باستمرار معي، يستمعان إلى ويحاولان فهمي وتوجيهي، ساعداني على الانضباط والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية، وشجعاني على ممارسة الرياضة التي أصبحت تشغل كل أوقات فراغي إضافة إلى كونها فتحت لي الباب لاكتساب صداقات مهمة وطيبة مع العديد من الشباب .
كيف نتعامل مع المراهق؟
من ألمانيا "المهندس العراقي رمزي محمود " قال لفرح:
لقد تجاوز أبنائي مرحلة المراهقة بسلام لأني لم أكن أخاطبهم آنذاك بلغة الأب بل حاولت الاقتراب منهم لأجد نفسي صديقا لهم، أشاركهم اهتماماتهم وأفكارهم وأبحث معهم عن حلول لمشاكلهم.
وكنت في نفس الوقت أحاول توجيههم بطريقة غير مباشرة ونصحهم ضمنيا بعيدا عن لغة الأوامر، والحمد لله فرغم أننا نعيش في أوربا إلا أني نجحت في تربيتهم بصورة سليمة وتنشئتهم على الحفاظ على مبادئنا وقيمنا كعرب وكمسلمين.
وانطلاقا من تجربتي الخاصة، أنصح الآباء بأن يسعوا لكسب صداقة أبنائهم في هذه المرحلة لحمايتهم من مخاطر عديدة خصوصا من تأثير أصدقاء السوء.
نفس الرأي نجده عند ماغي موزيان من لبنان"أم لطفلين", والتي تؤكد على أن الطريق الأصح و الأصوب هو استيعاب المراهق، تقول :"شخصيا أؤمن أن علي أن أكون مراهقة مع أطفالي حين يدخلون هذه المرحلة فمن واجب الأم أن تزيل كل الحواجز بينها وبين أبنائها، وتتقن فن الاستماع إليهم وتناقشهم في كل أمورهم الصبيانية لتفهمهم أكثر وتتمكن من مراقبتهم وتوجيههم للطريق الصحيح."
وتستطرد قائلة: "هناك من الأمهات من تتجاهل بعض الأسئلة المحرجة التي قد تتلقاها من ابنتها في هذه المرحلة أو تقابلها بالتعنيف والقمع وهذا بالتأكيد بعيد عن الصواب...نعم أحيانا قد يفاجئ الآباء بانجراف أحد الأبناء وراء رغبات سلبية كمشاهدة الأفلام الإباحية أو التدخين الخ، وهنا يكون الانضباط والشدة مطلوبين لكن الطريقة الأفضل هي المناقشة والتحادث وإبداء الرفض والنصيحة ومنعه بدبلوماسية وحق ."
وعن دور المدرس يرى السيد جواد "أستاذ بإحدى الإعداديات بالبيضاء" أن على المدرس أن يكون على دراية تامة بشخصية المراهق ليعطيه ما يجب بالأسلوب الصحيح وفي الوقت المناسب، فالمراهقة ثورة شاملة تهز شخصية المراهق لهذا ينبغي أن تتكاثف الجهود على صعيد البيت والمدرسة لمساعدة الأبناء على التطور و اكتساب شخصية مستقلة ومتوازنة.
نصر الدين خلاف 30 سنة من الجزائر ينبه إلى أن مسؤولية الآباء اتجاه أبنائهم أصبحت أكثر صعوبة في السنوات الأخيرة خصوصا أن العديد من المراهقين يعانون من إدمان النت ويتواجدون بشكل شبه دائم في مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم من يتردد باستمرار على المواقع الجنسية، لذا على الآباء أولا معرفة كل شيء عن خصائص هذه المرحلة ليتمكنوا من الإجابة على تساؤلات أبنائهم وحمايتهم من الانحراف، وثانيا عليهم مراقبة جهاز الحاسوب المستعمل من طرف المراهق وحجب المواقع الإباحية حتى لا تتحول إلى مصدر يقصده الطفل بحثا عن المعلومة، وأيضا عليهم مراقبة أو حجب مواقع الشات التي غالبا ما تكون وسيلة يتم من خلالها استدراج العديد من المراهقات لعلاقات مشبوهة قصد استغلالهن جنسيا.
ويؤكد نصر الدين في نهاية حديثه لفرح على أهمية تربية الأبناء على المبادئ والقيم الإسلامية لأنها تشكل حزام السلامة الذي سيحميهم بالتأكيد من كل المخاطر ويساعدهم على تجاوز هذه المرحلة الصعبة بأمان.
المراهق كالفراشة تبدأ حياتها كدودة ثم تخرج من الشرنقة بشكل جديد
وفي حديث لمجلة فرح قال: المدرب السعودي/ محمد خالد عزوز مدرب معتمد من الحياة السعيدة البريطانية وعضو لجنة مستشارين الحياة حلوة للاستشارات الأسرية والاجتماعية:
مرحلة المراهقة هي عبارة عن بوابة عبور من الطفولة للبلوغ، ويحدث فيها تصادم بين ما تعود عليه المراهق من والديه وما يراه جديدا ويريد تجريبه.
إنها المرحلة التي يكتشف فيها الإنسان نفسه ويبدأ في التفكير "لماذا خلق؟ ولماذا هو الآن موجود؟ وما هي طموحاته وأهدافه؟"
إنها مرحلة رسم الأحلام والأهداف كالفراشة تبدأ حياتها كدودة ثم تخرج من الشرنقة بشكل جديد و حياة جديدة غير التي كانت تعيشها.
من هنا نلاحظ أن مرحلة المراهقة مثل موج البحر، لو تخيلنا أنفسنا لوحا من الخشب يقف أمام موج البحر لغمرنا الموج، والحل أن نطفو فوق الموج بأن نعطيهم الحرية في تجربة ما يريدون التعرف عليه ولكن بإشراف منا وتحت عيوننا. وعلى هذا الأساس، جاء توجيه سيدنا علي كرم الله و جهه "لا تفرضوا على أبنائكم أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم."
مرحلة المراهقة هي عملية قطاف لما زرعه الوالدان من قيم وأخلاق و أساليب تنشئة في مرحلة الطفولة
وأخيرا، للإجابة على أسئلة الآباء والأمهات ووضعهم على الطريق الصحيح، تقول الكاتبة والباحثة بشرى شاكر من المغرب في كتابها "التربية بين الدين وعلم النفس ":
"المراهقة أفق مجهول وشاسع وينصح بشدة التواجد الفعلي في حياة الأبناء في مثل هذه السن الحرجة وتفادي المشاكل العائلية أمامهم حيث أن التغييرات الفسيولوجية وأيضا النفسية ومنذ بداية سن المراهقة والتي تسمى أيضا بسن الحلم أو البلوغ، تبرز بقوة، فالطفل الصغير الذي ينحو نحو عالم الرجولة مثلا يبدأ بالإحساس بحاجته إلى تقليد الكبار والقيام بما يفعلونه هم، فيتعلم التدخين ويكون هذا غالبا خفية و يبدأ بالكذب ولنقل وبكل بساطة تبدأ تصرفاته في التغيير دون أن يحس هو نفسه بذلك وهذا التغيير يكون غالبا حسب ما يلاحظه الآباء والمربون إلى الأسوأ، وقد يتحول الطفل المراهق نحو الأنانية والاهتمام المتزايد بالذات ويبدأ في معارضة كل شيء، ولكن هاته الرغبة في المعارضة في حد ذاتها هي محاولة أخرى لإثبات الذات وفهم ما يدور حوله وليست فقط نوعا من العناد أو عدم الرضوخ، ومع مثل هاته التغيرات، يتوجب التواجد الفعلي كما سبق وذكرنا في حياة أطفالنا ويكون ذلك مناسبة لنعلم هذا الطفل الذي هو في طريقه إلى التحول نحو رجل بالغ أنه لكل شيء حدود، حتى الحرية التي تنتهي حينما تبدأ حرية الآخر ويمكن للآباء والمربين أن يوصلوا هاته الرسالة إلى المراهق بطرق عديدة ودون أن يلعبوا دور الشرير.
وكما قلنا أن المراهق يحس برغبته في أن يكون رجلا ويتشبه بالرجال وأنه علينا أن نخبره الحدود التي يجب أن يتوقف عندها وفي هذا الشأن، قد روي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: "عرضـني رســـــول لله يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني"، وقد جاء حينها عبد الله بن عمر النبي عليه الصلاة و السلام ليجاهد في سبيل الله، ولكنه رده لصغر سنه وأفهمه برفقه المعهود أنه سيجاهد حينما يستطيع ذلك وبالتالي فانه رسم له حدا سيتمكن من تجاوزه فيما بعد، وكان ذلك فعلا، فقد شارك في غزوة الخندق وغزوة مؤتة واليرموك وأيضا شارك في فتح مصر.
وممن رُدّ يومئذ: سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، وهـما ابنا خمـس عشـرة، فقيـل: يا رسول الله إن رافعاً رامٍ، فأجازه، وقيل: يا رسول الله إن سمرة يصرع رافعاً؛ فأجازه
بمعنى أنه عليه أفضل الصلاة و السلام، قد أخذ بلغة الحوار بعد أن أشفق عليهما وأراد ردهما ولكنه استمع لهما ولمن رافقهما فاقتنع وغير رأيه وهو ذات الحوار الذي وجب أن نتبناه مع المراهقين. "
وتؤكد الكاتبة والباحثة بشرى شاكر في نهاية مقالها "أن مرحلة المراهقة هي عملية قطاف لما زرعه الوالدان من قيم وأخلاق وأساليب تنشئة في مرحلة الطفولة، فالوالدان اللذان عاملا ابنهما بالرفق واللين ونهجا نهج السيرة النبوية العطرة فاحترما إنسانيته وخلت معاملتهم له من التدليل أو الحماية الزائدة ومن الطموح الزائد أو النقد والتوبيخ ومقارنته بالآخرين أو معاقبته بدنيا على كل صغيرة وكبيرة وعاملاه بحب وأشبعاه بالثقة وساعداه منذ الصغر على توكيد الذات وقاما ببناء مفهوم ايجابي للذات عنده سوف يتجاوزان رفقة أبناءهم هاته المرحلة الحرجة بسهولة و بدون مشاق كثيرة."
0
868
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️