منار 2011

منار 2011 @mnar_2011

عضوة جديدة

المستحيلات الثلاث

الملتقى العام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الكلام عجز بيت لأحد الشعراء من بيتين يقول فيهما:
لما رأيت بني الزمان وما بهم*****خل وفي للشدائد اصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة*****الغول والعنقاء والخل الوفي
فأما الغول والعنقاء، فإنه يضرب بهما المثل في الشيء الذي لا وجود له، ففي مصنف ابن أبي شيبة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا غول ولا صفر.
وكانت العرب تزعم أن الغول من الجن تتغول لها وتتلون فتضلها عن الطريق، وقد نسجوا حول ذلك من الخرافات الشيء الكثير، وكذلك العنقاء فيزعمون أنها طائر عظيم كان في عهد سليمان ثم اختفى، وقيل إنها كانت بالحجاز تخطف الأطفال، فدعا عليها أحد الأنبياء فاختفت، قال ابن حزم رحمه الله: والغول والعنقاء والنسانس وجميع الخرافات لا يحل القول بشيء من ذلك.
وأما الخل الوفي فهو عزيز ونادر، ولكنه ليس كالعنقاء والغول، فتلك مبالغة شاعر وخيال أديب، ففي الحديث: تجدون الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة. متفق عليه. وفي رواية:لا تكاد تجد.
قال ابن حجر: وكذا لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة بأن يعاون صاحبه ويلين جانبه، والرواية بإثبات (لا تكاد) أولى لما فيها من زيادة المعنى، ومطابقة الواقع، وإن كان معنى الأولى يرجع إلى ذلك، ويحمل النفي المطلق على المبالغة، وعلى أن النادر لا حكم له.
إذن، فالخل الوفي موجود، ولكنه نادر وقليل، والإسلام قد حث على الأخوة واتخاذ الأخلاء، فأول ما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد أن اتخذ مسجدا هو مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وقد ضرب الأنصار في ذلك مثلاً لم يسبقوا إليه ولا إخالهم يغلبون فيه حتى قال أبوبكر متمثلاً بأبيات طفيل الغنوي حيث يقول:
جزى الله عنا جعفرا حين أشرفت*****بنا رجلنا في الواطئين فزلت
أبو أن يملونا ولو أن أمنا*****تلاقي الذي يلقون منا لملت.
وفي الحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
ولكن لابد أن تكوة الأخوة والخلة مبنية على أسس صحيحة لتثمر وفاء وإخاء صحيحاً، كما في قوله تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67}. وقوله: ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي {الفرقان: 27-29}.
فإذا بنيت الخلة والصداقة على الحب في الله أثمرت وفاء ونصحاً وصدقاً، وأما إذا بنيت على الشهوات والحظوظ الدنيوية، فإنها سرعان ما تزول بزوال سببها، فما هي إلا: كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا {النور: 39}.
والله أعلم.



منقول
5
542

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

منار 2011
منار 2011
سبحان الله والحمدلله
frawla100
frawla100
سبحان الله وبحمد
نسوني ولا تذكروني
لا اله الا الله
السّفّانة
السّفّانة
جد ان الخل الوفي شيء نادر

اصلا احد يتعامل مع ايامك بوفاء امر نادر

شكراً منار 2011 على اللفتة الواضحة
سيده هذا الكون
جزاك الله كل خير يا منار 2011
على هذا الموضوع