khl

khl @khl

عضوة نشيطة

المـــــؤ مــــن و المعـصـيـــــــــة

ملتقى الإيمان

بسم اللــه الرحمــن الرحيـــم


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :

فإن من آمن بالله واليوم الآخر والجنة والنار وصدق بذلك وأيقن به وقوي إيمانه لا يعصي الله عز وجل ويستمر على معصيته ، ولا يتلذذ بتلك المعصية ، سواءً قبل المباشرة ، أو أثنائها ، أو بعدها ، فإنه عندما يهم بمعصية ما لتزيين الشيطان ونزغه تجده يضطرب وتتغير حاله وتضيق نفسه ، ثم إذا باشرها يشعر وهو يفعل المعصية بسوء العاقبة ، فلا يتلذذ بتلك المعصية ، ثم إذا انتهى منها حلت به الندامة والخسارة ويشعر بالهزيمة النفسية أمام الشيطان ، ويأتيه من الألم أضعاف أضعاف لذة تلك المعصية ، ثم يسارع إلى التوبة إلى الله عز وجل ، ولا يقر له قرار حتى يشعر أنه كفر عن معصيته وتطهر منها ، وهذا ما حدث لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما زل في معصية .


فهذا ماعز رضي الله عنه عندما زنى بالجارية أحس بالندم وتأنيب الضمير فجاء إلى

النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه إقامة الحد عليه ليكفِّر ما فعل ، فرجم رضي الله عنه وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة .وهذه

الغامدية عندما زنت ندمت


ولم يقر لها قرار حتى جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبت منه إقامة الحد عليها ، بل لم تكتف بذلك وإنما انتظرت شهوراً كثيرة استمرت على التوبة وأصرت على إقامة الحد ، حتى وضعت حملها ثم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه التطهير في الدنيا قبل الآخرة ، وهذا الذي وجد امرأة في بستان فقبلها ثم ندم وتحسر ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له : افعل بي ما تشاء ، فأنزل الله عز وجل على
النبي صلى الله عليه وسلم

: ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) . .


فهذه الحوادث تبين قوة إيمان الصحابة رضي الله عنهم حيث أنهم وإن حصل الزلل منهم فلا يصرون عليه بل يتوبون و يتوبون وتكون حالهم بعد المعصية أفضل من حالهم قبلها كما قال عز وجل :
( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .وقوله عز وجل :
( والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) . .
فهذه حالة التقي الذي عرف الله عز وجل ، ولكن .... لا يخلوا بشر من زلل يوقعه الشيطان فيه : .

أما المؤمن ضعيف الإيمان
المسرف على نفسه بالذنوب والسيئات فنقص إيمانه فلم يبق معه إلا أصل الإيمان وخَلُق الإيمان في جوفه ، فهذا ينهمك بالمعاصي والموبقات ، ويصر عليها حتى تعلوا قلبه ، فيسود فلا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، ويتخطفه الشيطان في أودية الشهوات ، حتى يخرجه من الإيمان إلى الكفر والعياذ بالله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
(تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا . فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تعود القلوب على قلبين : قلب أسود مرباداً كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه وقلب أبيض ، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض) . .
يقول ابن قيم الجوزيه رحمه الله تعالى تعليقاً على هذا الحديث : فشبه عرض الفتن على القلوب شيئاً فشيئاً كعرض عيدان الحصير وهي طاقاتها شيئاً فشيئاً ، وقسم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين :
قلــــب إذا عرضت عليه فتنةٌ أشربها كما يشرب الإسفنج الماء ، فتنكت فيه نكتةً سوداء فلا يزال يشرب كل فتنةٍ تعرض عليه حتى يسود وينتكس ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
( كالكوز مجخياً ) أي منكوساً ، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين خطران متراميان به إلى الهلاك :

أحدهما : : اشتباه المعروف عليه بالمنكر فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، وربما استحكم عليه هذا العرض حتى يعتقد المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، والسنة بدعة ، والبدعة سنة ، والحق باطلاً والباطل حقاً .

الثاني : تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانقياده للهوى واتباعه له .

وقلـــــب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان وأزهر مصباحه ، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها فازداد نوره وإشراقه وقوته .

والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها ، وهي فتن
الشهوات والشبهات , وفتن الغي والضلال , وفتن المعاصي والبدع ,
وفتن الظلم والجهل .

فالأولـى توجب فساد القصد والإرادة والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد . أ.هـ كلام ابن القيم رحمه الله .


فهذه هي حالة المؤمن ضعيف الإيمان ، المسرف على نفسه بالذنوب والسيئات ، ولا نجاة له إلا بالتوبة النصوح التي تصوغ القلوب ، كما قال الله عز وجل لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

حادي الطريق




0
365

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️