الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله

الملتقى العام

في مذكرات سابقه نشرت لمعروف الدواليبي وهو الذي عاش فترات التقلبات والحروب العالمية وعاصر الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز، كتب الدواليبي عن حوار دار بين الملك فيصل وشارل ديغول ويبدو أن الملك فيصل كعادته رحمه الله افحم شارل ديغول الذي بهت بفصاحة الملك الشهيد.
والدواليبي سياسي كبير من رجالات سورية المعروفين في العالم العربي والإسلامي، هو دولة الدكتور معروف الدواليبي، أدلى بها دولته استجابة لرغبة بعض إخوانه. وكان البدء في تسجيلها في 7 شعبان 1407ه، الموافق 5 من نيسان (أبريل) 1987. وقد تم تسجيلها في جلسات كثيرة، حسب ظروف الدكتور الدواليبي وفي أثناء وجوده في مدينة الرياض التي كان يغادرها كثيراً، وكانت آخر جلسة للتسجيل في 17 من جمادى الآخرة 1414ه، الموافق 30 تشرين الثاني (نوفمبر) من 1993م.

نص الحوار الذي دار بين الملك فيصل رحمه الله وشارل ديغول حسب ماورد في مذكرات الدواليبي:
قال ديغول: يتحدث الناس بلهجة متعالية أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر. إسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع.

فأجابه الملك فيصل: يا فخامة الرئيس، أنا أستغرب كلامك; إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا أنت! فانسحبت مع الجيش الإنجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلّبتَ عليه. وألمانيا تنتهز الفرصة من وقت لآخر لخلافها معكم على منطقة الألزاس. كلما احتلتها وقف الشعب الفرنسي ينتظر حرباً عالمية ليستعيدها، فلا أنت رضخت للأمر الواقع ولا شعبك رضخ; فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع. والويل عندئذ يا فخامة الرئيس للضعيف من القوي إذا احتلّه القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديغول "أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعا"ً.

فدهش ديغول من سرعة البديهة والخلاصة المركّزة بهذا الشكل، وكان ديغول لم يستسلم ويتراجع، وإنما غيّر لهجته متأثراً بما سمع، وقال: يا جلالة الملك، لا تنسَ أن هؤلاء اليهود يقولون: إن فلسطين وطنهم الأصلي، وجدهم الأعلى إسرائيل وُلِد هناك.


رد الملك فيصل: فخامة الرئيس ..... أنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس. أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غزاة فاتحين، حرّقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، ما تركوا مدينة إلا أحرقوها، فكيف تقول إن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون. وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما عندما كانت تحتل فرنسا والبحر الأبيض كله وإنجلترا أيضاً؟ ونحن العرب أمضينا مائتي سنة في جنوب فرنسا، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها. وهذا مثال تاريخي أيضاً.

قال ديغول: ولكنهم يقولون: في فلسطين وُلِد أبوهم.

رد الملك فيصل: غريب!! عندك الآن مائة وخمسون دولة لها سفراء في باريس، وأكثر السفراء يولد لهم أولاد في باريس، أفلو رجع هؤلاء السفراء إلى بلادهم، ثم جاءت ظروف صار فيها هؤلاء السفراء رؤساء دول، وجاءوا يطالبونك باسم حق الولادة بباريس، فمسكينة باريس، لا أدري لمن ستكون؟!.

هنالك، سكت ديغول، وضرب الجرس مستدعياً بومبيدو، وكان جالساً مع الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون في الخارج، وقال له: الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السلاح المصدَّر لإسرائيل.

وهكذا قُطع السلاح الفرنسي عن إسرائيل منذ ذلك اليوم من عام 1967




0
358

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️