((ستار أكاديمي)) ، ((سوبر ستار)) ، ((بيج براذر)) ، ((عالهواء سوا)) ، ((ضرب خوات)) ، ((صارت معي)) والبقية تأتي
تلك هي الموجة الأحدث من أسلحة الدمار الشامل التي تمطرنا بها الفضائيات العربية،أسلحة لا تحتاج إلى من يفتش عنها، فهي معروضة على الملأ، أسلحة ربما لا تقتل أجسادنا؛لكنها تدمر أخلاقنا ومجتمعاتنا،وتخّرب بيوتنا، وتغتال إنسانيتنا.
إنها نوعية جديدة من البرامج تسمى ((تلفزيون الواقع)).
لجأت إليها الفضائيات العربية بعد أن عجزت عن جذب المشاهدين من خلال المسلسلات الدرامية المدبلجة المليئة بالعري والنخاسة أو المسابقات المزيفة التي تبيع الوهم، فجاءت القنوات تكرر بعضها بعضاً حتى إن بعض المسلسلات الدرامية كانت تعرض في أكثر من 5 قنوات في الوقت نفسه!!.
استنسخوها من تلفزيونات الغرب بعد أن ملّوها هناك، وأتوا بها يعرضونها علينا بضاعة مزجاة.
وذلك بسبب الأزمة الكبيرة التي تعانيها معظم الفضائيات العربية التي أفلست قبل أن تولد عندما حسب القائمون عليها أن القناة الفضائية مجرد أستوديو وتردد يتم شراؤه من أي قمر صناعي ولم يقيموا بالاً للمضمون الذي ستقدمه تلك القناة.
فضائيات كثيرة نظرت إلى برامج ((تلفزيون الواقع)) كمنفذ لها من الإفلاس.
فهي لا تكلف شيئاً، مجرد مجموعة من الشباب والفتيات يعيشون في فيلا يغنون أو يرقصون، أو مجموعة من الفتيات يعشن في مكان واحد يعرضن أنفسهن للزواج ؟؟!!! وعلى المشاهدين أن يصوتوا بالهاتف، لاستبعاد واحد أو واحدة من المسابقة سواء أكانت غناء أو عرض زواج.
بالمعايير الفنية البرامج سطحية، وبالمعايير الأخلاقية، هي فضيحة بكل المقاييس:فما الإبداع في التلصص على شباب وفتيات يعيشون معاً ومتابعة حياتهم طوال اليوم، وما هو المسوّغ الشرعي الذي أحل لهؤلاء أن يناموا ويقوموا ويأكلوا ويشربوا معاً في بيت واحد!!؟؟؟
برنامج ((ستار أكاديمي)) الذي استنسخته الفضائية اللبنانية LBC من برنامج فرنسي،وتلقى هذا البرنامج في الفضائية اللبنانية << سبعين مليون اتصال هاتفي >> طبقاً لإحصاءات الاتصالات العربية منها 23 مليون من مصر و 18,5 مليون من لبنان و 17 مليون من سوريا و 4 ملايين من السعودية و 1,2 مليون من الإمارات.
هذا الإقبال أغرى المتنافسين من الفضائيات على الهرولة في هذا الطريق، سيما وأن الأمر لا يكلفهم شيئاً، فأعلن تلفزيون المستقبل في أول مارس 2004 بدء الجزء الثاني من برنامجه ((سوبر ستار))، أما تلفزيون MBC فقد أعلن أنه سينتج برنامج ((بيج براذر)) في نسخته العربية باسم ((الرئيس)) في البحرين في خطوة تكشف أن شباب الخليج على رأس الجمهور المستهدف لهذه البرامج،وبالفعل بثت القناة أولى حلقات البرنامج ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، لأن البرلمان شهد استجواباً لوزير الإعلام اعتراضاً على ما شاب البرنامج من اختلاط الجنسين وما تخلله من تقبيل أحد الخليجيين لإحدى المشاركات العربيات. وتبع الاستجواب اعتصام احتجاجي نظمته جمعية المحرق وشارك فيه ثلاثة آلاف شخص ضمنهم القيادات الإسلامية السنية الذين رفعوا عريضة إلى الملك مطالبين بوقف البرنامج، وتم إيقافه.
وأما شبكة راديو وتلفزيون العرب ART دخلت المنافسة على برامج ((تلفزيون الواقع)) بطريقتها فخصصت قناة باسم ((عالهواء سوا)) لتضاف إلى قنوات الأغاني والأفلام والمسلسلات. وتقوم القناة بعرض الفتيات في سوقها الفضائي في فيلا لا يغادرنها طوال ثلاثة أشهر وفي بث مباشر 24 ساعة؟؟!!!. لدعوة الجمهور للتصويت على الفتاة المناسبة للزواج، وتتولى تمويل حفل زواج الفتاة الفائزة.
لـــــــــــــــــمــــــــــــــــــــــاذا؟؟
في البحث عن تفسير لهذا التسابق نحو برامج ((تلفزيون الواقع)) تواجهنا حقيقتان:
أولاً: بحث الفضائيات عن مصادر للدخل غير الإعلانات التي لا تكاد تكفي.
ثانياً: الأمر يتعلق بجمهور الشباب العربي الذي يعيش واقعاً مؤلماً يكاد يخلو من مشاريع كبرى تستنهض وتستلهم وتنظم طاقاتهم، فهم مهمشون اجتماعياً عاطلون اقتصادياً، الكل يتحدث عنهم لكن قلّ من يفهمهم، فجاءت هذه البرامج لتقدم إليهم واقعاً زائفاً يهرب به من واقعه، فمن المؤلم أن برامج ((تلفزيون الواقع)) تخلو تماماً من واقع مجتمعاتنا التي لم تعرف بعد شباباً وفتيات يعيشون تحت سقف واحد وفي مكان واحد بلا رابط شرعي بين الشاب والفتاة، فحتى الأسر المتحررة في البلدان العربية لا تقبل مثل هذا النمط من السلوك، وكأن هذه البرامج تبشرنا بأننا على أبواب مجتمع ((البوي فرند)) و ((الجيرل فرند)) الشائعة في الغرب حيث يتعاشر الشاب والفتاة بلا زواج!
ويقول أحد الشباب: ((أزياء المشاركين والمشاركات وقصات شعرهم أصبحت أكثر انتشاراً، القبلة بين الشباب والفتيات كانت أمراً مستهجناً لكنها مع توالي حلقات برنامج ((ستار أكاديمي)) أصبحت أمراً عادياً)).
في برامج ((تلفزيون الواقع)) يبدو المشاركون كعرائس متحركة- دمى- تتصرف في حركات مدروسة لا تعكس أي شخصية، ينحصر دورهم في إشباع تشوقات التلصص واختراق الخصوصية لدى المشاهدين وإبقائهم أطول مدة ممكنة أمام التلفاز، حتى ولو كان ذلك يعني استقالتهم عن ممارسة الأشياء التي تعطي لحياتهم معنى مكتفين بواقع مزيّف تقدمه هذه البرامج.
أفيقوا يأيها الشباب والفتيات من هذه الغفلة فأنتم المستهدفون لأن غرضهم مادي بحت ولم يفكروا فيكم أبداً.
وربما تنجح الفضائيات العربية في تجاوز- أو تأجيل- أزمتها المالية عبر تلك البرامج التي تكتفي بكاميرا و منزل فيه مجموعة شباب وفتيات، بعدها تنهال الاتصالات، لكنها تترك أثراً اجتماعياً سيئاً للغاية في خلخلة قيمنا الاجتماعية ونسف معاييرنا الأخلاقية حول اللائق وغير اللائق والحلال والحرام، والمحترم والمشين في سلوكنا، هذا غير القصص التي سمعنا بها من تأثير هذه البرامج اللعينة علينا في إفساد بناتنا وأبنائنا وأزواجنا التي جعلت أمتنا العربية تعيش في ظرف عصيب للغاية.
أسأل الله العظيم أن يخلصنا من هذه البرامج وهذه الفضائيات التي أخربت بيوتنا وجرفت أنفسنا إلى درب الهلاك والضياع في الدنيا والآخرة.
LOLITTA
Lolitta @lolitta_1
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة