الناس والفرصة

الملتقى العام

الناس والفرصة

من أبسط التعاريف التي توصلت لها لمفهوم الفرص ، هي مجموعة من العوامل المحيطة بالفرد والتي تجعله ينعم بحياة أفضل عند استغلاله لها . و لعلنا نتفق أن كثير من الناس يشتكي من قلة الفرص الجيدة في هذه الحياة وفي هذا العصر بالتحديد ، ولكن .. بعد الغوص في أغوار هذه الشكوى المزمنة عرفت أن كثير من الناس لديهم مفهوم ضبابي للفرص وتعاملهم مع الفرص لا يخرج عن الأقسام الأربعة التالية:

* القسم الأول: تأتي له الفرصة الأولى والثانية ولكن ينتظر الثالثة وعندما تأتي الثالثة يقول بالتأكيد الرابعة أفضل فينتظر وينتظر تأتي له إلى باب داره ، ويجب أن تكون مفصلة عليه تفصيل دقيق كالثوب الجميل فينتظر وينتظر .

* القسم الثاني: ينتظر الفرصة

* والقسم الثالث: من الناس يرى الفرصة بعيدة ً عنه ؛ فيذهب لها مسرعاً ويقتنصها ويستغلها .

* القسم الرابع: من الناس يخلق الفرص ويصنعها ويستغلها .

فلو نظرنا لحال القسم الأول ( المنتظرون ) لوجدنا أن النتيجة الحتمية لما يقومون به : أنه سوف يأتي اليوم الذي تنعدم فيه الفرص والعوامل المساعدة ويتمنون عودة أي فرصة من الفرص السابقة ، وأمثال هؤلاء نجدهم بكثرة في مجتمعنا ، ولسان حالهم يقول : ألا ليت الشباب يعود يوماً ، رغم أنهم على يقين أنه لن يعود لهم شبابهم ولا فرصهم التي ذهبت لغيرهم.

ولو مررنا على أصحاب القسم الثاني ( المتشرطون ) لوجدناهم أفضل حال من سابقيهم؛ لأنهم في حالة تأهب لأي فرصة قادمة لكي تستغل . لكنهم لم يكلفوا أنفسهم أن يتقدموا ولو بخطوات بسيطة إلى اليمين أو إلى اليسار؛ للبحث عن الفرص التي كانت حولهم ، ولكن كانوا ينتظرونها عند أبواب منازلهم ، وفي كثير من الأحوال لا تأتي لهم؛ فيكون حالهم قريب من حال القسم الأول, وربما تصيبهم بعض الأمراض النفسية ، ويصبحون حاسدين في هذه الأرض ، ودائماً نسمع منهم عبارات مكررة مثل قولهم : " والله هذا الوزير كان معي في الفصل "، ثم يلعن الحظ الذي جعل من زميله وزيراً وهو موظف بسيط ، وآخرون يقللون من كل ماهو ناجح أو مميز ويعزون هذا النجاح والتميز للواسطة !!

ولو وقفنا قليلاً عند القسم الثالث من الناس ( القناصون ) لوجدناهم أفضل من سابقيهم ، حيث أنهم تحركوا بخطوات إلى اليمين وإلى اليسار، بل وإلى الأمام و الخلف بحثاً عن الفرص لكي تستغل وتجعلهم يتقدمون خطوات نحو الأفضل ، و لكن قد يطول البحث بهم ويذهب العمر في البحث، وفي النهاية قد يجدون فرص وقد لا يجدون ، أو ربما تسلل اليأس إلى قلبوهم في منتصف الطريق فتوقفوا.

ولو فكرنا في حال القسم الرابع من الناس ( المبتكرون ) لوجدناهم هم المطمح والمطمع والمأمول والصالحون لهذا العصر وفي كل العصور؛ فهم لا ينتظرون الفرص من غيرهم بل هم من يختلقون الفرص ويبتكرونها ويستغلونها في كل مكان ، ويحصلون عليها من كل زاوية يتواجدون فيها . وهذه من صفات الناجحين عبر التاريخ ؛ فلو نظرنا إلى سير المخترعين وأصحاب الريادة في تخصصاتهم أو تجاراتهم لوجدناهم من أبناء هذا القسم الذين يبتكرون ولا ينتظرون , وأمنيتي أن يكون أعضاؤه من أبناء وطني الحبيب ,ومن شبابنا المبتعثون الذين تجاوزا القسم الأول والثاني بمجرد وصولهم هنا للدراسة ، ولكن أتمنى أن لا يكونوا من أعضاء القسم الثالث بعد عودتهم للوطن بل يقفزون للقسم الرابع ويكونوا صانعي فرص وليس مستهلكي فرص .


للدكتور/ صلاح صالح معمار
2
532

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الشيخه لولوه
الشيخه لولوه
ما في احد عجبه الموضوع

علشان يعلق
umrayyan
umrayyan
موضوع جمييل
كان نفسي اكون من الفئة الرابعة
بس شكلي طلعت من الناس القناصة:)
مشكوورة عزيزتي