الناطقون الأمريكيون يخافون" بسبب " أبو ظبي " و " الجزيرة "

الملتقى العام

ربما يكون أحد الفروقات بين الجزء الأول من حرب الخليج عام 1991 ونظيره الجزء الثاني عام 2003 عدم وجود استثمارات عربية في الميديا الإخبارية كما هو الحال الآن مع قناة "الجزيرة" و"أبوظبي" و"العربية".
اليوم نجد الموت على الهواء مباشرة حصريا على أكثر من قناة: "أبو ظبي", "الجزيرة", "العربية". وأصبحت كلمة "خبر عاجل" مقلقة للإدارة الأمريكية, وهي الكلمة ذاتها التي تدفع الناطقين باسم البيت الأبيض والبنتاجون إلى نفيها بـ"تصريح عاجل" أيضا على الرغم من كونها حقيقة مرئية. في عام 1991 لم تكن هناك تلفزة عربية تعمل على نقل ما يحدث بشكل حي لا يمكن طعن مصداقيته , كما هو الحال مع الضحايا المدنيين في مدينة البصرة العراقية حيث تم الطعن بمصداقية الخبر من قبل المتحدثة باسم البنتاجون فكتوريا كلارك على الرغم من الصور التي بثتها التلفزة العربية. ولقد نقلت "الجزيرة" ونظيرتها "أبو ظبي" تصريح كلارك في شاشة, وصور الضحايا المدنيين في شاشة منفصلة, تأكيدا على الانفصام الإعلامي الذي تعانيه الإدارة الأمريكية في نفي حقائق لا يمكن نفيها. إلا أن الذهنية الإعلامية الأمريكية معتادة فيما يبدو على تفريغ الكاميرا من حياديتها, وتحميلها رؤية حاملها وناقلها مثل حال "سي إن إن" وإخوانها الممنوعين حاليا من نقل صور تعكس بشاعة الحرب على العراقيين خوفا من الرأي العام في واشنطن. إلا أن الذهنية تلك ليست محصورة فقط في الظروف الحربية, إنما هي فلسفة تمتد باختلاف الظروف إلى مناطق أخرى مثل قيام "سي إن إن" باستخدام الكومبيوتر لحذف مشهد طفلة فلسطينية, وقد قام تلفزيون هولندي بإجراء مقارنة بين الخبر في "سي إن إن" والخبر المبثوث لديها مؤكدة تلاعب الأولى بالحقيقة خوفا من تعاطف الرأي العام مع الطفلة التي كانت جميلة جدا . ولقد هاجمت الإدارة العسكرية متمثلة في رامسفيلد وجوني أبي زيد جميع القنوات العربية التي قامت ببث صور الأسرى الأمريكيين من التلفزيون العراقي تحت دعوى "اتفاقية جنيف" التي توجب احترام حقوق الأسرى بعدم تصويرهم. وفي المقابل نسيت ما قامت به من سماح للقنوات العالمية بتصوير أسرى "القاعدة" في معتقل جوانتانامو . ويمتد غضب رامسفيلد وزير الدفاع على ريتشارد آنجل مراسل محطة "إيه بي سي" الذي قال " إنني أشاهد دمار نصف بغداد". مع لقطات تلفزيونية تظهر بغداد وفوقها سحابة من الدخان. وقال رامسفيلد "إن النقل التلفزيوني يشوه الحقيقة عندما يتعلق الأمر بتغطية الحروب, مشيرا إلى أن ما ينقل هو فقط ما يمكن لتلك الكاميرا مشاهدته في إطار ضيق". وأضاف "أن ما نراه ليس الحرب في العراق, إنما شرائح من الحرب تمر من خلال نشرات المراسلين".
إلا أن الحقائق التي تبثها القنوات العربية لا تشوه الحقائق بشرائح صغيرة من كعكة الحرب, بل على العكس التشويه يأتي من الجانب الأمريكي حيث إن جميع مراسلي القنوات الأمريكية المهمة مرافقة ضمن قوات الجيش الأمريكي على أكثر من جبهة, وكل شريط يتم تصويره تحت مسمى "سبق تلفزيوني" يجب المرور على القيادة العسكرية لتصفيته من المشاهد التي لا تتناسب مع سياستها . وأما ما يتم نقله أمريكيا من القنوات العربية فهي مشاهد مختارة بعناية من قبل إدارة القنوات, حيث لم يعرض مثلا صور الضحايا المدنيين العراقيين في البصرة كي يترك المجال للجيش الأمريكي في المناورة الصحفية والنفي , وفي حالة انفضاح الأمر في وسائل إعلام أخرى يقولون "نحن لا نعرض صورا مؤذية للمشاهد", وهنا يحدث الانفصام مرة أخرى لأنهم يعرضون صورا مؤذية إذا كان الأمر يتعلق فقط بالمدنيين الإسرائيليين الذين يقتلون في عمليات استشهادية فلسطينية . ما يحدث الآن في المشهد الإخباري العربي مفاجئ للإدارة الأمريكية التي اعتادت فرض رؤيتها الأحادية دائما مثلما حدث في حرب عام 91 . فالميديا في المفهوم الأمريكي جسدته مراسلة قناة "فوكس" في الكويت حيث قالت It is a Television War Against Iraq أي " إنها حرب تلفزيونية أيضا ضد العراق". لذلك يكره رامسفيلد نشرات الأخبار العربية لأنها تلخبط أوراقه, ولا تعطيه الفرصة الكاملة لفرض خطابه " السياعسكري " ذي النزعة المهيمنة في اللغة. هو الآن خطابه الإعلامي "مكسور الخاطر" يريد أن ينفي وينفي مهما كانت الحقائق مرئية على التلفزيون.

المصدر :جريدة الوطن
2
468

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

~ الحنونه ~
~ الحنونه ~
زين هذه الحسنه الوحيده لهذه القنوات :)
عيوشه
عيوشه
مشكوره اختي Om3aziz
موضوع مهم فعلا