كم من الوقت تقضينه مع صديقاتك في الحديث عبر الهاتف؟ وما هي الموضوعات المفضلة في الحوارات الهاتفية؟ وهل تشعرين بالملل من قضاء وقت طويل في الحديث عن الآخرين؟ وهل حواراتك الهاتفية تضايق زوجك أو تشغلك عن بعض واجباتك تجاه بيتك وأولادك؟ وهل يمكن أن يمر يوم أو يومان من دون حوار مع إحدى صديقاتك ولا يسبب ذلك ضيقاً لك؟
هذه التساؤلات طرحتها إحدى الباحثات على 2000 سيدة في محاولة لمعرفة مدى حرص المرأة العربية على الغيبة الهاتفية.
كشفت إجابات السيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و45 سنة عن إدمان السيدات للأحاديث الهاتفية، وأوضحت أن موضوع هذه المكالمات غالباً ما يكون بهدف التسلية وشغل وقت الفراغ؛ نتيجة الشعور بالكبت والإحباط من زيادة حدة المشكلات الأسرية اليومية.
طرحنا نتائج هذه الدراسة على عدد من العلماء والخبراء لتوضيح أبعاد الغيبة والنميمة الهاتفية وتأثيرها في العلاقات الزوجية والاجتماعية.
السيدات أنواع:
** ضحى السيد- مدرسة بالمرحلة الثانوية- تقول: في الحقيقة أنا لا أجد وقتاً طويلاً للحديث مع صديقاتي عبر الهاتف، لأنني لا أملك وقت فراغ، وأعتقد أن كل امرأة تدمن الأحاديث التليفونية هي بالأساس تشعر بالوحدة والفراغ, وغالباً ما تكون غير عاملة؛ فالمرأة العاملة لا تشعر بفراغ مطلقاً لأنها تقضي معظم الوقت في إنهاء واجباتها الوظيفية والأسرية.
** نادية خليفة تخالف ضحى وترفض وصف المحادثات الهاتفية مع الصديقات بالغيبة والنميمة، وتقول: الغيبة والنميمة أكثر في أماكن العمل، حيث يقضي العاملون وخاصة الجالسين على المكاتب وقتاً طويلاً في الحديث عن الآخرين والأخريات. أما المحادثات الهاتفية، فليس من الضروري أن تكون بهدف الغيبة والنميمة، بل قد تكون في أحوال الأسرة وشؤون المطبخ والأولاد، وقد تكون في أمور تهم الأسرة وقضاء الواجبات الاجتماعية كالتهنئة في المناسبات السعيدة والمشاطرة في الأحزان لذلك أرى أنه لا يجوز توجيه اتهامات عشوائية للمرأة التي تتفرغ لرعاية أولادها وزوجها ووصفها بأوصاف لا تليق لأنها تضحِّي من أجل سعادة أسرتها.
** ولاء مجدي ترى أن من حقها أن تقضي بعض الوقت في الحديث مع صديقاتها للترويح عن النفس أو للتشاور في بعض الأمور وإلا أصيبت باكتئاب، ومن الطبيعي أيضاً أن يتطرق الحديث عن بعض الصديقات أو الأقارب، وما دمنا لا نتحدث عنهم بسوء، ولا نشوِّه صورتهم فلا حرج في ذلك.
الفراغ السبب الأول:
الدكتور أحمد المجدوب - أستاذ علم الاجتماع - يؤكد أن النميمة جزء من شخصية المرأة لأنها تميل إلى الكلام في شؤون الآخرين حتى تظهر بأنها مطلعة وعندها علم بكل شيء، ويقول: للأسف هذه النميمة لا تتصف بها المرأة التي لا تعمل فقط، وإنما توصف بها المرأة العاملة أيضاً، لأنها تهمل في عملها ولا تجد ما تفعله فتجلس مع زميلاتها يخضن في سيرة الجميع، ويروجن الشائعات ويختلقن الحكايات، والنميمة لاشك هي وليدة الفراغ القاتل وعدم البحث عن عمل مفيد.
ويضيف: هذا فضلاً عن زيادة الأعباء النفسية التي تدفع الإنسان إلى لهروب من حياته ومشكلاته إلى الخوض في سير الناس، ويؤكد د. المجدوب: النميمة من الأمراض الاجتماعية الفتاكة، التي ترتبط بمجموعة أخرى من الخصال السيئة، مثل الحقد والحسد والجبن والنذالة، لأن الشجاعة تجعلنا نواجه الآخر ولا نتحدث عنه من وراء ظهره، ولكن المؤسف حقاً أننا أصبحنا ننظر إلى النميمة على أنها تسلية، فلا نستنكر الشخص النمَّام ولا نرفض سلوكه، وهذا يعتبر انحداراً أخلاقياً رهيباً، لأننا نقبل الصفات السيئة ونعتبرها نوعاً من أنواع التسلية، وهذا ما يجعلها تستشري في المجتمع، وتؤدي إلى تدمير قيمه وأخلاقياته.
إن استنكار شخصية النمَّام وسلوكه، قد يجعله يتوب عن هذه العادة الذميمة، ويعطي تنبيهاً وتحذيراً للآخرين من محاكاته حتى لا يُنبَذوا مثله، فنحمي المجتمع من انتشار مثل هذه العادات الاجتماعية الخبيثة.
غياب الوازع الديني:
الدكتورة سعاد صالح - أستاذة الفقه - ترى: أن الفراغ هو السبب الأول في هذه الظاهرة لدى النساء، ثم إن انعدام الوازع الديني لديهن جعل النميمة والثرثرة ليست بالخلق البغيض في نظر بعضهن وتقول "الغيبة أن يذكر المرء أخاه بما يكره سواءٌ كان في دينه أم بدنه أم دنياه، وهذا بالطبع سلوك غير مقبول في الإسلام، لقول الله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
وترى د. سعاد صالح أن المرأة غير العاملة هي غالباً ما تكون الثرثارة ومكالماتها الهاتفية طويلة، وذلك لأنه يصبح عندها مسؤوليات قد تفوق الرجل، لأنها تتحمل مثله تماماً عبء العمل وتتحمل أعباء منزلية وأسرية أكبر؛ فازدواجية عمل المرأة داخل البيت وخارجه استنفذت لديها جزءًا كبيراً من وقتها وطاقتها.
والمسلم إذا كان مطالباً بحماية نفسه من رذيلة النميمة، فهو مطالب أيضاً بمحاربتها وبتضييق الخناق على النمَّامِين وذلك بعدم تصديق النمام، فهو فاسق كما حكم الله عليه، حتى لو كان كلامه صادقاً، فإن إرادة الإفساد والسوء سلبت عن الكلام صفة المدح والقبول قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وتصديق الشخص النمام يعتبر تشجيعاً له على الثرثرة، والمشجع له شريك في الذنب، وتصديقه يفصح عن الرضا عن عمله، وهذا الرضا يظهر دخيلة النفس من حبها للشر والفتنة، كما يحب النمام تماماً، وشبيه الشيء منجذب إليه، ولولا أنه يعلم هذا المعنى فيه ما سعى إليه بالنميمة، والمؤمن الكامل يجب أن يتبرأ من هذا العبث.
مننننننننننققققول
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

عاشقة تراب الجنه1
•
سلمت يداااك الله يعطيك العااافيه يااارب

الصفحة الأخيرة