إن من نعم الله-عز وجل- على العبد أن يكون له واعظ من نفسه يزجره،إذا قصر في طاعة الله-عز وجل-أو تجاوز حده بمعصيته، إن النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على تقصيره لهي من نعم الله - تبارك وتعالى – على العبد..
النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها، وتتلفت حولها، وتتبين حقيقة هواها، وتحذر خداع ذاتها لهي النفس الكريمة على الله، حتى ليذكرها مع يوم القيامة (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللومة) ثم هي الصورة المقابلة للنفس الفاجرة..
قال ابن كثير: وأما النفس اللوامة فقال قرة بن خالد عن الحسن البصري في هذه الآية: إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه. ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، وإن الفاجر يمضي قدماً قدماً ما يعاتب نفسه.
وقال ابن عباس: هي النفس اللؤوم وقال أيضاً: اللوامة المذمومة، وقال قتادة: اللوامة: الفاجرة. قال ابن كثير: قال ابن جرير: وكل هذه الأقوال متقاربة بالمعنى والأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات.
وقال القرطبي: ومعنى النفس اللوامة: أي بنفس المؤمن الذي لا تراه إلا يلوم نفسه يقول: ما أردت بكذا؟ فلا تراه إلا وهو يعاتب نفسه. وقال مقاتل: هي نفس الكافر يلوم نفسه ويتحسر في الآخرة على ما فرط في جنب الله. وقال الفراء: ليس من نفس محسنة أو مسيئة إلا وهي تلوم نفسها؛ فالمحسن يلوم نفسه أن لو كان ازداد إحساناً، والمسيء يلوم نفسه ألا يكون ارعوى عن إساءته.
أيها الأحبة: إن النفس اللوامة: هي التي تنورت بنور القلب، قدر ما تنبهت به عن سِنَة الغفلة، وكلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها أخذت تلوم نفسها.
وكذلك عليه أن يحاسب نفسه ويلومها:على أمر مباح، أو معتاد: لِمَ فعله؟ وهل أراد به الله والدار والآخرة؟ فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا وعاجلها، فيخسر ذلك الربح ويفوته الظفر به.
وهذا نموذج رائع جداً للوم النفس وعتابها من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه – وكان من كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،قال: لقيني أبوبكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال:سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً.. قال أبوبكر: فو الله، إنا لنلقى مثل هذا؛ فانطلقت أنا وأبوبكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك. تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيراً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات) . فحنظله حاسب نفسه ولامها حتى قال عن نفسه (نافق حنظلة).
والنفس قد تكون لوامة أو أمارة أو مطمئنة كما ذكر ذلك ابن القيم حيث قال: والنفس قد تكون تارة أمارة، وتارة لوامة، وتارة مطمئنة، بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا وهذا وهذا، والحكم للغالب عليها من أحوالها، وكونها مطمئنة وصف مدح لها. وكونها أمارة بالسوء وصف ذم لها. وكونها لوامة ينقسم إلى المدح والذم، بحسب ما تلوم عليه.
اللهم اجعلنا ممن يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا، ويزنون أعمالهم قبل أن توزن عليهم، واجعلنا من المتقين المصطفين الأخيار
للأمانة منقول باختصار
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️